إلى ماذا تدعونا؟

> سؤال مهم وجه عدة مرات لمن يدعونا إلى ما يسمونها زورا وبهتانا وحدة، وللأسف في كل مرحلة نجد له إجابة شافية وكافية ترفض دعوتهم، وهذا دليل قاطع على أن لا سبيل لما يدعونا إليه. بالأمس كانوا زملاء من صنعاء وتعز يقولون لنا: تعالوا إلى الوحدة فإن الظلم ليس واقعا عليكم فقط فهو أيضا واقع علينا منذ القدم من حكام صنعاء، يدعونا لا لكي نقاوم ذلك الظلم بل لكي نشاركهم نفس مظالمهم، فقلنا هل تدعونا لنقع تحت ظلم جلاديكم ما أقبحها من دعوة.

اليوم يتكرر السؤال إلى ماذا تدعونا إذا الحوثي قد عاث في صنعاء فسادا وظلما وترهيبا؟ فيأتي الجواب هذه المرة بنفس السياق: إن الحوثي قد انقلب علينا فتعالوا معنا ليس لكي نحرر صنعاء من الحوثي، بل تعالوا لعله يسمح لنا أن ندخل صنعاء لندخلكم تحت سطوته وجبروته، بئس الدعوة وبئس الداعون.

علينا أن ندرك أننا أمتين مختلفتين في الهوى والهوية وأن مشروع الوحدة الفاشلة كان خطأ فادحا لأنه جمع بين ناس مختلفين في الهوية وفي السلوك والتراث والفن واللبس والمذهب والثقافة والمعاملة والعلاقات الاجتماعية والقبول والرضاء لحكم القوي الظالم والمقاومة والأمانة وكل شيء.

لا يوجد شيء يجمعنا على الإطلاق حتى الهوية البستمونا هوية ليست هويتنا بمكركم وخداعكم، فكيف تدعونا إلى أن ندخل تحت ظلم الحوثيين وتحاورونهم نيابة عنا وتسوقونا إليهم سوق القطيع، ألا يوجد فيكم عاقل يدرك أننا شعب لا يمكن أن يقبل ذلك وإن انحنى للعاصفة ما أن تخف حتى يفيق فيستعيد مهابته؟

إنه شعب الجبارين شعب حي حر لا يخضع ولا يذل ولا يقبل القهر والظلم، لماذا تريدونا نشارككم الخضوع والمهانة والغدر والخيانة؟ لو أنكم تدعونا إلى العزة والكرامة والشموخ والرفاه والحب والحرية والأنفة والسعادة والعدالة الاجتماعية التي لو افترضنا أنكم تعيشونه لأتينا إليكم جريا، أما تنادونا إلى التعاسة والمهانة والذل والخيانة فبئس الدعوة وبئس الداعون إليها.

اتركونا اتركوا لنا أرضنا ودعونا نعمر وطننا الجريح الذي سلم لكم طوال أكثر من ربع قرن عثتم فيه فسادا ونهبا وتنكيلا وتركتموه جريحا ينزف مجرد من وسائل المقاومة إلا في إرادته الصلبة التي حاولتم مرارا كسرها فلم تفلحوا، تركتموه يواجه مصيره لوحده حين غزاه الحوثي وقدم التضحيات في مقاومته الباسلة التي كنتم تنسبونها دون خجل لأنفسكم، وبعد كل هذه التضحيات تدعونا لمهادنة الحوثي والدخول تحت سلطانه لأنه صاحب الحق الإلهي في حكمنا.

هل لكم أن تكفوا عن هذه الدعوات؟ هل لكم أن تخجلوا مما تدعونا إليه؟ هل تريدونا نطفئ نور الحق الذي يشعشع في عدن إلى الظلم والظلام الدامس في صنعاء؟ فأي مجتمع إقليمي وأي مجتمع دولي وأي أمم متحدة وأي هيئات ومنظمات سيقبل بمثل هذه الدعوات؟ فتعالوا إلى ما ندعوكم إليه للحفاظ على الجنوب حرا أبيا وطنا للعدالة والمساواة للحرية والكرامة لدولة النظام والقانون، تعالوا لنستعيد الخدمات التعليمية والصحية والأمن والاستقرار والمدنية التي كانت تعيشه عدن قبل قدومكم إليها وتدميرها، احفظوا للجنوب جميله وانطلقوا منه لتحرير أهلكم وذويكم وتحرير أنفسكم دعونا نعيد إعمار جنوبنا واعملوا على تحرير شمالكم وتعميره.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى