​محمد علي باشراحيل ومؤتمر لندن الدستوري الأول والثاني

> أفراح الحميقاني

>
محمد علي باشراحيل، رحمه الله، يُعتبر شخصية وطنية فذه ساهم بنضاله الصحفي والسياسي ضد الاحتلال البريطاني في الجنوب العربي ونلاحظ ذلك جلياً من خلال كلماته الافتتاحية في صحيفة "الأيام"، وكان رحمه الله رمزا من الرموز الوطنية لمدينة عدن، دعا في كل كتابات لاستقلال شعب الجنوب العربي، وطالب بنيل حريته وكرامته ونزعها من مستعمرة (بريطانيا)، وقد تناولت في هذا المقال التاريخي موقف محمد علي باشراحيل، من مؤتمر لندن الدستوري الأول من خلال الكلمات الافتتاحية في صحيفة "الأيام" عام 1964م، وكانت أهم الأوضاع التي سبقت عقد مؤتمر لندن الدستوري الأول أن بريطانيا اتخذت أسلوباً جديداً في سياستها تجاه الجنوب العربي حيث أعلنت عن إنشاء حكومة مستقلة بعدن وأصدر المندوب السامي البريطاني أمراً بتكليف السيد حسن علي بيومي تشكيل حكومة عدن ووضع دستوراً لها من قبل وزارة المستعمرات البريطانية بلندن، وبذلك أصبح السيد حسن علي بيومي أول رئيس وزراء في عدن، وفي 16/8/1962م وقع الجانبان الاتحادي والعدني مشروع اتفاقية تهدف إلى انضمام عدن إلى الاتحاد الفدرالي، وكان ذلك بإيعاز من بريطانيا التي ضمنت مصالحها وفق التطور الدستوري الجديد، وتمت عملية الدمج في 16/1/1963م، وبذاك أصبحت عدن مجرد ولاية من ولايات الاتحاد، وقد لجأت بريطانيا لذلك لمواجهة الثورة التي انطلقت في شمال اليمن وأطاحت بالحكم الأمامي، وأيضاً لصد الزخم التحرري الذي تقوم به مصر بزعامة جمال عبدالناصر، فكان لابد لبريطانيا من اتخاذ جملة من التدابير التي تراها مناسبة للحفاظ على مصالحها في المنطقة  لضمان بقائها، لذلك تقرر عقد المؤتمر في عام 1963م، وكانت هناك وفودًا من حكومة عدن والاتحاد والمندوب السامي البريطاني تريفا سكس، وبعض المسؤولين في مطار عدن متأهبين للمغادرة إلى لندن لحضور المؤتمر، وعندما ألقيت قنبلة في المطار قتل بسببها أحد مساعدي المندوب السامي، كذلك أصيب هو بجراح، وجرح الكثير من المسؤولين، لذلك تأخر عقد مؤتمر لندن، وأعتقل الكثير من الوطنيين وزعماء حزب الشعب الاشتراكي، وأعلنت حالة الطوارئ، كما توفى حسن بيومي بعد توليه منصب رئيس الوزراء لبضعة أشهر، لذلك عين المندوب السامي البريطاني زين عبده باهارون خلفاً لحسن بيومي بمقتضى الدستور، وقد لقي هذا المؤتمر معارضة شديدة من القوى الوطنية والأحزاب السياسية.

وعقد مؤتمر لندن الدستوري الأول في الفترة من 9 يونيو – 4 يوليو 1964م، بحضور مندوبي من حكومة الاتحاد وحكومة عدن، ولم يسمح للقوى الوطنية والأحزاب السياسية بالاشتراك في المؤتمر، وقد فشل هذا المؤتمر ورغم ذلك خرج بقرارات منها، إعلان استقلال الجنوب في عام 1968م وتشكيل حكومة في اتحاد الجنوب العربي كدولة مستقلة وقد رفض السلاطين والمشايخ ذلك لانهم تمسكوا بالمعاهدات مع بريطانيا.

أما موقف محمد علي باشراحيل، من مؤتمر لندن الدستوري الأول فقد قال عنه إنه مؤتمر المساعد وأعلن أن بريطانيا تصر على عزل الشعب عن حاضره ومستقبله، والمضي في تخطيط مصيره مع جماعة من المفاوضين الذين لم يمنحهم صلاحيات التحدث باسمه، وبين إصرار الشعب في أن يصنع مصيره بنفسه وإصرار حكومة المحافظين في بريطانيا والمستر دنكن سانز في تجاهل إرادة الشعب، وقد أكد باشراحيل أن الشعب يرفض نتائج هذا المؤتمر، كما أوضح على أن حكومة عدن يجب أن تدرك أن الانتخابات المقبلة لا يمكن اعتبارها خالية من الهيمنة والتقييد مالم يتم تعديل الموقف ويسمح لأبناء الجنوب المقيمين في عدن في الاشتراك فيها كما انتقد الأحكام العرفية دون اللجوء إلى حكم القانون في بلد يسعى شعبة إلى ترسيح دعائم الديمقراطية ونشر مفاهيمها بين جماهير الشعب، ودعا إلى إلغاء جميع الصلاحيات التي تؤهل رجال الحكم إلى نفى الوطنيين أو الإلقاء بهم في غياهب السجون.

مؤتمر لندن الدستوري الثاني: 

أن محمد علي باشراحيل، رحمه الله، أدى دوراً رائعاً في مسيرة العمل الوطني في مدينة عدن خاصةٍ والجنوب العربي عامةٍ، فكان يقاتل بالكلمة شأنه في ذلك شأن الفدائيين، وقد عبر في كتاباته في صحيفة "الأيام" عن مؤتمر لندن الدستوري الثاني وقد تناولت في هذا المقال التاريخي موقف محمد علي باشراحيل، من ذلك المؤتمر من خلال الكلمات الافتتاحية في صحيفة "الأيام" للأعداد في عامي 1965م و 1966م، وكانت الأوضاع التي سبقت عقد مؤتمر لندن الدستوري الثاني في عام 1965م هي تحول جوهري في السياسة البريطانية تجاه الجنوب العربي، فقد وصل لسدة الحكم حزب العمال البريطاني في اكتوبر 1964م، وتم تعيين انتوني جرينود وزير للمستعمرات البريطانية بدلاً من دنكن سانز، وكانت السياسة البريطانية الجديدة تقوم على أساس تصفية الحكام التقليديين في الجنوب العربي، وتسليم الحكم لحكومة عمالية تنبثق عن المؤتمر العمالي بعدن، ولكن الحركة العمالية بعدن لم تكن على المستوى السياسي الذي يحق لها تسليم زمام الأمور وتسير نظام الدولي، وبذلك خيبت آمال حكومة العمال البريطاني، كما عملت ايضاً على استقطاب عبدالله الأصنج زعيم حزب الشعب الاشتراكي الذي دخل في خلاف مع الجبهة القومية حول نوعية النضال، فعبد الله الأصنج يرى التفاوض حلاً لقضية الجنوب، بينما  ترى الجبهة القومية أن الكفاح المسلح حلاً لها، لذلك تقرر الإعداد لمؤتمر دستوري جديد يُعقد عام 1965م لتقرير وضع عدن والاتحاد ومناقشة موضوع الاستقلال، ولكن الخلافات استمرت بشده بين حكومة عدن وحكومة الاتحاد التي أرادت عرقلة عقد المؤتمر مما جعل رئيس الوزراء زين باهارون يهاجم الاتحاد في بيان نقلته إذاعة عدن، مما اضطر المندوب السامي البريطاني التدخل فقد حدثت خلافات بينهما، مما أدى إلى تقديم الاستقالة لحكومة زين باهارون رئيس الوزراء، وتم تعيين السيد عبد القوي مكاوي رئيساً للحكومة، وعقد مؤتمر لندن الدستوري الثاني في عام  1965م وذلك في شهر أغسطس برئاسة وزير المستعمرات البريطانية المستر انتوني جرينود وحضور وفود من حكومة عدن والاتحاد والأحزاب السياسية حزب الشعب الاشتراكي، وحزب أبناء الجنوب العربي، وسلطنات المحمية الشرقية (السلطنة الكثيرية والسلطنة القعيطية)، وقد عارضت الجبهة القومية هذا المؤتمر وسمته مؤتمر الخيانة، قد حدثت خلافات كثيرة بين أطرافه هذا المؤتمر، فادى ذلك إلى انسحاب العديد من ممثلي حكومة عدن والأحزاب السياسية وكان ذلك سبباً في فشل المؤتمر.

وكان موقف محمد علي باشراحيل، من مؤتمر لندن الدستوري الثاني 1965م كالآتي: 

فلقد تنبى بالخلافات التي ستكون بين الأطراف التي تتأهب للذهاب إلى لندن للاشتراك بالمؤتمر الدستوري، وعلل سبب ذلك الخلاف في كونهم لم يتداركوا فيما بينهم الموقف الذي هم مقبلون عليه (المؤتمر) جملةً وتفصيلاً، ولم يضمنوا الموافقة الجماعية على قرارات حاسمة يواجهون بها الحكومة البريطانية، كما أنه أبدى إعجابه بموقف الاتحاد ورفضها الاشتراك في المؤتمر مالم تشترك فيه سلطنات حضرموت كما أشار إلى أن حكومة عدن يجب أن يكون موقفها لا يقل إيجابية عن موقف الاتحاد كذلك كان إلى جانب حكومة عدن والأحزاب السياسية التي اشترطت في اجتماعات لندن رفع حالة الطوارئ وعودة المنفيين والإفراج عن المعتقلين، ورأى أنها على حق مائة بالمائة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى