السعودية تضع خططا لدعم دول عربية

> الرياض "الأيام" العرب

> ​يشعر السعوديون بثقل الأزمة العالمية على محيطهم العربي، وهو ما يفسر الإعلان عن تأسيس شركات سعودية استثمارية في بلدان عربية محدودة الدخل، والتلميح إلى أن المملكة تخطط لمساعدة بعض الدول التي تتعرض لأزمات.

وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان إن دول منطقة الشرق الأوسط ستواجه صعوبات في الفترة المقبلة، وإن “على دول الخليج مساعدتها”.

وزاد الجدعان “من الصعب التنبؤ بما يجري عالميا.. لكن ستكون هناك ظروف صعبة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.. وعلينا أن نعمل على المزيد من التعاون والتآزر ليكون هناك استقرار”.

وأشار إلى أن إحدى أكبر الصعوبات التي تواجهها الدول، تتمثل في ارتفاع الدين، ونحن “نعمل مع المؤسسات الدولية لحشد الدعم لدول المنطقة”.

وأعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي الأربعاء عن تأسيس خمس شركات استثمارية إقليمية في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عمان، وذلك في أعقاب تحرك مماثل بإنشاء شركة استثمارية تابعة له في مصر.

وقال الصندوق إن الشركات الست ستستهدف استثمارات تصل إلى 24 مليار دولار في قطاعات تشمل البنية التحتية والعقارات والتعدين والرعاية الصحية والأغذية والزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.

ويقول متابعون للشأن الخليجي إن السعودية تفكر في هذا الدعم بسبب شعور المسؤولين فيها أن الأزمة العالمية قد تتّخذ أبعادا شبيهة بالأزمات الإقليمية والدولية التي قادت إلى “الربيع العربي” الذي لم يكن سوى استجابة للوضع الاقتصادي الصعب الذي عاشته دول مثل تونس ومصر اللتين انطلقت منهما شرارة الاحتجاجات لتتسع سريعا نحو دول مثل ليبيا وسوريا واليمن لتفككها وأخرى مثل الأردن والمغرب نجحت في التغلب عليها بصعوبة.

ويرى هؤلاء المتابعون أن القيادة السعودية تفهم أن أي “ربيع جديد” ستكون نتائجه شديدة على الدول المعنية، وأنه قد يتحول إلى ثورات عنيفة لا يمكن التحكم في تأثيراتها الإقليمية بما في ذلك على الدول المستقرة والثرية خاصة في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الترويج للشعارات وخلق مناخ لعودة التيارات المتشددة على نطاق واسع، لاسيما أن الدول الإقليمية حسمت معركتها مع هذه التيارات بالمقاربة الأمنية ولم تفكك فكرها والحاضنة الدينية والمذهبية والطائفية التي صنعتها في السابق، ما يجعل عودتها أمرا ممكنا في حال الفراغ الأمني في دول “الربيع” الأول.

وتعيش دول عربية كثيرة على وقع أزمة اقتصادية حادة في ظل محدودية إمكانياتها وعجزها عن تأمين دعم مالي واستثماري لمساعدتها على تطويق تداعيات هذه الأزمة مع تشدد صندوق النقد الدولي في نجدتها وفرض شروط قاسية مثل الدعوة إلى رفع الدعم عن المواد الأساسية، وهو أمر يهدد بموجة جديدة من الاحتجاجات العنيفة في ظل مخلفات أزمة الغذاء العالمي وما جلبته من ندرة في المواد الأساسية وارتفاع كبير في الأسعار.

وإذا كان الجدعان لم يعلن عن كيفية تحويل هذا الاقتراح إلى مبادرات سعودية ملموسة، فإن مراقبين يقولون إن الوضع يحتاج إلى سرعة من دول الخليج، وليس فقط السعودية، في التعامل مع ما يجري في المنطقة لمنع سقوطها مجددا في الفوضى واستفادة التيارات المتشددة من مثل هذا الوضع لإعادة تهديد الأمن الإقليمي.

ويعتقد المراقبون أن فكرة إنشاء شركات استثمار مهمة وضرورية كشكل من أشكال المساعدة المستدامة، لكن هناك دول تحتاج إلى مساعدات عاجلة وذات قيمة من أجل تطويق تداعيات أزماتها على المستوى الاجتماعي والاقتصادي ثم يمكن لاحقا أن تستفيد من شركات الاستثمار التي تحقق مكاسب للطرفين.

ولجأت دول الخليج إلى الاستثمار كطريقة أكثر فاعلية وجدوى لمساعدة الدول التي تعيش ظروفا صعبة، بشكل يؤمّن حصول تأثير إيجابي على مواطني تلك الدول بعد فشل تجارب دعم سابقة مثلما جرى في مصر والسودان ولبنان والأردن في ظل هيمنة منظومة الفساد وتبديد الأموال الممنوحة في الإنفاق الحكومي بدل تحريك الاقتصاد.

لكن خبراء يرون أن دول الخليج يمكن أن تجد آليات لمراقبة استفادة الدول المحتاجة من الدعم وعدم تركها تواجه مصيرها خاصة أن الاستثمارات ستستغرق وقتا لتظهر نتائجها على الأرض.

وتعهدت السعودية ودول خليجية أخرى باستثمارات بالمليارات من الدولارات في مصر، التي احتدّت مشاكلها الاقتصادية بعد حرب أوكرانيا.

وقال صندوق الاستثمارات العامة السعودي إن تأسيس الشركات الخمس الجديدة “سيعمل على تنمية وتعزيز الشراكات الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة وشركات محفظته والقطاع الخاص السعودي للعديد من الفرص الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي سيُسهم في تحقيق عوائد جذابة على المدى الطويل، وتطوير أوجه تعاون الشراكات الاقتصادية الإستراتيجية مع القطاع الخاص في كل من الدول الآنف ذكرها”.

وأضاف الصندوق أن هذه الخطوة تتماشى مع إستراتيجيته “في البحث عن الفرص الاستثمارية الجديدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدعم بناء شراكات اقتصادية إستراتيجية على المدى الطويل لتحقيق العوائد المستدامة، الأمر الذي يُسهم في تعظيم أصول الصندوق وتنويع مصادر دخل المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030”.

وكان الصندوق، وهو الأداة التي اختارها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدفع أجندة اقتصادية طموحة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، ثاني أنشط مستثمر حكومي خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر، إذ أبرم 39 صفقة بقيمة 17.2 مليار دولار خلال هذه الفترة، وفقا لمنصة تعقب صناديق الثروة العالمية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى