​الحرب تكشف اختلال منظومة التمويل اليمنية

> محمد راجح

>
أعاق استخدام الاقتصاد كسلاح سياسي في النزاع اليمني بالإضافة إلى الإجراءات واللوائح القمعية والترسبات والمشاكل المزمنة، قطاع التمويل المالي.

لا يشارك معظم سكان اليمن في القطاع المالي المنظم، وحتى قبل عام 2015، كان فقط ما يقرب من 55 في المائة من اليمنيين يمتلكون حسابات بنكية.

طوال السنوات الماضية عجز اليمن عن تبني مناهج عملية تجريبية للشمول المالي تجمع بين الأساليب اليمنية التقليدية وتقنيات التمويل اللامركزية الناشئة، وفقًا للمتابعين للملف، إضافة لضعف اتخاذ خطوات عملية لتشجيع قطاع مالي أكثر تشاركية وريادة للأعمال بعيدًا عن المراكز المالية الغنية في المدن.

ويلفت الخبير المالي والاقتصادي إبراهيم العلفي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى ما رافق هذا الصراع من سوء استخدام للموارد المالية وإهمال المشروعات الصغيرة والأنشطة الاقتصادية المجتمعية التي افتقرت للتمويل، خصوصاً ما يتعلق منها بالمشاريع الخاصة بالإنتاج الغذائي.

إذ كان هناك عدد كبير من الشباب المؤهل والقادر على إدارة مشاريع صغيرة ومتوسطة في الزراعة أو في أي قطاع اقتصادي آخر، إلا أنه بقي في عداد البطالة المتضخمة بسبب ضعف خطوط التمويل الآمنة والمجدية للعمل وإدارة المشروعات الخاصة.

وأدركت الحكومة اليمنية متأخرة أهمية تنمية هذا القطاع في مواجهة الأزمات الاقتصادية والغذائية التي وجدت صعوبة في مواجهتها والتعامل معها، إذ يؤكد خبراء مصرفيون في البنك المركزي اليمني حاجة اليمن إلى بناء قاعدة متينة للتمويل الأصغر في البلاد بعد إقدام البنك على تحديث وتطوير شروط ومتطلبات مزاولة هذه المهنة.

يرى عبد الرقيب الوصابي، وهو مدير مشاريع في مؤسسة خاصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، أن دعم المشروعات الصغيرة الزراعية كان له أثر بالغ على المجتمعات الزراعية وتشغيل أياد عاملة في قطاع اعتاد أن يكون في طليعة القطاعات التشغيلية في اليمن، وذلك بالرغم من محدودية التمويلات التي تم توظيفها والمساحة الجغرافية التي وصلت إليها، إضافة إلى الفترة الزمنية التي لا تزيد عن عامين بعد بروز بعض المؤسسات المالية والتمويلية التي ركزت دعمها على القطاع الزراعي في اليمن.

ويتحدث لـ"العربي الجديد"، عن تمويل بعض المشروعات في مجال زراعة البن بدلًا من القات في أكثر من منطقة يمنية، ومشاريع تمويل لتوفير الطاقة الشمسية لدعم المزارعين وتنمية المحاصيل.

ويفتقر اليمنيون إلى طرق آمنة لإيداع الأموال بسبب الانقسام المالي وفارق سعر الصرف بين المناطق، في حين يمتد انعدام الثقة في القطاع المالي والنقدي من الأفراد إلى المؤسسات، حيث إن أكثر من نصف الشركات تعمل خارج القطاع المالي المنظم.

بدوره، يوضح الباحث الزراعي أصيل القدسي لـ"العربي الجديد"، أن القطاع المصرفي اليمني والتمويلات الدولية لم تول أي اهتمام لدعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر التي تستوعب أيادي عاملة وتساهم في التخفيف من الفقر والجوع. كما أن توظيف التمويل المالي بشكل أمثل في عملية تنمية ودعم الزراعة في اليمن، وفق القدسي، يعتبر ضرورة قصوى بالنظر إلى أن اليمن يستورد 90 في المائة من احتياجاته الغذائية الأساسية التي ارتفع سعرها بشكل حاد مع انخفاض قيمة الريال مع بداية الصراع في اليمن.

كما تضاعفت كلفة المعيشة في ظل الصراع وزادت الحاجة للعمل المطلوب لإطعام أسرة مكونة من سبعة أفراد لمدة شهر من 48 إلى 80 ساعة، في حين انخفضت مستويات التوظيف بحوالي 60 في المائة.

ويمثل الوصول إلى التمويل والحصول على الأرض الصالحة للزراعة من العوائق الرئيسية التي يشكو منها اليمنيون وتمنعهم من إنتاج الغذاء محليًا.

ويقول تقرير رسمي اطلعت عليه "العربي الجديد"، إن عدم الحصول على التمويل هو العامل الرئيسي الذي يعوق زراعة الأغذية محلياً في اليمن، حيث يمكن لشبكات التمويل عبر التقنيات الحديثة والحصول على التمويل اللامركزي أن توفر مدخلًا حاسمًا للاستثمار ومخزونًا للقيمة دون الحاجة للجوء إلى المؤسسات الحكومية غير الموثوق بها في اليمن. كما يمكن لشبكات التمويل أن تدعم المجتمعات المهمشة للحصول على الفرص والموارد المالية على الرغم من المعوقات الاجتماعية.

ويمتلك اليمن قطاعًا ناشئًا للتمويل الأصغر، حيث نمت أصول بنوك التمويل الأصغر بنسبة ضئيلة طوال السنوات الماضية منذ العام 2018، بمقابل ارتفاع نسبة مساهمتها في هيكل أصول البنوك، الأمر الذي يمكنها من تحسين فرص تمويل الأنشطة الصغيرة والأصغر والمساهمة في الحد من البطالة والتخفيف من الفقر.

لكن مع ذلك، يقوم القطاع المصرفي اليمني بدور متواضع في تمويل الأنشطة الاقتصادية مقارنة بكثير من الدول العربية، إذ تشكل نسبة الائتمان المصرفي المقدم للقطاع الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 9 في المائة، في حين أن تلك النسبة في الدول العربية تتجاوز 45 في المائة، بحسب التقارير الرسمية.

ويقتصر انتشار فروع البنوك في اليمن على المناطق الحضرية بينما يعيش 70.8 في المائة من السكان في المناطق الريفية، وهو ما يعيق وصول شريحة كبيرة من السكان إلى الخدمات المصرفية.

وشهدت السنوات الثلاث الماضية تحسن مؤشرات التمويل الأصغر مقارنة بالسنوات الأولى، إذ يعول على مؤسسات التمويل الأصغر القيام بدور حيوي من خلال تقديم الخدمات المالية الملائمة التي تشجع على الادخار وتمنح القروض اللازمة لذوي الدخل المحدود.

"العربي الجديد"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى