​"الأيام" مؤسسة إعلامية جذورها ثابتة في الأرض

>
ودارت "الأيام" وكانت الشاهدة على حقب زمنية شهدتها بلادنا، طوال (64) عاماً من عمرها. ولدت هذه الصحيفة من رحم المعاناة ولم تكن طريقها مفروشة بالورود، فصاحبها شرب العلقم من إناء الحياة وتكبد شظف العيش، في بداية حياته العملية وكانت شريكته في كل خطاه، رفيقة عمره وزوجته السيدة سعيدة محمد عمر الشيبة، أو الجرجرة وهو لقب العائلة الذي عُرفت واشتُهرت به. تحمّلت السيدة سعيدة جرجرة التي اقترن اسمها بلقب عائلة زوجها (باشراحيل)، تحملت مع زوجها مرارة الأيام القاسية وكانت تساعده في تخفيف ثقلها على كاهله، فبدأت بخياطة الملابس وبعض الحرف المنزلية التي عُرفت بها مدينة عدن. والحديث عن السيدة سعيدة باشراحيل، سيأخذنا، حتماً، إلى زاوية أخرى، لسنا، في هذا الحيز، بصددها، ذلك أنها من نساء عدن الرائدات في الحركة النسائية العدنية التي وضعت حجر الأساس لمعترك المرأة الجنوبية، فيما بعد.

ودارت الأيام الحالكة ليتنقل السيد محمد علي باشراحيل في عدد من الوظائف المكتبية بمختلف المرافق ويشق طريقه نحو النجاح في عمله، حتى تمكن من تحقيق حلمه، في تأسيس جريدة أسبوعية، تشبع رغبته في خوض غمار بحر الإعلام المتلاطم الموج آنذاك، فقد كانت عدن فناراً للباحثين عن مراسٍ فكرية ثقافية وفنية راقية. حينذاك، ازدهرت عدن بعلمائها ومثقفيها ومفكريها وأدبائها وفنانيها الرواد فتعددت المشارب السياسية والفكرية واختلفت فيما بينها والتقت في واحات التسامح والأخوة، وتعددت المنابر الإعلامية ولكل منها اتجاهاتها.

أطلق السيد محمد علي باشراحيل (أبو هشام) على مولودته اسم (الأيام) لأنها جاءت بعد أيام شداد ومعاناة ولأنها ستكون الشاهدة على الأيام التي عاشها وسيعيشها المواطن، بأفراحها وأتراحها هي المرآة العاكسة لكل ما يعتمل في أيامنا، هي الناطقة بلسان حال الإنسان المقهور والمظلوم، هي المنافحة من أجل إعلاء كلمة الحق وهي التي ليس في سطورها غير ما هو على أرض الواقع، والصدق مفتاحها إلى قلوب الناس.

تلك المبادئ التي تأسست على أساسها صحيفة "الأيام" وتبناها طوال حياته عميدها ومؤسسها، ابن عدن البار وحمّل أبناءه وصيته تلك، من بعده وكانوا لها الأمناء والمخلصين، بل إنهم ذاقوا ما لم يذقه أحد، ممن امتلك منبراً إعلامياً، آنذاك أو اليوم؛ فصحيفة الأيام تعرضت للإغلاق مرات عدة، في سنوات الاحتلال البريطاني وفي سنوات الاحتلال اليمني الشمالي للجنوب، بسبب مبادئها وهي المبادئ المنطلقة من أخلاقيات مهنة الصحافة الجماهيرية، لذلك ظلت وستظل "الأيام" الصحيفة الجماهيرية الأولى في المنطقة كلها، وحتى على مستوى الجزيرة العربية، عموماً، جنوبها وشمالها وغربها وشرقها. أليست، بسبب تمسكها بمبادئها، قدم حياته رخيصة لتعلو كلمة الحق، ابنها الفاضل وأستاذ الصحافة الجماهيرية، هشام محمد باشراحيل؟ وهو الذي تحمل عذاب الاعتقال، رغم مرضه وتقدم سنه، رافضاً التنازل عن تلك المبادئ التي تربى عليها وأخلص لها وتفانى من أجلها، لأنها أمانة في عنقه؛ فمات شهيدا بإذن الله، أما من أمر باعتقاله؛ فمات قتيلاً ورفضت الأرض احتوائه.

 طوبى لـ "الأيام" وهنيئاً لأسرة هذا المنبر الإعلامي الذي لم يحد عن الكلمة الصادقة. وتحية لرئيس تحريرها الأستاذ تمام محمد باشراحيل ولنائب رئيس تحريرها الأستاذ باشراحيل هشام باشراحيل ولكل من يعمل فيها على تثبيت وتعزيز مداميك العمل المؤسسي الإعلامي وإبقاء الصرح العريق النيّر، شامخاً في بلادنا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى