ثورات حيرت المؤرخين والباحثين

>
الثورات والحركات الثورية والانقلابات هي مجرد أحداث تاريخية حتى إشعار آخر، ولا يمكن أن تبقى أعياد إلى الأبد لأسباب عديدة أهمها أن هذه الثورات تفقد بريقها وجوهرها تدريجيا بسبب ضعف عمق تأثيرها في المجتمع، وهناك سبب آخر هو أن حركة التغييرات الناتجة عن الأزمات تدفع بقوی جديدة تحاول أن تغير وتجب ما قبلها وكأن التاريخ بدأ معها وبها, فقط.

في اليمن [الشمال] مثلا, 26 سبتمبر 1962م أطاح بالإمام البدر وأعلن الجمهورية بعد حوالي ساعتين من هروبه، وبعد أقل من ثلاث سنوات شرع الزبيري والنعمان والمخلافي ومعهم الشيخ عبدالله الأحمر في الانقلاب المضاد على الثورة في مؤتمر خمر عمران عام ١٩٦٥م الذي قاده الشيخ عبدالله بعد مقتل الزبيري وهروب النعمان، واستمرت جمهورية سبتمبر حتى 5 نوفمبر 1967م حينما تم الإطاحة بأول رئيس للجمهورية، وهو المشير عبدالله السلال ليحل محله القاضي عبدالرحمن الإرياني.

إجمالا انتهت هذه الثورة عمليا باتفاقية جده عام 1970م التي أنهت حرب الثمان السنوات بين الفريقين "الجمهوري" و"الملكي" وعاد بموجب هذه الاتفاقية كل الملكيين إلى صنعاء باستثناء أسرة الإمام شخصيا، ولم يبق من جمهورية سبتمبر سوى اسمها وخاصة بعد قتل أو ابعاد أبرز قادتها كعلي عبدالمغني وعبدالله جزيلان.
حاول الرئيس إبراهيم الحمدي الذي جاء خلفا للأرياني بحركة سميت حركة 13 يونيو 1974م التصحيحية ، حاول إحياء مبادئ وسلوكيات الثورة لكنه انتهى شهيدا في 11 أكتوبر 1977م بعملية غدر وخيانة، وحملة تشويه ظالمة بشعة لم يسبق لها مثيل.

ثم وصل الرئيس علي عبدالله صالح إلى السلطة في 17 يوليو 1978م بدعم من مشايخ القبائل وخاصة حاشد التي ينتمي إليها، ليطغی هذا اليوم علی ما قبله من أحداث وليحكم أكثر من 33 عاما ، وبقيت الجمهورية مجرد اسم لنظام حكم هو أقرب إلى الملكي الاستبدادي "جملكي" من الجمهوري الديمقراطي، خاصة بعد توجه الرئيس صالح نحو توريث الحكم بعد حرب 1994م -التي أنهت عمليا الوحدة مع اليمن الجنوبية- وتصفية الخصوم المعارضين المحتملين للتوريث.

في 11 فبراير 2011م اندلعت انتفاضة شبابية شعبية سلمية في صنعاء ومدن يمنية أخری ضد الرئيس صالح ، لكن هذه الانتفاضة لم تستطع التحول إلى ثورة حقيقية بسبب سيطرة قيادات عسكرية وقبلية ودينية موالية لحزب الإصلاح [إخوان] على خطابها ومنصاتها, فتحولت إلى أزمة سياسية خانقة انتهت بالتوقيع على المبادرة الخليجية في نوفمبر من نفس العام التي كانت عبارة عن صفقة نصت على نقل سلطة الرئيس صالح إلى نائبه هادي مقابل الحصانة لصالح ولكل من عمل معه.

وفي 21 سبتمبر 2014 قامت مسيرات شعبية مسلحة قادها الحوثيون بدعم من الرئيس الأسبق علي صالح ضد حكومة باسندوة الموالي للإصلاح ومن ثم ضد الرئيس المنتخب هادي شخصيا، وبهذا الحدث "اعتصد" تاريخ الثورات والحركات في اليمن "عصدا" يجعل الباحث والمواطن يحتار في التفريق بين الثورة والانقلاب، وما زالت العصيدة مستمرة بشكل لم يسبق له مثيل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى