يا عمال الجنوب اتحدوا

> في عهد ما بعد الاستقلال ظفر عمال وموظفو الجنوب بقدر من العز والرخاء في المعيشة، إذ تكفَّلت الدولة بنفقات التعليم والعلاج بالمجان ووفرت الرعاية الصحية للمواليد الجدد وأنشأت دار للحضانة والرعاية لأبناء العاملات وقوانين فاعلة تلامس حياة العامل والموظف وتتواكب مع المتغيرات الطارئة، فتضمن له العيش الكريم باستقرار صرف الرواتب والانتقال الآلي بالتسويات والدرجات الوظيفية وضمان سلامة العامل أثناء العمل وخارجه وتكريم المحالين للتقاعد بمكافئات نهاية الخدمة، رخاء ورفاهية إلى درجة أن العمل النقابي سعى لتنمية القدرات الثقافية والإبداعية للعمال، ففتحت النقابات الأندية الثقافية والمراكز الفنية والإبداعية وشاركت في الأنشطة الجماهيرية الترفيهية ونشرت التوعية بالحقوق العمالية في كثير من البلدان الأخرى.

في العام 1994م تعرض الجنوب لاجتياح غاشم أتى على كل شيء جنوبي، ليقوِّض أركانه، ونفذ في حق العمال والموظفين أبشع الممارسات اللاأخلاقية فسرَّح العمال ونهب مقدرات المصانع والمرافق والمؤسسات وباع القطاع العام الجنوبي بأبخس الأثمان، فيما سمي كذبًا بالخصخصة، كما قطع رواتب العمال وأحال الآلاف منهم قسرًا إلى المعاش التقاعدي في ظلم وطغيان لم تشهده البشرية من قبل، فأفرغ النقابات من محتواها ونسخ نقابات مشابهة لتقزيم البيان النقابي وإسقاطه وتمكن من ذلك طيلة فترة حكمه التسلطي بعد 1994.

وفي 2007م ثار الجنوب وثار العمال وبدأت تتكشف حقيقة الإجرام بحق عمال وموظفي الجنوب الذين فقدوا كل الامتيازات والاستحقاقات الوظيفية في الجنوب، ودخلوا بعدها دائرة الإفقار المتعمد والجري خلف متابعة مستحقاتهم المالية والوظيفية المقيدة بالفساد.

التاريخ يعيد نفسه اليوم بطرق ملتوية فبدلًا من سياسة التسريح من العمل والإحالة قسرًا إلى التقاعد الإجباري ونهب الممتلكات والمؤسسات في عام 1994، تستخدم اليوم أطراف لها علاقة فيما سبق وارتباطات داخلية وخارجية أساليب لا تقل بشاعة عن تلك التي استخدمها نظام الاحتياج الأول للجنوب، ففي عام 2015م مارست سلطات الاجتياح الثاني سياسة تجويع العمال بدلًا عن تسريحهم من العمل وتعطيل المرافق بدلًا من الخصخصة وإيقاف النقل للتقاعد قسرًا بحرمان المحالين التقاعد من المستحقات التقاعدية.

اليوم وبعد مضي أكثر من سبع سنوات من تحرير الجنوب لازال عمال وموظفي الجنوب يعانون من تبعات سياسة التجويع والتعذيب والتنكيل والعقاب الجماعي الممنهج الذي تمارسه أطراف اختلطت مصالحها فتختلف مع بعضها في قضايا كثيرة إلا أنها اتفقت جميعها ضد الجنوب.

إن عمال وموظفي الجنوب هم اليوم في محنة ومعاناة لا يمكن لهم أن يخرجوا منها، فتوزيع جرع العذاب بالتناوب بين المعلمين والأطباء والقضاة والأكاديميين والعسكريين وعمال النظافة والصيانة والخدمات حتى لا يشعر الجميع بالمعاناة في آن واحد فيثورون، وهم يعلمون علم اليقين أن وحدة الصف العمالي في الجنوب إن تحققت فلن تقف في وجهها أي قوة ولن تمر أمامها سياسة التجويع والتعذيب والتنكيل والعقاب الجماعي الممنهج وستتصدى وبحزم لتلك السياسات، فهذه دعوة للعمال والموظفين في الجنوب عودوا إلى وحدة الصف العمالي.

لتتضافر جهودكم معًا من أجل استعادة مكانة الطبقة العاملة الجنوبية ولرفع يد الظلم والاستبداد والتسلط عن كاهل العمال والموظفين الجنوبيين والإعلان عن رفض الخنوع والخضوع والاستسلام لسياسة العجز والفشل والضعف الحكومي وتمرير سياسة التجويع والتعذيب والتنكيل والعقاب الجماعي الممنهج بحق عمال وموظفي الجنوب، فياعمال الجنوب اتحدوا وقفوا صَفًا واحدًا كسياج منيع يمنع عنكم تداول السياسات العقابية التي مورست بحقكم في العام 1994 وهي اليوم تعود بلون آخر يسعى لتحقيق نفس الأهداف السابقة ، فلن تنتهي تلك السياسات العقابية إلا بعودتكم كما كنتم تحملون قضية واحدة باختلاف مرافقكم ومؤسساتكم واعلموا أن تأخير الرواتب وتقسيمها بين العمال والموظفين بنسب متفاوتة "مرتفعة لفئة ومتدنية لفئة أخرى" الغرض منه إثارة الأحقاد والحسد والكراهية والتفريق بين العمال، إنها سياسة تمضي قدمًا متجاهلة المواثيق الدولية والأعراف الإنسانية والتشريع النبوي القائل: " «أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه»، ونحن اليوم منذ سنوات ننتظر حقوقنا، فلتجتمع القوى العاملة الجنوبية صفًا واحدًا، ولتتعاضد مع بعضها البعض فهمومها مشتركة وقضاياها واحدة، فياعمال الجنوب اتحدوا واهتفوا بصوت واحد يصل كل من تعنيه قضايانا محليًا وإقليميًا ودوليًا، نريد حقوقنا كفى ظلما واستهتارا بقضايانا ، فنحن عمال الجنوب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى