المرتبات والهدنة واستعادة الدولة

> يعبر البعض عن تبرمهم وانزعاجهم مما يصفونه بنجاح الحوثيين في إملاء شروطهم المتصاعدة على الأطراف الأخرى، ونجاحهم في استغلال الفرص التي تتيحها لهم الهدن والمشاورات وسياسة التهديد والابتزاز في إعادة ترتيب أوضاعها وتعزيز قواها، وإخضاع موافقاتها على تقديرها لمدى حاجتها للهدنة من عدمها.

وفي تقديري الشخصي أن هذه المواقف والممارسات والحسابات متاحة لكل طرف، ولا تستحق الشجب والإدانة، ولا يوجد ما يمنع الأطراف الأخرى من اتباع نفس التكتيك والخطوات، ولا هناك ما يجبرها على الاستمرار في تقديم التنازلات والهبات والتنازلات المجانية والسخية، ولا السكوت عن حقوق ومطالب جماهيرها ومن تدعي تمثيلهم وقيادتهم.

لا يمكن لأحد أن يلوم حركة أنصار الله مهما كان خلافنا معها ومع مشروعها، لأنها وضعت ضمن شروطها لتمديد الهدنة دفع الرواتب المتأخرة لموظفين محسوبين عليها ومؤيدين لها ويقيمون في مناطق تخضع لها، فمن حق هؤلاء الحصول على حقوقهم القانونية مع تعويضات مجزية، ومن حق الحركة الحوثية أن تعمل وتحرص على تحقيق مزايا ومكاسب لصالح جماهيرها وأنصارها، بما فيها الحقوق القانونية الخاصة والعامة، والتي ستعود على الحركة بمزيد من القوة والالتفاف الشعبي.

يظل موضوع مصادر وجهات التمويل متروكاً للتفاوض وقابلا للتسوية، وهو الذي سوف يتحقق في الأيام القريبة القادمة.

شخصيًا اتفق تمامًا مع الرافضين لمطلب أن يتم تمويل المرتبات من عائدات الجنوب، وعلى حساب استحقاقات مواطنيه.

وأتحفظ على الطابع الانتقائي والجزئي للحل واعتماده على المعايير المزدوجة، لأنه جسد ورسخ التمييز بحق الجنوبيين، والمظالم والانتهاكات الجماعية التي تعرضوا لها منذ حرب 1994، ولا يشكل مشروع الاتفاق لتمديد الهدنة غير الإصرار على حماية نتائج الحرب والسياسات والإجراءات الاستعمارية.

وأعتقد بثقة أن أحرار وحرائر الجنوب سوف يستوعبون هذه الرسالة، بما ما تنطوي عليه بالنسبة لمستقبل العملية السياسية التي ستفضي إلي عقد صفقة بين قوى وأطراف الشمال على حساب الجنوب.

وبالمناسبة، وفي ضوء ما يحصل أطرح السؤال التالي على كل من، مع حفظ الأسماء والألقاب، المبعوث الخاص لأمين عام الأمم المتحدة، المبعوثين الأمريكي والسويدي، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية وعلى الحكومات الشقيقة وبالذات الراعية لاتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة والتي لعبت دورًا هامًا في اتفاقات الهدنة وتمديدها، ماذا عن الحقوق المالية القانونية، المرتبات، والمزايا المعنوية لعشرات الآلاف من موظفي الدولة الجنوبيين من مدنيين وعسكريين وأمنيين الذين كانوا ضحايا لأبشع وأوسع عملية تسريح قسري من أعمالهم عقب حرب 1994؟

ماذا عما جاء في النقطتين 20 والـ 11 وبيانات ومخرجات مؤتمر الحوار والقرارات الرئاسية وأحكام القضاء، وقرارات اللجنة القضائية الرئاسية؟

ألا يشكل مشروع الاتفاق لتمديد الهدنة دليلًا على وجود نوايا خفية لدى الأطراف المعنية تناقض ما تجاهر به وتقوله.

ألا يشكل الاتفاق استفزازًا خطيرًا لمشاعر شعب، وتجاهلا لحقوقه ودوره، ولأبسط ما يتطلبه ثبات الهدنة ونجاح العملية السياسية بمعيار تحقيق أهدافها المعلنة؟

من المرجح أن تتم في الأيام القادمة الموافقة على الشروط والمطالب الحوثية وإعلان تمديد الهدنة، وهو الذي يعني نقل الكرة إلى الملعب الجنوبي، وسيكون الجميع بانتظار الرد من أصحاب الحقوق المصادرة من الشعب بأسره، وعلى ضوئه سوف توضع الخطط وترسم الخرائط ، ويتقرر مصير الجنوب والتسوية والسلام في المنطقة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى