حضرموت من يدق الجرس القديم

> > يفهم بوضوح وقبل كل، شئ أن ماننظر إليه، في حضرموت في هذا الوقت بالذات لايقتصر على البحث في المضمون الوطني لحضرموت، بين الكيان الجغرافي أو الكيان الاقتصادي وماهو علاقته بالإقليم كله وحتى نوضح أكثر فالأمر ليس شرطا أن تكون حضرموت محبوبة ولدى الآخرين رغبة أن يتعايشوا معها بما تفيض به من محبة، بقدرمايكون الأمر أن تكون مهابة بدرجة أساسية وتضع لنفسها موقعا يليق بها، بماتحمل من مضامين وطنية وتراث ثقافي وحضاري، وهناك مسألة في غاية الأهمية وهي أن تاريخ النضال الوطني الحضرمي شهد كثيرا من التقلبات والاحداث، التي عصفت بها على مدى نصف قرن من رحيل الاستعمار البريطاني واستقلال عدن والمحميات في 1967م، و من ثم ظهور دولة جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، ثم الديقراطية فيما بعد، وكانت حضرموت الجزء الاكبر فيها.

هناك جدل كبير وكثير جرى حول كيف سقطت حضرموت وأدخلت في نطاق جمهورية اليمن الجنوبية يومذاك، هذا الجدل والاستفسار أخذ زمنا طويلا من اليوم الأول لعودة باخرة سلاطين حضرموت والمهرة، ثم ماتلى ذلك من خروج مجاميع من المعارضين هربا من حمى الثورة التي اشتعلت وأخذت تأكل الأخضر واليابس وتحملت حضرموت القسط الأكبر في الخسارة والضغط النفسي والجلد، وانتقل الجدل حول أزمة حضرموت إلى الخارج ولكنه بقي خامدا لايقوى على النهوض لغياب التأييد أو التعاطف المباشر وغير المباشر وأحكمت القبضة على حضرموت بشدة حتى كادت ان تختنق وضمر جسدها وخارت قواها كل هذه السنين.

حضرموت ابتكرت خطوة فاعلة في الاستقلال الوطني، وحاسمة حين سلمت أو أسقطت قبل الاستقلال بمايقرب من ثلاثة أشهر، ولم تحرك ساكنا، وانتظرت بهدوء حتى يوم الاستقلال، وليس الأمر كذلك،فبعد أن سقطت بيد ثوار الجبهة القومية طبقت بها الأحكام والإجراءات الثورية أي حكم الجبهة القومية والثورة والشعب خلافا للمناطق الأخرى التي لازالت بعيدة عن كل مايدعى جبهويا وثوريا، وهذا كان يطرح سؤال آنذاك ولازال يخضع للتحليل وربما يشبه مايحدث اليوم، ألم تكن حضرموت تمتلك قوة عسكرية بها حضارم من دون أي تدخل، ألم يكن في حضرموت مشروعا سياسيا جاهزا بديلا كان يمكن أن يقفز ويلتهم الثوار يومذاك، او يتصادم معهم ولن يسلم بسهولة ماالذي جرى ليلة السقوط ونهارها، وماالسبب الذي عجل بوضع الجبهة القومية يدها عليها وإسقاطها وحكمها أولا.

كثير من الاسئلة مازالت حية، وكثير من الإجابات لم تأخذ طريقها إلينا حتى اللحظة، ترى من يملك السر ومفتاح الباب الكبير كما، يقولون، أنما من المقتطفات التي قرأت أن أبرز الأسباب في سقوط حضرموت وإدخالها او الزج بها في دولة اليمن الجنوبي كان مشروع الاتحاد الحضرمي الذي جرى بلورته بين النخب الحضرمية حول دولة حضرموت المتحدة، وعارضته بريطانيا وغض النظر عنه من قبل السلاطين، وباركته الجارة السعودية في انتظار فكرة الاتحاد اللاحق، وهو الامر الذي حذى بالمندوب السامي البريطاني ، زيارة المكلا مرتين خلال شهر واحد ، وهذا ماالتقطته الجبهات المعارضة في الميدان وعلمت من الصفحة الاولى أن الاتحاد الحضرمي إذا ظهر، ثم نفذ الاتفاق مع، شركة ارامكو للنفط الذي وقع في عدن عام 1966م لاستخراج النفط الحضرمي المهري، فإن موضوع التحرير سيبقى ناقصا وستحلق حضرموت بسلطناتها بعيدا في الفضاء، فزادت حرب إسقاط، المناطق بين الجبهات وقوى أخرى والتصادم بينها البين، وفي حدة هذه الاحداث ظهرت أيضا في حضرموت مؤتمرات القبائل وهذا كان إحدى مخاوف الثوار بسب امتداد، يد الجوار بهذه التجمعات حسبما قيل حينها وزاد من التكهنات.

لااعتقد أن هناك فرصة لاحت لحضرموت كي تلبي مابها من حنين دام سنين، وربما في خضم الصراعات الداخلية لكنها لم تكن مهيأة بالمفهوم الثوري الذي حدث فيما بعد، في بلدان مثل كرواتيا، أو ألبانيا...إلخ لإحراز استقلال يمكّنها من الفكاك الذي حلم به الحضارم وقد يحتاج هذا لطرف خارجي قوي إنما بعيدا عن شهية الطمع وهذا مالم يتأتئ بسبب غياب الجوار النزيه حينذاك.

إنما بغض النظر عما شهده مسرح الأحداث يومذاك، وبتغير الشخوص والديكور بعد كل هذا الزمن، ومابين فكرة جمهورية حضرموت التي قيل أنها أيضا كانت تحوم قبل الاستقلال من جهات حضرمية من دون السلاطين آنذاك طبعا، وبين حضرموت بوجودها وحدودها أو إقليم حضرموت الذي، يروج له البعض، في وجه المتغيرات والهزات الماثلة، ترى من يخوف من؟ ومن يدق الجرس القديم ؟ وأين حضرموت التي نريدها من، بين كل هذه التمنيات؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى