​تفليسة الأغنية.. كلمات ولحن وأداء

>
دعونا نأخذ القطاع الثقافي وما يحتويه من أنشطة ومجالات منها على سبيل المثال وليس الحصر:

الشعر، المسرح، السينما (كصناعة)، التمثيل (كمهنة وتخصص) ... إلخ، لنصل اختصارا إلى قطاع "الغناء" كمسمى وما يحتويه من أغاني وأناشيد وموسيقى وذلك من خلال شعره وملحنيه وأغانيه ومغنيه (مطرب أو مطربة).

وكلنا نعلم أن هناك أنواع من الغناء (وطني، عاطفي، ديني، ابتهالات، مناسبات..) تعبر كلماته وتعبيراته وبتجانس (لابد) في اللحن والكلمات يصل إلى آذان المستمع بصوت "مطرب" الذي يجب أن يكون مؤهلا ولائقا ( على معرفة بالنوته والسلم الموسيقي) لهذا الأداء ليكتب ديمومة النجاح والاستمرارية للأغنية.

والأهم في هذا التسلسل هو كلمات الأغنية ولهجتها التي يجب أن تكون متداولة بصفة رئيسية بين المستمعين بكافة شرائحهم الاجتماعية في البلد الواحد، مثال :لا يستطيع اللبناني أن يستمع بإعجاب إلى أغنية باللهجة العراقية، لأنه لا يفهم معانيها، كما أن أغنية "ريفية" غير مركبة كلمات ولحن وأداء لا يمكن أن تجذب إعجاب مستمع في المدينة، ولعل الاستثناء الوحيد على مستوى العالم العربي في هذا الشأن هو الأغاني والأناشيد بأنواعها باللهجة "المصرية".

أثناء فترة الإنجليز كان لدى إذاعة عدن "لجنة/لجان تصنيف الأغاني" كلمات ولحن وأداء، وقد كان من أعضائها خالدَي الذكر الشاعر الكبير لطفي جعفر أمان والأستاذ الفذ حسين الصافي، و أ.أحمد زوقري و سالم بامدهف.

وبالعودة إلى عنوانا، فيمكن القول إننا ومنذ أواخر أربعينات  وحتى ستينات القرن العشرين عندما كان لنا الإبداع في شعر الأغنية متمثلا بـ"قمم وهامات الكلمة" كلطفي أمان والمحضار والقمندان وعلي لقمان وعبده غانم والرفاعي وجرادة والجابري والخضر وعلي أمان.. إلى اخر قائمة الاستثنائيين، أما في اللحن والأداء فهناك أبو بكر سالم والموسيقار أحمد قاسم والمطرب واسع الشعبية المرشدي والمبدع محمد سعد وعلوي والنادر بامدهف والزيدي والعزاني وكرامة وآخرون معرفون على الساحة الفنية عموما والغنائية تحديدا، بل أن أعمار أغلب أغاني هؤلاء النخب قد اقتربت من الستين إلى السبعين عاما ومازالت متربعة على القمة.

ولكن وبرحيل غالبية هذا الرعيل المتميز إضافة إلى أوضاع مرت بها البلاد فقد "جفت ونضبت" منابع الإبداع الفني عموما والغنائي خاصة. إن أغلب ( ربما الكل) الأغاني والأناشيد والتي تذاع حاليا عبر الأثير والمرتبطة بمناسبات معينة هي في الأصل تعود لتلك الحقبة الزاهرة والذهبية، إذًا وللحقيقة فإن رصيدنا الحالي من هذه الأغاني والأناشيد بعينها يعتبر "مفلس" ويتم تدويره مرارا وتكرارا عند المناسبات مع الاستعانة ببدائل غنائية من مصر والشام لمعالجة هذا الحال المهزوم والغير طبيعي في بلد يعتبر "تاريخيا رائدا في الثقافة والفن عامة والغناء تحديدا".

في معظم الدول العربية تظهر وتذاع سنويا ودوريا أغاني وأناشيد جديدة في كل مناسبة غالية وعزيزة،كانت وطنية (استقلال) دينية(رمـضان ،أعياد ) مناسبات (عيد الأم ).
كما أن لهجة هذه الأغاني هي اللهجة المهيمنة في تلك الدولة/البلد... لهجة يفهمها الغالبية العظمى من السكان، السياسة "ليس لها مكان في الفن".

وفي وقتنا الراهن نختبر تدهور مستمر في أساسيات الغناء، كلمات ولحن وأداء، لعل أسبابه ووقوده الزيادة المضطرة في أعداد المحطات الإذاعية (إف إم FM)  وأهدافها التجارية وأغراض أخرى في ظل غياب الرقابة الرسميه من الجهات المختصة.
ومن الامانة فإن على القائمين على الثقافة في الجهات الرسمية البدء بوضع أساسات لقطاع الثقافة وبشكل أدق "الغناء" حتى تسترد الأغنية المحلية، لكل مناسبة وحدث، جودتها (كلمة ولحن وأداء) ويبدأ رصيد اغانينا "المحنط والشبه مفلس" بالبعث مجددا "كيفا" أولًا و "كمّا" ثانيًا، غربوا الأفضل عبر لجان تصنيف متخصصة وبرامج دعائية ومسابقات فنية و"تبنوا واستثمروا" في الأفضل وبسخاء.

ونقول للإذاعات الخاصة الـ"إف إم FM" "اتقوا الله" في مستمعيكم عامة فيما ترسلونه عبر الأثير من أغاني "هابطة" تنخر في مستوى فكر وثقافة وتركيز الشباب، أمل المستقبل.
نأمل بإذن الله أن نسمع أغاني وأناشيد جديدة ترحب وتحيي أيام وليالي رمـضان القادم الفاضلة وعيد الفطر من بعده
كل عام وأنتم بخير مقدما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى