​حمل السلاح بعدن.. رصاص يخترق الأجساد ودماء تُسفك على الأرض

> هلال فايز عبدالقوي:

>
بات سكان مدينة عدن ينتابهم الرعب والخوف من مظاهر حمل الأسلحة النارية واستخدامها في المناسبات اليومية.

 نمسي ونصبح كل يوم في عدن على أصوات أزيز الرصاص والأعيرة النارية في الأعراس، خصوصًا في ظل الاستعمال العشوائي لهذه الآلة القاتلة وهو ما يُـعد أمرًا خطيرًا يؤرق سكينة الجميع.

فباتت مشكلة مجتمعية معقدة لما يترتب عليها من مخاطر الوقوع في العديد من حوادث القتل والإصابات الخطيرة، المرتكبة منها عمدًا أو من دون عمد، وهي كلها تندرج ضمن جرائم سفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة والتي تؤدي في معظمها إلى التناحر بين أفراد المجتمع.

إنها الظاهرة التي تقود إلى خيارات سيئة فإما إلى القبر أو إلى السجن أو للعناية المركزة في المستشفيات وفي أحسن الأحوال يخرج صاحبها معاقًا غير قادر على الحركة وكل ذلك بسبب الطيش واللهو بالسلاح الناري.

"الأيام" التقت بشريحة من المتضررين من هذه الظاهرة لتطلع على حجم الأسى الذي يعيشونه بسببها.

مبرر امتلاك السلاح

المواطن (م. ح. م. د) من أبناء منطقة الحسوة قال: "إن انعدام الأمن وشعور المواطن بالخوف في تأمين حياته وممتلكاته جعله والكثيرين من فئات المجتمع يلجؤون لامتلاك السلاح الخفيف كوسيلة للدفاع الذاتي عن النفس، فعندما تذهب إلى مراكز الشرطة لا تجد من يعيد إليك حقك، أو يدافع عنك أمام من ظلمك، فتتحسر وتحزن، ولذلك امتلاكك للسلاح للدفاع به عن نفسك في محيط يمتلئ بالعصابات أمر في غاية الأهمية".


ظاهرة مقيتة

(ق. أ. م) من مديرية البريقة ذهب بالقول إلى أن حمل واستخدام السلاح الخفيف وضرب نيران الرصاص العشوائي غير المبرر له واستغلال ذلك ليس من قبل فرد أو فئة أو شريحة مجتمعية معينة، بل يستخدمها الكثيرون من فئات عمرية متعددة، دون إدراكهم الكامل بمخاطر وانعكاسات مساوئ حمل واستخدام هذه الأسلحة الرشاشة وذخائرها، وما ينتج عنها من قتل الإنسان لأخيه، وبصوره فجة، وخارجة عن الشرع والقانون.


وجوب توجيه السلاح للأعداء

(س. هـ. ص) وهو أحد أعيان منطقة في مديرية دار سعد قال "إن هذا السلاح بدلًا من وقوعه في أيدي "البلاطجة" والمراهقين يجب أن يؤخذ منهم ويعطى للمقاتلين في جبهات العز والرجولة، والذين ينقصهم العدة والعتاد، بعكس ما نراه اليوم من التطاول بالسلاح هنا في العاصمة عدن ضد بعضنا البعض، وكل يهدد حياة الناس الآمنين، ويعكر الصفو العام.

السلاح أصبح سمة اجتماعية بعدن

الطالب في كلية الحقوق (ر. م. ح) يشير إلى أنه بات الكثيرون من السكان يعملون على تسوية خلافاتهم وحل مشكلاتهم عن طريق السلاح الناري، بل وصل الحال إلى بعضهم بأن يفضُّـوا النزاعات المسلحة العالقة فيما بينهم عن طريق السلاح ذاته، مع تلاشي صوت الحكمة والعقل، وعزوف عدد من المواطنين عن اتباع الطرق السلمية والقانونية.

وزاد في حديثه أن المتخاصمين يتم إجبارهم بالانصياع إلى قبول الحلول عن طريق التهديد باستخدام السلاح كحل أخير لإنهاء النزاعات القائمة فيما بينهم، وهذا كله بسبب هشاشة تطبيق النظام والقانون وغياب الدور الحازم للأجهزة الأمنية، وضعف الجهاز القضائي في البت بقضايا المتظلمين قانونيًا.

السلاح سهل الوصول إليه

المواطن (أ. ن. س) من مديرية الشيخ عثمان أفاد بأن الذي أدى إلى انتشار حمل السلاح في العاصمة عدن هو بيع وشراء واستيراد الأسلحة الفردية الخفيفة بذخائرها المختلفة في عدد من الأماكن والتي من أهمها مواقع التواصل الاجتماعي وإيصالها بسهولة إلى أيدي مستخدميها وامتلاك غالبية أفراد مجتمعنا لذلك الكم الهائل من أنواع وأشكال هذه الأسلحة.

وأضاف أن موردي وبائعي الأسلحة لا يخشون الوازع الديني الذي يحرم إعطاء السلاح لمن ليس ذي ثقة، مشيرًا إلى أن السبع السنوات الماضية كانت الأرضية الخصبة لبروز هذه العادة الدخيلة على مدينة عدن وأهلها، فازدادت أعداد المسلحين البلاطجة، وظهر قطاع الطرق، وكثر وجود اللصوص بأسلحتهم.

ازدياد أعداد حاملي القنابل في جعبهم

خطيب أحد مساجد مديرية المنصورة (ر. ع) دعا الحكومة إلى منع حمل الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بذخائرها وكذا توقيف من يتجول وبحوزته قنابل متفجرة بجميع أنواعها.

متعجبًا من قيام مراهقين بعمر الزهور باقتناء قنابل أو حمل سلاح! ومتابعًا حديثه بأن السلاح أصبح في أيديهم للتسلية والتباهي به وليس للدفاع عن النفس حتى.

مناشدًا جميع فئات المجتمع ذكورًا وإناثًا إلى استشعار مسؤولية التوعية الضرورية من هذه الظاهرة الخطيرة، وموجهًا حديثه لمن يقيمون فعاليات الأفراح بأن يتوقفوا عن استخدام الذخيرة الحية في مناسباتهم حتى لا تتحول إلى أحزان لدى غيرهم أو حتى بين أوساطهم مثلما حدث في قصص كثيرة بالعاصمة عدن.


جريمة قتل دون معرفة القاتل

شخصية اجتماعية في مديرية الشيخ عثمان (ع. ع. ب) قال "إن الضرب العشوائي للرصاص تسبب بإصابات خفيفة ومتوسطة وخطيرة في مناطق مختلفة بالشيخ عثمان، فبينما المواطن يجلس آمنًا في حارته إذ بالرصاص الراجع يهوي إليه مخترقًا أعضاء جسمه ليسقط مضرجًا بدمائه، فمن يتحمل وزر هذه الجريمة؟ لافتًا إلى أن القاتل لا يعلم أن رصاصته قد سفكت دم امرئٍ مسلم ويأتي القتيل متعلقًا برقبة قاتله يوم القيامة، إضافة إلى أن دوي أصوات الرصاص يرعب النساء والأطفال والكهلة.

موجهًا نداؤه لوزير الداخلية ومدير أمن العاصمة عدن والمجلس المحلي في العاصمة إلى مكافحة هذه الظاهرة واستئصالها من المجتمع ولتكن البداية من الأسواق وكل شوارع العاصمة عدن.

(و. ن. خ) وهو باحث اجتماعي في منظمة مجتمع مدني لفت إلى عدد من النقاط حول المخاطر التي تحدق بالحياة العامة جراء حمل واستخدام السلاح الخفيف في مجتمعنا المدني في عدن وهي:

1 - تعارض الحقوق التي يكفلها القانون الدولي والإنساني بشأن حماية الأطفال من كافة مظاهر العنف وإبعادهم عن حمل السلاح أو إيقاعهم ضحايا بسببه.

2 - تولُّـد الرغبات بامتلاك واستخدام السلاح من قبل الشباب أو طلاب المدارس والجامعات وابتعادهم عن مفاهيم أهمية التعليم ومحصلاته الموجهة لخدمة بناء وتطور مجتمعهم ووطنهم.

3 - تحوُّل العديد من الأطفال والمراهقين والشباب والذين يمتلكون السلاح الخفيف إلى عصابات وجماعات فوضوية مسلحة إرهابية، مما ساهم ذلك التحول في تفاقم دائرة الفوضى والعنف.

حلول للمشكلة

1 - إقامة حملات تثقيفية ضد ظاهرة حمل واستخدام السلاح بين أوساط المجتمع السكاني، وتعزيز الإطار الرئيسي للمفهوم العام للدولة وتبيين دور مؤسساتها، وترسيخ العلاقة بينها وبين المواطن.

2 - تفعيل دور الرقابة المجتمعية لدى القائمين عليها لمحاربة هذه الظاهرة وتكثيف العمل بوتيرة عالية يتشارك فيها جميع أطياف المجتمع.

3 - تفعيل دور العمل بالنظم والقوانين المنظمة لحيازة وحمل الأسلحة الشخصية والحزم بتطبيق العقوبات الجنائية تحت مظلة القضاء من خلال محاسبة وملاحقة المخالفين ومرتكبي جرائم القتل.

4 - تعزيز دور العمل التوعوي والإرشاد الديني لفئات المجتمع وفي مقدمة ذلك الأطفال والشباب وكل فئات المجتمع بمخاطر حمل واستخدام الأسلحة الشخصية وتوجيههم الوجهة السليمة بأخذ احتياطات الأمان أثناء عملية استخدامها في الظروف الاستثنائية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى