فضيحة المنح الدراسية تعيد الفساد السياسي في اليمن إلى الواجهة

> «الأيام» العرب:

> أعادت تسريبات تتضمن قوائم المبتعثين للدراسة في الخارج الجدل السياسي والإعلامي حول اتهامات الفساد التي توجه إلى مسؤولين في الحكومة الشرعية اليمنية، في ظل غياب أي دور لأجهزة الرقابة الرسمية المعطلة منذ الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية تفاعلا غير مسبوق على خلفية قوائم الحاصلين على منح دراسية من الحكومة اليمنية للدراسة في الخارج، والتي ذهبت معظمها إلى أبناء وأقارب قيادات حكومية وحزبية من الدرجة الأولى، في مؤشر اعتبره اليمنيون اتساعا لرقعة الفساد والمحسوبية وغياب الشفافية في توزيع المنح الدراسية التي يفترض أن تخصص للمتفوقين.

وتداول ناشطون وإعلاميون يمنيون قوائم لأسماء أقارب قيادات في الشرعية اليمنية ودبلوماسيين وقادة عسكريين وسياسيين استحوذوا على معظم المنح التي تقدمها الحكومة اليمنية إلى الطلاب لإكمال دراساتهم الجامعية والعليا في جامعات عربية ودولية.

وفي حين تعود القوائم المسربة إلى الفترة الممتدة من 2017 إلى 2019 اعتبر مراقبون أن تسريبها في هذا التوقيت قد يكون نتيجة صراعات بين بعض مراكز القوى داخل الحكومة اليمنية وخصوصا وزارة التعليم العالي التي يتولى حقيبتها حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي تشير التسريبات إلى استحواذ الحزب الإخواني على القسم الأكبر من المنح الدراسية، في الوقت الذي ذهبت فيه معظم الحصص الأخرى إلى قيادات سياسية نافذة في الأحزاب الأخرى.

واتخذت الاتهامات المتبادلة بالمسؤولية عما اعتبره اليمنيون فضيحة فساد كبرى بعدا سياسيا وحزبيا إثر لجوء معظم الناشطين والإعلاميين التابعين للأحزاب والمكونات السياسية إلى تحميل الأطراف الأخرى مسؤولية الفساد في عملية توزيع المنح الدراسية الجامعية.

ويؤكد مراقبون أن ملف الفساد في وزارة التعليم العالي اليمنية الذي ظهر من خلال الاختلال في توزيع المنح الجامعية، هو جزء من فساد أوسع تشكل في مؤسسات الشرعية أثناء فترة الحرب، واكتسب طابعا سياسيا عقب تحوله إلى شكل آخر من أشكال المحاصصة الحزبية بين المكونات ومراكز القوى في معسكر الشرعية.

وطالب ناشطون وإعلاميون يمنيون الحكومة اليمنية بتفعيل وإعادة تشكيل مؤسسات الرقابة المعطلة في الحكومة الشرعية، مثل الهيئة العليا لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وهي الجهات التي تم التوافق على إعادة تشكيلها بعد إعلان مجلس القيادة الرئاسي، وتعثرت نتيجة الخلافات السياسية التي نشبت بين المكونات المشاركة في المجلس الرئاسي.

وقال الإعلامي نبيل الأسيدي إن "فضيحة فساد المنح الدراسية ومنحها لأبناء المسؤولين ليست جديدة وتمارس منذ عام 2011" مشيرا إلى أنها عادت إلى الواجهة الآن لأن العدد كبير إلى جانب نشوب صراع بين قيادات في وزارة التعليم العالي أدى إلى نشر الكشوفات.

ولفت الأسيدي إلى أن الفساد في هذا القطاع ممنهج وقائم بذاته، حيث أن قوائم الأسماء التي نشرت ليست الأولى بل هناك دفعات سابقة، فربما هذه هي الدفعة الثانية أو الثالثة التي يستحوذ عليها أبناء المسؤولين والنافذين.

وأضاف "نشرتُ سابقا العديد من حالات الفساد في مجال المنح الدراسية، خاصة في مصر وكندا وألمانيا، ولكن الأمر تحول إلى سياسة ممنهجة وإلى نوع من أنواع تبادل المصالح لدى حكومة الشرعية بين الوزراء والمسؤولين، كما أصبحت المنح أداة من أدوات الاستقطاب والهبات والمكافآت بسبب غياب الدولة وغياب أجهزة الرقابة والمحاسبة. أضف إلى ذلك أن الأمر ليس مرتبطا بالمنح فقط وإنما أيضا بالوظيفة العامة بشكل عام وسياسة الاستيلاء على الوظيفة العامة لصالح الأقارب وكذلك الاستيلاء على الوظائف الدبلوماسية".

وتحول الحديث عن الفساد المستشري، سواء في الحكومة اليمنية الشرعية أو في حكومة الحوثيين غير المعترف بها، إلى إحدى أبرز القضايا التي يناقشها اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي ويتبادلون الحديث حولها، كما أصبحت مواقع التواصل مجالا خصبا لنشر الكثير من الوثائق المتعلقة بالفساد، في ظل غياب أجهزة الرقابة الرسمية وتحييد مؤسسات القضاء، وأيضا في ظل سيطرة الأطراف السياسية والشخصيات النافذة المنخرطة في الفساد على منابر الإعلام.

ويتركز الفساد ضمن مؤسسات الشرعية أو المؤسسات الحوثية في قطاعات معينة مثل قطاع النفط والغاز وقطاع الاتصالات والقطاع المالي والمصرفي، وتشير أصابع الاتهام إلى نشوء مراكز مشتركة لتبادل المصالح بين قيادات في الشرعية وأخرى في معسكر الحوثيين تتشارك في تسيير اقتصاد الحرب الذي نشأ منذ عام 2015.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى