الناس تحب إنجلاند

> يحفظ الناس هنا في عدن أسماء من قبيل تشرشل، ويلسون، مارجريت تاتشر، جون ميجر، توني بلير، براون، كاميرون، وهي أسماء تنتمي لوطن واحد اسمه انجلترا.

في المدرسة تعلمنا في مادة التاريخ عن مستعمِر اسمه بريطانيا، وفي مرحلةٍ ما كان الريف الجنوبي يزخر بهجرة بعض أبنائه إلى إنجلاند، وكان اسم "إنجلان" محبباً لدى سكان القرية، حيث كان البعض يسافرون من القرية إلى عدن ثم يغادرون إلى موطن الاغتراب في بريطانيا.

ولمّا شغف كثير من الناس بسماع الأخبار من "BBC" حفظوا "هنا لندن" بنبرة المذيع المتألق ماجد سرحان.

كنا نسمع في القرية من الأشخاص الكبار أن القانون والنظام أيام بريطانيا يسودان في عدن، والأشياء رخيصة بما في ذلك سعر الأسماك واللحوم، وكان من يغادر المملكة المتحدة إلى بلدته تحسب له الدولة هناك راتباً ومصاريف بحسب فترة خدمته له وزوجته.

كانت الناس تصف الدولة هناك بالعادلة، لأنها تهب الحقوق من دون نقصان ولا تبخس الناس أشياءهم، والرسائل كانت تصل إلى من الأشخاص في بريطانيا عبر البريد كلًا إلى منطقته.

عرفنا أن إنجلاند بلد الإنجليز، لأن الـ"English" لغة عالمية طرقت أبواب كل الثقافات والحضارات في أرجاء الدنيا، حتى أمريكا لم يكن لها كل هذا الحضور ولا أي دولة في العالم.

لماذا أبناء عدن يحتفظون بذكريات جميلة عن بلد استعمر مدينتهم؟ ولماذا رغبت بريطانيا العظمى باحتلال عدن؟

كان عنوان صحيفة "الأيام" عدد 7500 في الصفحة الأولى مذهلاً، فقد خُطّ "مانشيت" عريض باللون الأصفر "وفاة الملكة إليزابيث الثانية.. آخر ملوك عدن". عنوان لا تستطيع أن تأتي بمثله أي صحيفة ورقية ولا إلكترونية.

كيف تصير ملكة التاج البريطاني ملكة لعدن؟

جاء في تقرير للصحيفة بنفس العدد أن إليزابيث الثانية لما زارت عدن صبيحة يوم 27 أبريل 1954 ومكثت 24 ساعة طافت خلالها بالمعلا والتواهي وكريتر وخورمكسر والشيخ عثمان بسيارتها اللاندروفر، كتبت رسالة عقب مغادرتها المدينة بعد أول زيارة لمستعمرة بريطانية حول العالم، جاء في بعض كلماتها "أرجو إيصال تحياتي الحارة إلى كل أبناء عدن".

جاء في التقرير أيضا أن عدن كانت أكثر المدن تطوراً فضلاً عن موقعها الجيوسياسي على مستوى العالم، أي كونها مدينة كونية.

هذه الملكة إليزابيث الثانية تقول أيضاً إنها تعرفت على اليمن من خلال عدن.

ذكر تقرير "الأيام" أن بعد ستين عاماً من الزيارة التاريخية إلى عدن نشرت السفارة البريطانية بصنعاء في صفحتها على "فيسبوك" عن إليزابيث ما يلي: "في الذكرى الستين لزيارتي عدن أبعث بأحر تحياتي للشعب اليمني، لدي ذكريات جميلة من زيارتي لعدن".

ما زال قلب الملكة مولعاً بعدن، نحن ننسى لكن إليزابيث لا تنسى حتى بعد 60 عاما.

ذات مرة فكّر صاحب هذه السطور وهو يضع الراديو أمامه على ركن داره بالقرية، مستمعاً لبرنامج "العالم هذا الصباح" أن يكتب رسالة إلى BBC، طلبتُ خلالها دليل البرامج مبدياً إعجابي بالإذاعة، ولما وضعت الرسالة اليوم التالي في بريد المنطقة، لم تمر سوى أيام حتى وصلني ظرف عبر بريد طورالباحة فيه بوستر بعناوين البرامج وأوقاتها، وقد صار ولعي بالإذاعة يزيد، حتى أني كتبتُ بعدها بلهفة ثلاث مقالات متفرقة عن BBC في صحيفة "الأيام" تحت هذه العناوين: "عصا الحروف"، "مقهى الراديو"، "فنجان BBC".

إليزابيث أحبّت عدن فكانت ملكتها، وقالت في نهاية رسالتها، "لدي ذكريات جميلة من زيارتي لعدن".

اذكرونا مثل ذكرانا لكم

رُبَّ ذكرى قرّبتْ مَن نَزَحَا

وداعاً إليزابيث الثانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى