قال هذه العبارة زعيم الأمة سعد زغلول باشا رئيس حزب الوفد لزوجته صفية زغلول كما كان يحلو لإخواننا المصريين مناداتها بهذا الاسم، وذلك عندما أرادت إعطاءه جرعة الدواء عندما اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، فقد كان يعلم أنه على وشك أن يودع هذه الدنيا ولم تعد هناك فائدة من الدواء فقال عبارته الشهيرة هذه: ما فيش فايدة يا صفية وتغطى ونام.
  • الفساد ثقافة وأسلوب حياة
نحن هنا لن نقول ما فيش فائدة من محاربة الفاسدين والفساد الذي تغلغل واستشرى في كل مفاصل الدولة الهشة الفاشلة وأصبح اليوم ثقافة وأسلوب حياة يمارسه مسؤولون في أعلى سلم السلطة وتمارسه نخب سياسية وعسكرية وقادة أحزاب ووزراء وسفراء وكل من لديه منصب رفيع في هذه الدولة، فالكل صار يمارس الفساد دون خجل أو خوف حتى وصل الأمر ببعضهم إلى اعتباره حقا مشروعا لهم.
  •  الفساد منظم وممنهج
فلقد رأينا كيف يتم السطو والاستيلاء على المنح الدراسية الخاصة بالطلاب المتفوقين وتوزيعها عبر بوابة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على أبناء وبنات وأحفاد وإخوان وأقارب المسؤولين الفاسدين في هذه الدولة الهشة ولم يكتفِ البعض منهم بالحصول على منحة واحدة لواحد من أبنائه، فهناك من حصل جميع أبنائه على منح دراسية، فقد أصبحت المنح محصورة وتوزع على عائلات وأقارب هؤلاء المسؤولين الفاسدين وهناك حرمان الطلاب المتفوقين والمعيدين والمدرسين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات التي منها هذه المنح. لم نكد نستفيق من صدمة فساد وزارة التعليم العالي والبحث العلمي لنتفاجأ بفساد وزارة الخارجية وكيف يتم تعيين أبناء وأقارب هؤلاء المسؤولين الفاسدين في وظائف دبلوماسية في سفارتنا بالخارج، حيث أصبحت سفارتنا تكتظ بعدد كبير من الموظفين الدبلوماسيين وأصبحت تضاهي سفارات أغنى وأكبر الدول، بل تفوقت عليها من حيث عدد أفراد الطاقم الدبلوماسي العامل في هذه السفارات والكثير منهم ليس لهم لزوم والبعض الآخر له سنوات طويلة حيث تجاوز الفترة القانونية المسموح بها في قوانين ولوائح وأعراف العمل في السلك الدبلوماسي، وكذا قوانين وتشريعات وزارة العمل والخدمة المدنية التي تنص على بقاء الموظف في هذه السفارات لفترة محددة لا تتجاوز الأربع السنوات لمكوثه في الخارج، فهم بهذه الطريقة يمارسون الفساد بشكل ممنهج ومنظم فهم في الأول يستولون ويسطون على منح الطلاب المتفوقين والمعيدين من أعضاء هيئة التدريس في الجامعات وإعطائها لأبنائهم وبناتهم وأحفادهم وبعد تخرجهم يقومون بتوظيفهم في سفارتنا المنتشرة بالخارج.
  • بلاغ للنائب العام للجمهورية
وبالتالي، فإن طريقة محاربة الفساد والفاسدين يجب أن تكون هي الأخرى منظمة وممنهجة، وذلك باللجوء إلى القضاء ممثلا بالنائب العام للجمهورية برص كل الملفات التي تحتوي على قضايا فساد وتقديمها له مع كل الأدلة والإثباتات وهي موجودة من خلال الكم الهائل من الوثائق والأوراق المسربة والمنشورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووضعها على طاولة مكتبه وهي كفيلة بإدانة هؤلاء الفاسدين ووضعهم في المكان المناسب لهم، ويا حبذا لو تتكفل مجموعة من المحاميين بجمع هذه الوثائق والأدلة والإثباتات التي تدين هؤلاء الفاسدين وترتيبها ووضعها في قالب قانوني وتقديمها إلى النائب العام للجمهورية للبت فيها.
وأرجو اعتبار هذا المقال بلاغا موجها للنائب العام للجمهورية عبر صحيفة «الأيام» الغراء للبدء بالتحقيق في تهم الفساد المنسوبة لهؤلاء المسؤولين الفاسدين.