يعيشون الإحباط بكل مرارته.. ذوي الاحتياجات الخاصة بين قانون يضمن حقوقهم ودولة لا تنظر لهم

> تقرير/ فردوس العلمي

> منى: حرمت من الدراسة والعمل وحتى الخروج من المنزل
> في منطقة القلوعة بمحافظة عدن تعيش أم وأولادها الثلاثة معاقين قد تجاوزت أعمارهم 40 عاما، يقتاتون على الصدقات وما يجود به أهل الخير.

الكثير من المعاقين محرومون من ممارسة حياتهم الطبيعية والحصول على الخدمات مثل السلالم الخاصة بهم والتي تمكنهم من السير في الطرقات وتوصل بعض ممن حالفهم الحظ إلى أعمالهم أو مدارسهم أو مواقع وجهتهم أو إلى المرافق الحكومية الخدمية لاستكمال أعمالهم أو حتى لمشاهدة كرة القدم في الملاعب التي حرموا منها.

ويؤكد القانون رقم (61) لسنة 1999م على الكثير من الحقوق لذوي الاحتياجات الخاصة، أبرزها في المواد رقم(3-4-5-6-7) ويحق لهم ما يحق لغيرهم من ممارسة الدراسة والحياة العملية وتنص المادة الثامنة تحديدا "أن على الوزارة التعاون مع الوزارات والدوائر الحكومية وجميع الجهات ذات العلاقة برعاية وتأهيل المعاقين وتقديم الدعم المادي والفني لمراكز الرعاية وتمكينها من توفير وتعزيز برامجها التأهيلية وتقديم المساعدات الطبية المجانية للمعاقين، وتحديد درجة الإعاقة والتدخل المبكر للحد منه."، ورغم كل هذا يبقى القانون جميلا على الورق فقط ومن يقرأه يظن بأن ذوي الاحتياجات الخاصة يعيشون في نعيم، والحقيقة عكس ذلك فأكثرهم يعيشون حياة الضنك وبعضهم منسيون في منازلهم ولا يحصلون حتى على الإعانة التي يجب تقديمها لهم.

منى: حرمت من الدراسة والعمل وحتى الخروج من المنزل
منى: حرمت من الدراسة والعمل وحتى الخروج من المنزل
منى حسين فتاة من ذوي الهمم أيضًا وهي على مشارف العقد الثالث من عمرها ومصابة بإعاقة خَلقية بقدمها ويدها حرمتها المشي بصورة طبيعية فهي تفتقد للتوازن فلا تستطيع أن تخطو إلا ممسكة بجدران منزلها لهذا خلقت علاقة روحية مع الجدران لتخدم نفسها وتساعد والدتها حين تحتاج لها حتى لا تشعر بانها دون فائدة، ومع كل هذا ما زالت تحارب الإعاقة بكل ما تمتلك من قوة، فلديها عزيمة وإصرار وتتحدث بثقة يفتقدها الكثيرون ممن أعطاهم الله حواسهم كاملة".

منى رغم حبها للدراسة وذكائها إلا أنها تركت المدرسة مرغمة عندما وصلت إلى الصف الثامن رغم تفوقها الدراسي وحصولها على معدلات ممتازة وعن سبب تركها للدراسة تقول منى: "رحمة بوالدي فقد كبر بالسن ونحن نسكن الآن فوق الجبل والنزول والطلوع صعب جدًا ولا أستطيع النزول لوحدي ويضطر والدي لحملي، وكما رايتي الطريق إلى المنزل وعر حتى على المتعافين".

تتحدث منى عن أحلام وأمنيات لم تمت داخلها ومازالت تنبض وتقول: "أرغب بالعودة للدراسة وأدخل الجامعة ويكون لدي عمل أساعد اهلي ونفسي من خلاله، وحتى لا يكون وجودي في الحياة مثل عدمه، اريد أن اكون ذو فائدة، فلا أحد يدوم لاحد وربي يعطي والدي الصحة والعافية والعمر الطويل، تصمت برهه من الوقت وتواصل "إذا الفرد لا يكافح ليكون ناجح في المجتمع يأخذ ويعطي فلا فائدة من وجوده"

وتضيف: "سكني في الجبل ويصعب علي النزول لاستكمال الدراسة وبقيت في البيت مجرد عاله على أسرتي وأعيش الإحباط بكل مرارته".


واتبعت حديثها: "كانت حياتي محطمة وكنت أظن عدم مقدرتي على فعل شيء وأن هذه هي حياة المعاق حتى أخذتني د. روزا الخامري دكتورة في كلية الحقوق جامعة عدن ومدير الشؤون القانونية في اللجنة الوطنية للمرأة إلى ندوه جمعت الكثير من ذوي الهمم ورأيتهم كيف ينطلقون للحياة بالرغم من إعاقتهم هنا بدأت أفكر بحياتي وأحببت أن أغير من نمطي وأخرج من قوقعتي وحالة الإحباط التي كنت أعيشها، وتولّد لدي شعور في داخلي أن الإعاقة لا تقف عائق فأنا لست معاقة ذهنيا و ربي منحني عقل وإدراك وإحساس أستطيع أن أميز الصحيح من الخطأ وربنا رحيم بعباده إذا أخذ منه شيء عوضه بأشياء كثيرة فالله لا يظلم أحد".

منى تريد العمل في الإذاعة وحسب قولها: "عندي طموح أن أكون مذيعة، فلدي أفكار ورؤى لتوصيل صوت ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أبعد مدى عبر أثير الإذاعة.

وتحلم منى أن تمتلك اللاب توب لتتمكن من التواصل مع الآخرين كون النزول من أعلى الجبل يصعب عليها ومن خلاله سيكون لديها نافذة تطل على العالم الخارجي لتعيش الحياة".

وفي ختام حديثها تشكر منى فاعل خير ساعدها في عمل بعض درابزين في الأزقة الواصلة إلى منزلها لكن صعوبة السلالم ما زالت تعوقها.

يتحدث حسين ناصر والد منى عن معاناة ابنته وبدأ حديثه بسؤال :"لماذا ذوي الهمم مثل ابنتي والكثير منهم لا يجدون من يهتم بهم وليس لديهم معين غير الله، "علاج ابنتي مكلف، وأخوها أيضا يعاني نفس المشكلة لكن كون البنية الجسدية تختلف أخوها يعتمد على نفسه بعكس منى تحتاج من يساعدها، فلم أتمكن حتى من شراء كرسي متحرك لها لتستعين به داخل المنزل ولتعتمد على نفسها، أتألم كثيًرا وأنا أرى ابنتي تتمسك بالجدران لتمشي".

ويسال والد منى: "لماذا لا يجد هؤلاء من يتبناهم و يتيح لهم فرصة الحصول على العمل والعلاج؟ أين جهات الاختصاص ممثلة بالدولة والمنظمات".

ويضيف "علاج ابنتي ممكن في الخارج فهي تعاني مشكلة في الدماغ سببت لها عدم التوازن في المشي وإعاقة في القدم وفي اليد ورغم ذلك أبنتي طموحه وطموحها يعانق السماء وتريد أن تنطلق لتحلق وتبدع وتعتمد على نفسها لكن العين بصيرة واليد قصيرة".

ويتمنى والد منى أن يجد من يمد لابنته يد العون لكي يتمكن من علاجها مع أخوها في الخارج، وحسب قوله لا يوجد احد يعينهم بغيابه غير الله فأخوهم صغير وأمهم ربة بيت ولا يستطيعون رعايتهم ولو جرى له شيء لا قدر الله.

و يتمنى أبو منى "أن تكون هناك جهات متخصصة تدعم هذه الفئة ليستمتعوا بحياتهم فالإنسان يعيش الحياة مرة واحدة و حرام أن يحرموا و قلوبهم تنبض بالحياة".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى