​نقص المعلمين وتزايد أعداد الطلاب كارثة تهدد مدارس عدن

> تقرير: جمال مسعود علي

> نُقص المعلمين خطرٌ يداهم مدارس العاصمة عدن، ويهدد بإيقاف وتعطيل العملية التعليمية في عدد من المدارس التي أصبح البديل والمتعاقد هما الكادر الذي تعتمد عليه في تسيير العمل، فيما عجزت مدارس أخرى عن توفير معلمين وسط تزايدٍ مخيفٍ في أعداد الطلاب، إذ يصل عدد الطلاب في الشعبة الدراسية الواحدة إلى 120 طالبا تقشفًا بالمعلمين الذين لا يكفي عددهم لتغطية جميع الفصول في وقتٍ واحدٍ.

حقارة المرتبات الحكومية تدفع المعلمين للتسرب إلى المدارس الخاصة

الكارثة ليست بسبب إيقاف التوظيف وتزايد أعداد الطلاب فحسب، بقدر ماهناك فساد وتَسَيُّب في  بعض مكاتب التربية أدَّى إلى تفريغ كثير من المعلمين وتحويل آخرين إلى العمل الإداري في المكاتب، علاوة على تسرب المعلمين إلى المدارس الأهلية والخاصة بسبب حقارة المرتبات الحكومية.. "الأيام" التقت عددًا من التربويين واستطلعت آراءهم حول هذه المعضلة وسبل مواجهتها لتسيير التعليم في أدنى صوره على الأقل.

في البدء يؤكد رئيس مجلس الاباء وعضو في برنامج التطوير المدرسي والناشط المجتمعي في قطاع التعليم، هشام خالد شيباني، أن للمعملم دورٌ اساسيٌ في صناعة المستقبل والنهوض بأي مجتمع قائلا: "بالتعليم والمعلم تنهض الأمم و تزدهر المجتمعات ، فحين يتحصل المعلم على حقوقه كاملة، وحياة كريمة يستطيع حينها أن يعطي كل ما عنده ويبدأ ويعمل بذمَّة وضمير وكما يقال (فاقد الشيء لا يعطيه) إن أكرمت المعلم سوف يعطيك أفضل ما لديه ،  فالمعلم هو من يصنع الطبيب و المهندس و الجندي و القاضي ببساطة هو من يصنع لنا المستقبل".

ويضيف"فمنذ عام 2012 م لم يُرفد قطاع التربية والتعليم بأي كوادر جديدة لتحل محل المعلمين الذين استوفوا سنوات خدمتهم ومنهم من وافاه الأجل وللأسف لاتوجد عملية إحلال ولا درجات وظيفية جديدة والعجز في عدد المعلمين يزداد كل عام دراسي.. كما لاتوجد دورات لتأهيل المعلمين الجدد وفق معايير جودة التعليم إضافة الى معضلة تدني مستوى الأجور مع متطلبات المعيشة على الواقع المعاش. وهنا لا ننكر دور بعض الإدارات التعليمية في بعض المديريات بإيجاد معالجات لقضية نقص الكادر التعليمي بإيجاد بدائل ومتطوعين بالأجر اليومي لسد العجز الحاصل في الميدان بحهود ذاتية، صحيح أن ذلك الإجراء مخالف للوائح والنظم المعمول بها ضمن استراتيجيات الوزارة لكنه يصلح كمعالجة مؤقتة إلى أن يتم حلحلة هذا الملف بطريقة ما أو بأخرى ".

10 سنوات دون توظيف معلمين جدد وتزايد مخيف في عدد السكان

وتابع شيباني"المعلم المتطوع ليس له أبسط الحقوق القانونية التي تضمن له الحياة الكريمة وحقة في الوظيفة العامة ، فحين يتراوح أجر المعلم المتطوع مابين 25-30 ألف ريال فقط وتدفع لهم من وقت لآخر بصورة غير مستدامة من قِبَل مبادرات  من السلطة المحلية أو صندوق دعم التعليم الذي شكل بمبادرة مجتمعية  من مجالس الآباء والأمهات في بعض المديريات أو بعض فاعلي الخير من رجال الأعمال ومؤسسات خاصة فهم من يتكفلون بالمستحقات المالية للمعلمين المتطوعين ، حيث وصلت سنوات خدمة بعضهم في العمل الطوعي في الميدان ما بين 8-10 سنوات وهم على أمل التثبيت أو الإحلال، فيجب أن تكون لهم الأولوية في التثبيت كونهم قد اكتسبوا خبرة عملية بحكم عملهم بالميدان".

ودعا قيادة الوزارة والسلطة التنفيذية في المحافظة إلى إعطاء الأولوية للمعلمين الأساسيين بتسوية أوضاعهم المالية  وحقوقهم الشرعية و إيجاد المعالجات العادلة لتثبيت المعلمين المتطوعين وتسوية أوضاعهم الوظيفية بشكل قانوني يضمن لكل طرف حقوقه. وكذلك الاهتمام بالتدريب والتأهيل والدعم النفسي للمعلمين لتحسين كفاءة وأداء المعلم لينعكس على تحسين جودة التعليم ومخرجاته.

الأستاذ/ماهر محمد باهديلة، وهو معلم ثانوية لطفي جعفر أمان بكريتر، قال "إن قضية نقص عدد المعلمين وأثر ذلك على العملية التعليمية قضية مؤثرة على التعليم وتأخر العملية التعليمية، حيث أرتفع نصاب الحصص للمعلمين ليصل 24 حصة في الأسبوع الواحد لأربعة فصول دراسية ترتب عليه التعب الشديد والاجهاد المتواصل الذي ينعكس بدوره على تلقِّي الطلاب للمادة الدراسية والضغط الشديد على أولياء أمور الطلاب لنقص المعلمين فيضطرون إلى الدروس الخصوصية وإرسال أبنائهم إلى الكتاتيب والمعاهد".

وأضاف "إدارات المدارس عملت على رفع عدد الطلاب في الصف الواحد ليتمكن المعلمون من تدارك النقص لتصل إلى 60 ـ 80 طالبا والتي قد تصل في بعض المدارس الأساسية إلى 120 طالبا بعض الإدارات المدرسية لحل أزمة نقص عدد المعلمين جعلت بعض المعلمين يدرس غير تخصصه بسبب النقص الشديد في بعض المواد الدراسية مثل المواد العلمية بشكل رئيس".

من جانبه يقترح التربوي ماهر باهديلة عددًا من المعالجات العاجلة للحد من أزمة ندرة المعلمين، منها:

ـ  رصد درجات وظيفية للتربية والتعليم من قبل الحكومة تغطي العجز الحاصل في الميدان التربوي من جراء التقاعد الكبير فيه إلى جانب حالات الوفيات ، من خلال فتح باب التوظيف أو الإحلال الوظيفي للمتوفين والمنقطعين لسد النقص .


ـ إعادة نظر مكتب التربية والتعليم بالمحافظة وإداراته في المديريات في آلية توزيع المعلمين العادل على مدارس المحافظة وإيجاد لائحة تنظيمية واضحه لتوزيع المعلمين في المراحل المختلفة وبين المدارس والتي تعاني منها للتخفيف من ضغط الحصص على المعلمين الملتزمين بواجبهم .

ـ إعادة النظر في المعلمين المنقولين  إلى الإدارات وإعادة توزيعهم على المدارس  بحسب تخصصه ، بحيث تعمل الوزارة ومكاتب التربية والتعليم في المحافظة والمديريات على عدم نقلهم للعمل الإداري ، إلا بشروط وضوابط بحسب اللوائح والأنظمة  .

ـ تفعيل دور مكتب وزارة التربية والتعليم في المحافظة و إداراته في المديريات في قيامها بدورها المهني والوظيفي من خلال الرقابة والتفتيش وإدارة التعليم العام . . على المعلمين المنقطعين والرفع بهم .

تقييد صلاحيات مدراء المدارس بتفريغ المعلمين ضرورة عاجلة

ـ تقييد صلاحيات مدراء المدارس التي صارت تتوسع بتفريغ المعلمين ، وتكليفهم بنصاب منخفض ، أو قبول التقارير الطبية الغير معمدة من قبل الصحة المدرسية التي كان لها أثر سلبي على العملية التعليمية وظهور ظاهرة بديل المعلم  بسبب هولاء المتغيبين والمنقطعين عن الدوام المدرسي الرسمي .

ـ تقنين عملية نقل المعلمين للعمل الإداري من قبل وزارة التربية والتعليم ومكاتب التربية والتعليم في المحافظة والمديريات بشكل فعلي وواقعي ، فليس من المعقول أن من أراد الهروب من التدريس وعدم التقيد بالدوام المدرسي وغير الملتزمين بعملهم وكثيري الغياب يتم نقلهم للعمل الإداري وهذا ليس حلاً منطقيًا ولا واقعيًا .

 ويعزو الأستاذ في كلية التربية جامعة عدن والوكيل السابق لثانوية باكثر، عبدالكريم عبدالله اسماعيل، المشكلة إلى عدم اهتمام الدولة و الحكومة بالتعليم والتعلَّم؛ مما انعكس على سير العملية التربوية والتعليمية في تردي التعليم.

وقال إن مازاد الطين بلة هو "قبول معلمين من خارج اطار الجامعات التربوية وتحديداً عام 2011م حيث استقبلت المدارس من كل الجامعات والتخصصات مما ادَّى إلى هبوط منحدر تردي التعليم وقلة العطاء مع زيادة المستويات ونسب النجاج وارتفاع مؤشر الدرجات مما أدَّى إلى الكم الهائل من النجاحات مع قِلَّة المعرفة والفهم والتثقيف ساعد على مخرجات تفضح نفسها عند القبول في الجامعات".

وأضاف"حاليًا نجد كثيرًا من المعلمين المخضرمين عمدوا الى التسرب من التعليم الحكومي إلى التعليم الأهلي والخاص بسبب قلة المعاشات وارتفاع ضغط الحياة المعيشية للمعلم وهذا ساعد في خلق ازمة المعلم في المدارس الحكومية، ولا توجد خطوات جادة من قبل الحكومة والجهات التربوية والتعليمية في تعزيز مستوى التعليم مما عمَّق الأزمة والانحدار الى الهبوط رغم استخدام الرتوش لتحسين ذلك وترقيعات قبول معلمين ومعلمات بدون دورات تدريبية لعلم النفس والمتطلبات التربوية وإذا ظل الوضع كما هو فاقرأ على التعليم السلام".

أما أستاذ اللغة العربية بمديرية المعلا، أحمد صالح جراد، فيقول "إن نقص المعلمين يُعد من أكبر المعضلات التي تعاني منها مدارسنا في العاصمة عدن تحديدًا ، وهذا الأمر حدث بعد توقف عملية التوظيفات الجديدة في كل مرافق الدولة منها السلك التعليمي منذ سنوات والمتبقي من المعلمين الكثير منهم شارف على التقاعد وكان آخر مرة تم فيها رفد التربية والتعليم بمعلمين جدد كان في 2011م بعدها توقفت التوظيف حتى وقتنا الحاضر".

ويرى أن استعانة بعض المدارس بمعلمين متعاقدين لتغطية النقص لم يُؤدِّ الغرض منه في سد العجز الحاصل بنقص المعلمين وهذا الأمر أدَّى إلى أن بعض المدارس تعاني من عدم توفر معلمين لمواد أساسية مهمة وهذا انعكس بدوره على العملية التعليمية وشكَّل أضرارًا على مستقبل الأجيال المتعاقبة من شبابنا وشاباتنا وأطفالنا.. ومن ضمن أضرار نقص المعلمين زيادة الأعباء على المعلمين التي تعاني مدارسهم نقصًا حادًا في عدد المعلمين وهذا ينعكس على أداء المعلمين في الفصول الدراسية ولجوء بعض المدارس التي نقص الكادر التعليمي إلى تقليل عدد الفصول الدراسية هذا يؤدي إلى كثافة الطلاب في الفصل الواحد مما يؤدي إلى عدم استيعابهم للمواد الدراسية وكذا قيام بعض الإدارات المدرسية إلى تكليف معلمين لتدريس مواد بعيدة عن تخصصاتهم الاصلية".

واختتم "نطالب الحكومة النظر إلى هذا الأمر بجديَّة وعدم المماطلة في حل هذا الإشكال الصعب ولو استمر الحال على ماهو عليه ستترتب عليه تدمير للعملية التعليمية ككل وانهيارها بشكل كبير".

من جانبها تقول مديرة مدرسة جيل المستقبل، وئام عيدروس، إن "النقص متواجد ولايمكن لأحد يتجاهله او ينكره وأن التربية تعوض النقص بالمتعاقدين وفي الغالب نجد المتعاقدين يشتغلوا بضمير احسن من الاساسين وبعض المعلمين اساسا موجودين لكنهم يفضلون البديل، وجميعهم يقدموا للخدمة المدنية ملفاتهم، لكن  دون أمل بالتوظيف واعطائهم راتب مثل البقية. والمعلمين الاساسيين صاروا يدلعوا يشتوا تخفيف في الجدول ونضطر ننزل بالضغط فوق المتعاقدين ليغطوا النقص الخاص بحصص المعلمين الاساسيات وخاصة الحصص الاخيرة او المبكرة حيث اكثر الاعذارومع المتابعة نجد ان العملية التعليمية مستمرة وهناك عطاء من المتعاقدين غير عادي".

 وأضافت "انا بمدرستي جميع المواد مغطاه سواء بالاساسين او المتعاقدين، النقص موجود وتغطيته بالمتعاقدين من التربية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى