مؤتمر الإعلاميين الجنوبيين.. هل نستفيد؟

> حملت التقارير الأممية استشهاد 40 صحافيا مذ العام 2010م في اليمن ، وهم في الواقع ( ثريا ) مضيئة تلحق بكواكب من الصحافيين شهداء الكلمة على مر التجربة الوطنية في الشمال و الجنوب ، بعد الثورة و الاستقلال هنا و هناك.

فأجنحة الحكم الجمهوري في صنعاء بعد ثورة سبتمبر 1962م لا تختلف كثيرا عن ما قبل هذا التاريخ في وضع الصحافي في خانة الاتهام حتى تثبت براءته.

أما مجزرة الصحافة الحرة في عدن فقد بدأت مع يوم الاستقلال الوطني في 30 نوفمبر 1967م، بإغلاقها جميعا بحجة إخراج تراخيص لها في مدة أسبوع، ليمتد الأسبوع إلى 23 عاما، كانت كافية لكي لا يبقى صوت سوى صوت النظام الحاكم.

لكن و رغم القبضة الحديدية للحزب الاشتراكي إلا أن هناك من كان يجرؤ على الكلام و يكسر حاجز الخوف، كالذي حدث أثناء إدارة الأستاذ عمر الجاوي لجهازي الإذاعة و التلفزيون، مطلع سبعينات القرن الماضي، ولو لعام واحد ، متحديا غلو و تطرف عبدالله الخامري وزير الإعلام حينها الذي رفض إذاعة مسلسل عن القمندان، و إذاعة الجاوي على مدى شهر رمـضان، لكنه أُقصي من منصبه بعدها ، لتكون مجلة "الحكمة" صوت الأدباء بعيدا عن سطوة نظامي صنعاء و عدن بصناعة و كاريزما الأستاذ عمر نفسه.

وكان بإمكان الصحافي محمد حسين محمد أن يكسر حاجز الخوف في "صحيفة 14 أكتوبر الرسمية" بعد أحداث 13 يناير 1986 م المؤلمة و يفتح نافذة للرأي بجرأة المناضل محمد سعيد مصعبين و عمر عبدالعزيز و منصور هائل و غيرهم.

أما الديمقراطية في مجال حرية الكلمة و كما أراد المخلصون لها بأن تكون ضامن و حامٍ للوحدة فقد استطاع نظام عفاش أن يعبث بها بشراء الذمم و تغول مؤسسة الحُكم الإعلامية و إصدار صحف سوداء لمجرد التسفيه و التضليل و محاربة صحف بعينها تناهض سياسة النظام و خاصة في الجنوب المحتل مذ 1994/7/7م مثل صحيفة الشموع و أخبار اليوم و الرأي العام ..إلخ لمجابهة صحيفة "الأيام" العدنية تحديدا.

و قبل أن تبدأ سلسلة اغتيالات الكوادر الجنوبية في صنعاء يفتتح نظام عفاش البائد سلسلة القتل بمحاولة اغتيال رمز الكلمة الوطنية الحرة الاستاذ عمر الجاوي في سبتمبر 1991 م على بوابة دار الأستاذين هشام و تمام باشراحيل ظهرا، واستشهد جراء المحاولة المهندس حسن الحريبي و أصيب نجله فهد.

لا يمكن وصف ما تعرضت له دار "الأيام" في عدن وهي بيت الأستاذين هشام و تمام من عدوان صارخ بالأسلحة المتوسطة و الخفيفة ،إلَّا بإرهاب دولة، أُغلقت صحيفة "الأيام" ( البعبع ) بالنسبة للنظام واُقتيد أستاذ الصحافة المناضل هشام باشراحيل و أولاده وأقربائه و زملائه إلى السجن.

تتم حركة في فضاء الإعلام الجنوبي لتأسيس كيان للإعلاميين، ولا نريد لها أن تكون زوبعة في فنجان، ولكن ما نريده هو دراسة الماضي الإعلامي في بلادنا مذ بزوغ الصحافة في عدن بظهور "فتاة الجزيرة " في عدن 1940 م و ما تلاها صحفيا و إعلاميا حتى عام الاستقلال 1967 م بحيث نتحاشى الدخول في نفق التعتيم و الإقصاء ومصادرة الرأي الآخر و الإبقاء على الصوت الواحد و صداه فقط، فعالم اليوم سماء مفتوحة على التطورات المتلاحقة في تقنيات الاتصال بما لا ينفع معه الاستماع إلى الصوت الواحد فقط.

لكننا بحاجة حقيقية لضبط إيقاع الفالت إعلاميا في وسائط الاتصال الاجتماعي أو حتى الصحافة الإلكترونية و الورقية من خلال تقنين الإعلام و وضع تعريف واضح للصحافي و الإعلامي عموما، و وضع لجان متخصصة من قانونيين و أكاديميين و من أصحاب الشأن لوضع اللوائح اللازمة و المنظمة للإعلام في المرحلة القادمة بدلا من اجتماعات موسعة كان الضجيج سمتها الغالبة، و حتى لا يختلط الصالح بالطالح ونسقط بالإعلام إلى حضيض المنشورات الكيدية والتحريضية المباشرة بشكلها الفظ الذي نراه اليوم بعيدا عن قواعد الكتابة الصحفية و أساليبها الفنية واللغوية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى