​إسعاف المرضى بنعوش الموتى.. ما هي أسباب تأخر تأهيل طريق قرية المحشاء؟

> تقرير/ فيصل المياسي

>
وصلت الكثير من شعوب العالم إلى مراحل متقدمة ومستويات عالية في كل مجالات الحياة منها الصناعة والطب والهندسة والفضاء والتكنولوجيا وغيرها بينما لايزال الإنسان اليمني يعيش حياة القرن السابع بعد الميلاد ولازال يبحث عن لقمة العيش وعن الطريق و الماء و الكهرباء، وهي أشياء قديمة تخطتها الكثير من الشعوب منذ عشرات السنين حتى الصومال بدأت تتخطى هذه المشاريع وبات شعبها يطمح إلى ما هو اكبر من ذلك.. أما اليمن فلازال المواطن يموت فيها قهرا وفقراً ومعاناة ويبحث عن أبسط مقومات الحياة والخدمات الضرورية.

ومثالاً على ذلك قرية المحشاء في مديرية جبل حبشي، فمنذ عشر سنوات مضت وأهالي شرف الجبا، وذا العرين والظليفة، وبقية المحلات محرومة من الطريق فهم لايبحثون عن طريق معبّد ولا مفروش بالورود بل يبحثون عن معالجة نقاط ضعف الطريق وإزالة العوائق منها، وتخطي صعوباتها وحواجزها، وهذا الطريق أوجدتها وشقتها سواعد الفقراء، ودفع ثمن تكاليفها جيوب الكادحين من ابناء المديرية.

وقد مضى عقد كامل من الزمن والاهالي لايزالون يبحثون ويطالبون ويناشدون ويستغيثون بمن يقف معهم ويحقق حلمهم، و يفك عنهم عسرتهم ويخلصهم من ( 470 متراً ) موزعة على ثلاث عقبات سوف نضع تفاصيلها لاحقاً ضمن هذا التقرير، ولكن لاحياة لمن تنادي.

وبعد عقود من الزمن وسنوات من الحرمان والمعاناة بادر أهالي محلات شرف الجبا و المقدم وذا العرين وقهابة والظليفة والأشعاب التابع لمنطقة المحشاء جبل حبشي، قاموا  بشق طريق تربطهم بالطريق الرئيسي في النقطة، حيث المكان الواقع  في ساحة المقبرة بمدخل قرية المحشاء وتمتد حتى النقطة أسفل شعبة القرناط وبطول ( 2 كيلو ونصف الكيلو) كمرحلة اولى.

واستمر العمل فيه مايقارب أربعة أشهر، وفي ظروف وجغرافيا معقدة، وتضاريس وعرة، وإمكانيات متواضعة، وبجهود ذاتية، بلغ تكاليف شقها مايقارب2.400000 ريال بما يعادل 11214 دولار، عندما كان الدولار الواحد يساوي 214 ريال يمني عام2010 /2014.
ودفع الأهالي ثمن تكاليف عمل الشق من جيوبهم وقوت أطفالهم ولقمة عيشهم، الى جانب ما جاد به رجال الخير وصناع المعروف من مساعدات وتبرعات ومساهمات كان لها الأثرها الإيجابي في إنجاز عمل شق الطريق في مراحله الاولى.


 أهمية الطريق وحجم معاناة الأهالي

انطلاقا من أهمية الطريق ودوره في كل المستويات.. نوضح مدى حجم  المتاعب التي يعاني منها أهالي محلات المقدم / ذا العرين / قهابة / الظليفة/ الأشعاب وذلك بسبب فقدانهم لهذا الشريان الحيوي الهام.

1- الصعوبة في نقل المرضى والجرحى والحالات الطارئة وحالات الولادة وغيرها من الحالات الحرجة الأخرى.. مما يضطر الأهالي لنقل مرضاهم بواسطة نعوش الموتى وعبر شعاب وتضاريس وعرة، للوصول بالحالة الى الطريق الرئيسي البعيد عنهم، وهناك حالات لايتم إسعافها لصعوبة نقلها عبر المحفات والنعوش وذلك لسببين إما وضع الحالة او لعدم توفر المسعفين القادرين على حملها، ليبقى المريض طريح الفراش حتى مفارقته للحياة.
2- الصعوبة في نقل الأحمال الثقيلة، وغير ذلك من مستلزمات الحياة وضروراتها،  فالكثير يعاني من الآم العمود الفقري والعجز الجسدي، وغالباً ما تقوم به المرأة عند غياب زوجها هو القيام بحمل الاثقال وبمختلف الأحجام، مما يجعلها عرضة للمخاطر الصحية والنفسية، فوضع المرأة غير وضع الرجل وقدراتها محدودة غير قدرات الرجل.
حتى الدواب المخصصة لنقل الأثقال والحاجات المختلفة هي نفسها تجد صعوبة في النقل وتفقد السيطرة ويختل توازنها وتعجز، حيث لا يتوفر الطريق الآمن والسهل في ممرات الشعاب والمدرجات المعقدة.
ولهذا تتعرض الكثير من المواد للتلف منها مشتريات ومستلزمات  يقوم بتوفيرها الأهالي لتدبير شؤون حياتهم وعيشهم.
3- صعوبة وصول لجان تلقيح الأطفال للحالات المخصصة، وهذا بدوره يؤثر سلباً على حياة الأطفال وتعرضهم للكثير من الأمراض والإعاقات البدنية.
4- إن ما يعانيه الأهالي أيضاً هي العزلة الاجتماعية وعدم الترابط مع بقية المجتمعات الأخرى المحيطة بها أو تلك المحلات و المناطق والقرى المجاورة لها، وهذا بدوره يؤثر سلباً على الفرد والمجتمع على حد سواء.


 المجتمع المستفيد وحجم السكان

تشهد محلات شرف الجبا/ المقدم/ ذا العرين / قهابة /الظليفة / الاشعاب تنمية عمرانية وزيادة سكانية، حيث يقدر عدد المنازل في تلك المحلات المذكورة ب  224 منزلاً وعدد 301 أسرة.

وتشكل نسبة المنازل في تلك المحلات المذكورة والمحرومة من الطريق 36.54 % من الإجمالي العام لعدد المنازل الموجودة في منطقة المحشاء والبالغ عددها 613 منزلاً ومبنى سكني أهلي.

ويبلغ عدد السكان في تلك المحلات المذكورة والمحرومة من الطريق حوالي897 نسمة وتشكل نسبة 19.08 % من الإجمالي العام لعدد سكان منطقة المحشاء والبالغ عددهم 4700 نسمة.

وتحتل نسبة الأطفال والفئات العمرية حتى 14 عام في تلك المحلات المحرومة من الطريق، "المرتبة الاولى" بعدد 357 نسمة، وبنسبة 39.79 % من الإجمالي العام لعدد سكان تلك المحلات 897 نسمة.

وتأتي الفئة العمرية من 60 سنة وما فوق، في المرتبة الثانية بعدد 289 نسمة وبنسبة 32.21 % من الإجمالي العام لعدد السكان في تلك المحلات المحرومة من الطريق.

وبسبب هذا يواجه الأهالي صعوبة في العيش، ومعاناة لاحدود لها، ولايطاق حملها.. نظراً لحرمانهم من الطريق كمشروع حيوي هام ومنجز خدمي يتحقق من خلاله منافع للفرد والمجتمع.

 زيارات فارغة و وعود كاذبة

وقد قامت السلطة المحلية السابقة واللاحقة بزيارات فارغة ووعود كاذبة، كان أولها في عام 2014 حيث قام مدير مكتب الأشغال بالمديرية السابق المهندس جمال الصبري ومعه عضو المجلس المحلي سعيد محمد علي ، والشيخ عبدالرحمن محمد عبدالجليل المليكي مدير مالية جبل حبشي وبتكليف من مدير عام مديرية جبل حبشي الشيخ عبدالجبار البركاني وتم اعتمادها ولكن غارت في دهاليز الفشل وغرف النسيان.

وجاءت بعدها زيارة لنفس الطريق وبتاريخ 2017/9/22 قام بها م. السفياني، والذي يعمل حالياً مديراً لمكتب الأشغال بالمديرية وتم عمل الدراسة والتخطيط للمشروع، والنتيجة  نفس الروتين وكماهي العادة وعود وفشل وإهمال متعمد.
و قام أيضا  مدير إدارة المشاركة المجتمعية بالمديرية عبده سيف الراشدي بزيارة لنفس المشروع، وتمت المعاينة وإجراء المسوحات لنقاط الضعف في الطريق، وانتظر الأهالي النتائج، وطال الانتظار وكماهي العادة، وعود فارغة وخادعة.


 العوائق والصعوبات

بعد استكمال مبادرة شق الطريق من قبل الأهالي وإلى حيث النقطة التي وقفت عندها كما بيناها سالفاً، وجدت بعض من العوائق والعقبات والصعوبات والتي حالت دون تحقيق الاستفادة من الطريق بعد جهود الشق، وأبرزها:
- العقبة الأولى من أمام مسجد شرف الجبا وتمتد حتى المدخل الأسفل لمحلة المقدم يقدر طولها ب 85 متراً.. تشكل هذه العقبة أبرز عوائق الطريق، كونها منحدرة وترابية وتتعرض لتجريف سيول الامطار، وبحاجة إلى رصها بالأحجار وحمايتها بالجدران الساندة.

-العقبة الثانية بداية مدخل ذا العرين ويقدر طولها ب35 متراً، هي أيضاً من نقاط ضعف الطريق وتحتاج إلى الرصف وجدران الحماية.
- العقبة الثالثة من بداية مدخل ذا العرين وتمتد حتى مدخل قهابة والظليفة ويبلغ طولها 350 متراً هي ايضاً تحتاج إلى عمل الرصف بالأحجار.

وبلغ أجمالي العقبات 470 متراً وهي خلاصة التحديات الجسيمة والصعوبات التي شكلت عائقاً أمام استخدام  الطريق ومرور المركبات، وحالت دون تحقيق استفادة أهالي تلك المحلات من هذا الجهد الخدمي،  وهذا  المنجز التنموي الذي سطره الأهالي بسواعدهم القوية وخطته أناملهم الشريفة.
ولاتزال الآمال والتطلعات التي ينشدها الأهالي معلقة بالسلطة المحلية بقيادة المحامي فارس المليكي مدير عام مديرية جبل حبشي، والذي يبذل جهوداً كبيرة وفي مختلف الميادين من أجل الارتقاء بالمديرية والنهضة بمستواها وفي مختلف المجالات، ويسعى جاهداً  لتحقيق تطلعات وآمال أبنائها، والتخفيف من معاناتهم.

ويأمل الأهالي أيضاً بمشاريع الخير، والمساعدات والتعاونيات، والمنظمات الإنسانية المهتمة بالمجال التنموي والانساني،  ودورها الفاعل في هذا المجال وفي كل عمل يحقق نتائج إيجابية في حياة الناس وتنمية المجتمعات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى