الإرهاب في أبين خطر متجدد سياسيا واستراتيجيا

> إن الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمحافظة أبين الذي جعلها تتوسط محافظات البيضاء وشبوة ولحج وعدن ومعظم الحدود التي تربطها بهذه المحافظات هي عبارة عن سلاسل جبلية وعرة بالإضافة إلى كونها تطل على ساحل البحر العربي بمسافة طويلة ممتدة من عدن حتى شبوة، أضاف لها أهمية استراتيجية عسكرية إلى جانب أهميتها الاقتصادية الزراعية والسمكية والتجارية والثروات المعدنية كالذهب والنفط الواعدة، وللأهمية العسكرية والاستراتيجية لموقع محافظة أبين يواصل أبناؤها دفع الثمن بدمائهم الطاهرة للحفاظ عليه وتأمينه في إطار الحفاظ على الجنوب وحمايته من الإرهاب والتطرف.

وبالنظر إلى المسافة الممتدة من عقبة ثرة التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي الانقلابية إلى ساحل شقرة فإنها لا تزيد عن 80 كيلو مترا، وهذا يشكل خطورة كبيرة في ظل التخادم العسكري الواضح بين التنظيمات الإرهابية ومليشيا الحوثي وسيسهل إسقاطها بأقل خسائر إذا نظرنا إلى أن جزءا من هذه المسافة تقع حاليا في مرمى نيران مدفعية (الحوثيين) إذا نصبت في قمة جبل ثرة المطلة على مديرية لودر، وهنا يمكن القول إن من يسيطر على المسافة الممتدة من لودر الى ساحل شقرة يمكن أن يقسم الجنوب إلى نصفين كما حدث في الأعوام السابقة عندما سيطر تنظيم القاعدة على أبين في مايو 2011م، وهذا يؤكد أهمية هذا الموقع عسكريا فمن يسيطر عليه سيتحكم في مجريات العمليات العسكرية والقتالية والسيطرة على الوضع بشكل عام في الجنوب.

لقد سهلت الحدود والسلاسل الجبلية التي تربط محافظة أبين بالمحافظات: شبوة والبيضاء ولحج تنقل عناصر التنظيمات الإرهابية في الأعوام السابقة وشكلت سابقا مصدر قلق أمني وعامل خطر يصعب التغلب عليه في ظل عدم وجود وحدات أمنية متخصصة ومدربة على التعامل مع الجغرافيا الجبلية، ولهذا ظلت أبين ساحة للصراع بين الدولة والتنظيمات الإرهابية وهذا لا يعني أن الإرهاب له حاضنة في أبين كما تروج بعض القوى، إنما استغلت قوى الإرهاب موقعها الجغرافي والقدوم إليها من محافظات أخرى لتنفيذ أجندتها المشبوهة، إذا ما دققنا في أسماء وألقاب مرتكبي العملية الإرهابية سواء التي نفذت صباح أمس الأول بأحور التي استهدفت نقطة أمنية للحزام الأمني واستشهد فيها 23 شخصا من منتسبي الحزام الأمني دلتا أبين أو تلك التي نفذت من قبل في الأعوام السابقة، سيتبين لنا من ألقاب منفذيها أنهم قدموا من خارج أبين مما جعل أبناء أبين يعانون الأمرين من هذا الوضع ويكتوون بنار الإرهاب والتطرف أكثر من غيرهم بعد أن حول محافظتهم إلى ساحة صراع مستمر.

لا يمكن عزل ما قامت به العناصر الإرهابية أمس الأول الثلاثاء باستهداف نقطة أمنية تابعة للحزام الأمني بأحور منطقة مقاطين عن مجريات الأحداث السياسية، والتحالفات السابقة بين التنظيمات الإرهابية وجماعة الحوثي الانقلابية، بل إنه امتداد لها لتنفيذ أجندة وأهداف عسكرية وسياسية تستهدف زعزعة استقرار أبين والجنوب، وتهديد أمن وسلامة خطوط الملاحة البحرية الدولية لا سيما أن العملية الإرهابية الأخيرة نفذت بعد أيام من إقامة مليشيا الحوثي الانقلابية استعراضا عسكريا لأسلحته المتنوعة بما فيها الصواريخ الباليستية والمسيرات والألغام البحرية في الحديدة، وكشف من خلاله مدى أطماعها في البحر وخطورتها على تهديد سلامة الممرات البحرية للملاحة الدولية بالإضافة إلى تهديدات أطلقتها مليشيا الحوثي بتحويل البحر إلى دماء وتهديدات أخرى باحتلال الجنوب.

إن هذا الخطر المتجدد بقدر ما يشكل خطورة كبيرة على استقرار الجنوب واليمن عامة، وفي حال استمراره قد يجهض المساعي الأممية والجهود الإقليمية المبذولة لاستمرار الهدنة الأممية ووقف الحرب في اليمن والوصول إلى سلام شامل، فإنه أيضاً بالقدر نفسه يشكل خطرا كبيرا على سلامة وأمن وحرية الملاحة البحرية وعلى الأمن الإقليمي، مما يؤكد حاجة اليمن ودول الإقليم والعالم إلى تعزيز التعاون الأمني لردع هذا الخطر وحماية الممرات البحرية وخطوط الملاحة الدولية منه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى