​الجفاف في الصومال.. معاناة يفاقمها الإرهاب

> مقديشو«الأيام»الأناضول:

>
  •  توسيع نطاق العمليات العسكرية ضد عناصر حركة "الشباب" في مناطق الجفاف يزيد من تدفق المواطنين إلى مخيمات النزوح في ظل نقص حاد في المساعدات
  •  مسؤول منظمة إغاثية: استمرار القتال ضد عناصر "الشباب" يؤثر سلبا على الحياة اليومية لسكان القرى التي تعاني من الجفاف وانعدام الغذاء
  •  مسؤول حكومي: تزايد موجات النزوح ستزيد أعداد المحتاجين إلى المساعدات العاجلة
في خضم العمليات العسكرية المستمرة التي تديرها الحكومة بمعاونة العشائر المسلحة ضد حركة "الشباب" في البلاد، تبرز الأزمة الإنسانية إلى الواجهة جراء زيادة الهاربين من تبعات القتال وصعوبة إيصال المساعدات القليلة إلى مستحقيها.

وفي الوقت الذي تلوح فيه بوادر المجاعة المحتملة في الصومال بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، حذرت هيئات إنسانية محلية من تفاقم الوضع الإنساني في البلاد في ظل تواصل العمليات العسكرية الحكومية في البلاد.

وبسبب توسيع نطاق العمليات العسكرية في أقاليم البلاد، يزداد تدفق النازحين إلى مخيمات ضواحي العاصمة مقديشو يوما تلو الآخر، مع نقص حاد في المساعدات ينذر بتحوّل الأوضاع إلى الأسوأ بحسب مكتب المبعوث الخاص للشؤون الإنسانية.

عمليات عسكرية مستمرة

توسّع نطاق العمليات العسكرية الحكومية بالتعاون مع مجموعات عشائرية ضد مقاتلي "الشباب" لتشمل مدن وقرى وبلدات وسط وجنوبي البلاد.

وبدأت هذه العملية العسكرية مع اندلاع ثورة عشائرية مسلحة ضد "الشباب" على خلفية هدم مقاتليهم عدة آبار وأحواض كانت تشكل مصدر حياة للسكان القرويين وسط وجنوبي البلاد، في محاولة لإخضاع السكان لأوامرهم المتشددة، في وقت تنوء فيه تلك المناطق بالجفاف.

وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في مناسبة عزاء لرئيس شرطة إقليم بنادر الذي قتل في تفجير لغم بإقليم شبيلي الوسطى، إن بلاده "في حالة حرب ضد حركة الشباب الإرهابية" مشيدا بـ"دور العشائر الصومالية التي أخذت السلاح للدفاع عن أنفسهم ودينهم ضد الإرهابيين الذين مارسوا شتى أنواع التعديات طيلة السنوات الماضية".

وأكد شيخ محمود أن العمليات العسكرية "ستتواصل في كل مكان يوجد فيه الإرهابيون إلى حين تصفيتهم من جميع الأقاليم البلاد".

ومن جانبه، قال أحمد نور مسؤول في مؤسسة السعادة الخيرية المحلية إن العمليات العسكرية اتسعت رقعتها لتمتد لولايات غلمدغ وهيرشبيلي جنوب غربي الصومال وبعض أجزاء ولاية جوبالاند وهي من الأكثر الأقاليم تضررا جراء الجفاف.

وأضاف أحمد للأناضول أن استمرار العمليات من شأنها أن تفاقم سوء الوضع الإنساني في البلاد، حيث ستؤثر تلك العمليات سلبا على الحياة اليومية للسكان القرويين الذين يعانون أصلا من نقص حاد في المواد الغذائية والمياه.

وبحسب منظمات إنسانية محلية فإن توجيه الرئيس المؤسسات الحكومية للمشاركة في العمليات العسكرية ضد "الشباب" في البلاد أثرت سلبا على العمل الإنساني، حيث انخفض الدعم الموجه للمتضررين من أزمة الجفاف بما يعرض حياة آلاف المواطنين إلى الخطر.

موجة نزوح جديدة

وفي الأثناء، استقبلت مخيمات النازحين بضواحي العاصمة مقديشو مئات الأسر الفارّة من العمليات العسكرية التي تحتدم وسط وجنوبي البلاد.

قالت عبدية معلم نور (أم لطفلين) إن المعارك الجارية أجبرت أسرتها على الفرار من منزلها في بلدة "بصرة" بإقليم شبيلى السفلى ووصلت إلى هذا المخيم بشق الأنفس.

وأضافت معلّم للأناضول: "تركنا وراءنا كل ما نملك خوفا على حياتنا، وأصبح الهروب الوسيلة الوحيدة، لكن المعاناة ترافقنا أينما رحلنا وكأننا رهائن لأزمات متلاحقة ومتكررة".

على غرار أسرة عبدية، وصل إلى ميخم "الفوتو" في ضاحية العاصمة مقديشو نحو أكثر من 50 أسرة خلال اليومين الماضيين معظمهم هربوا من المناطق التي تشهد العمليات العسكرية ضد الشباب بحسب ميو أحمد رئيس المخيم.

وبدوره، أكد حسن محمود قرني مستشار المبعوث الرئاسي الخاص للشؤون الإنسانية للأناضول، وجود زيادة ملحوظة في أعداد النازحين الجدد في بعض الولايات الفيدرالية، حيث هرب آلاف المواطنين من المناطق التي تدور فيها المعارك بين القوات الحكومية ومقاتلي "الشباب".

وأضاف قرني أن تزايد موجات النزوح في الوقت الحالي ستزيد أعداد المحتاجين إلى المساعدات العاجلة، ما يتطلب وضع خطط إنسانية طارئة لتلبية احتياجات النازحين الجدد، في ظل نقص تمويل المساعدات الإنسانية وتفاقم أزمة الجفاف.

وبحسب احصائيات غير رسمية، فإن النازحين جراء العمليات العسكرية ضد"الشباب" في قرى وبلدات وسط وجنوبي البلاد يزداد يوما بعد الآخر، وقد يصل عددهم إلى أكثر من 5 آلاف أسرة موزعة على إقليم بنادر ومدينتي هيران وبيدوة بإقليمي هيرشبيلى (جنوب غرب).

تفاقم المعاناة الإنسانية

وتنذر العمليات العسكرية المستمرة في البلاد بزيادة أوسع للمعاناة الإنسانية، ما لم يتم ابتدار استراتيجية إنسانية لإيصال المساعدات العاجلة إلى المناطق المحررة من قبضة حركة "الشباب"، وفق مكتب المبعوث الخاص لرئيس الصومالي للشؤون لإنسانية.

وقال المبعوث الخاص للرئيس الصومالي عبدالرحمن عبدالشكور في تدوينة مقتضبة في صفحته على فيسبوك، إن حركة "الشباب" تحاول منع الفئات الضعيفة من الوصول إلى المساعدات الإنسانية من خلال هجماتها على عمال الإغاثة.

وأضاف عبد الشكور أن "تحرير الشعب من حكم الإرهابيين هو مفتاح استجابة الحكومة لأزمة الجفاف وإيصال المساعدات للمناطق المتضررة التي كانت من الصعب الوصول إليها".

وبحسب أحمد نور المسؤول في مؤسسة السعادة الخيرية المحلية، فإن محاولة الإرهابيين عرقلة جهود المساعدات قد تفجّر الأوضاع الإنسانية، لكن استراتيجية الحكومة بضمان إيصال المساعدات إلى المناطق المحررة سوف تقلل معاناة سكان تلك المناطق على الأقل في المرحلة الراهنة.

وقامت هيئة إدارة الكوراث الصومالية بإيصال مساعدات إنسانية عاجلة للمناطق المحررة من قبضة حركة"الشباب" بهدف تخفيف معاناة المتضررين من أزمة الجفاف.

وفي نهاية أغسطس الماضي شن مقاتلو "الشباب" هجوما على مؤسسة خيرية محلية كانت توزع مساعدات على النازحين بالقرب من مدينة بيدوة (جنوب غرب)، حيث استولوا على جزء من المساعدات، اعتبره رجال الإغاثة تطورا خطيرا على العمل الإنساني.

وبحسب التقديرات الأممية، فإن 7 ملايين صومالي يواجهون انعدام الأمن الغذائي، بينهم 3 ملايين يعيشون في مناطق يصعب وصول إليها، بينما يواجه 1.5 مليون طفل و248 ألف امرأة حامل من حالة سوء تغذية حادة، وتعزز كل هذه المؤشرات من احتمال حدوث أزمة مجاعة في البلاد.​​​​​​​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى