​الرئيس التونسي يصوت في انتخابات البرلمان وينتقد نظام الاقتراع "البائد"

> تونس«الأيام»وكالات:

> حذر الرئيس التونسي قيس سعيد، السبت، الناخبين ممن "يدفعون الأموال لشراء الذمم"، لافتاً إلى أنهم يعتبرون المواطن "ورقة اقتراع توضع في الصندوق"، وذلك مع بدء التونسيين الإدلاء بأصواتهم لانتخاب البرلمان الجديد، وسط مقاطعة من أغلب الأحزاب السياسية في البلاد.

ووصف سعيد في كلمة بُثت على القناة الوطنية الأولى قبل الإدلاء بصوته في الانتخابات، إلى التصويت وقال: "هذه فرصة لا تفوتها وهي فرصتكم التاريخية"، واصفاً نظام الاقتراع السابق (القوائم الحزبية) بـ"البائد".

ودعا الرئيس التونسي المترشحين الذين سيتم انتخابهم حالياً أو في الدورة القادمة إن "تم اللجوء إليها"، إلى تذكر أنهم "سيبقون تحت رقابة ناخبيهم فإذا تنكروا لمن انتخبهم ولم يعملوا صادقين من أجل تحقيق ما وعدوا به ناخبيهم فوكالتهم بالإمكان سحبها كما ينص القانون الانتخابي".

وقال سعيّد "لتكن السيادة للشعب التونسي لتحقيق الحرية والكرامة ولتركيز سيادة تونس حتى تصدر القوانين من المجلس النيابي المقبل معبرة عن رغبات وتطلعات شعبنا في العزة والكرامة والحرية"، واصفاً اليوم بـ"التاريخي".

ودعا سعيّد الناخبين إلى العمل من أجل "قطع هؤلاء الذين نهبوا البلاد وخربوا ونصبوا أنفسهم أوصياء على الشعب التونسي بطريقة اقتراع بائدة كما أثبتت التجربة ذلك"، في إشارة إلى نظام الانتخابات السابق الخاص بالقوائم الحزبية.

وذكر الرئيس التونسي أنه "تم تحديد موعد للانتخابات وتم احترامه رغم كل العقبات والأقنعة التي لبسها البعض في وسائل الإعلام وقدم نفسه على أنه في المسار"، داعياً إلى عدم الاحتكام "إلا إلى ضمائركم ولا يضرنكم خطاب هؤلاء المشككين".

وبدأ التونسيون، السبت، عملية التصويت في الانتخابات التشريعية إذ فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الساعة الثامنة بتوقيت تونس (السابعة بتوقيت جرينيتش) ويستمر التصويت حتى السادسة مساءً بتوقيت تونس، باستثناء بعض المكاتب التي تبقى مفتوحة إلى حدود الساعة الثامنة مساءً.

ويتنافس ألف و58 مرشحاً على 161 مقعداً بمجلس النواب في 154 دائرة انتخابية. وبين هؤلاء 122 امرأة.

وذكر المرصد التونسي للانتقال الديمقراطي أن نصف المرشحين أساتذة (نحو 26%) وموظفون حكوميون بمستوى متوسط (نحو 22%)، بحسب وكالة "فرنس برس".

مقاطعة حزبية

يأتي ذلك فيما تقاطع أغلب الأحزاب السياسية الرئيسية في تونس، الانتخابات، معتبرة أن القانون الانتخابي الجديد، الذي صدر في  سبتمبر الماضي، يقصيها من المشاركة ويهدف إلى إبعادها من المشهد السياسي.

ووصف نجيب الشابي زعيم "جبهة الخلاص الوطني"، وهو ائتلاف معارض لسعيّد يضم 5 أحزاب من بينها "حركة النهضة"، الانتخابات بأنها "مهزلة"، بحسب وكالة "رويترز".

وانتقد الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يمثل الثقل النقابي في البلاد، مؤخراً الانتخابات واعتبرها "بلا طعم ولا لون".

وسيحل البرلمان الجديد المكون من غرفتين (مجلس النواب- مجلس الأقاليم والجهات)، محل السابق الذي جمّد الرئيس التونسي أعماله في 25 يوليو 2021 وحلّه لاحقاً، مبرراً قراره آنذاك بالانسداد السياسي وتواصل الأزمات السياسية في البلاد إثر خلافات متكررة بين الأحزاب في البرلمان.

وتستمر عملية الاقتراع في الخارج في أيام 15 و 16 و17 ديسمبر، وسيكون موعد إعلان النتائج الأولية بين 18 و20 ديسمبر. أما النتائج النهائية، فستصدر يوم 19 يناير، إثر الانتهاء من النظر في الطعون والبت فيها.

وبموجب هذا الدستور، لن يكون بوسع نواب البرلمان إقالة الرئيس ولا إسقاط الحكومة إلا بتوفر شروط "من الصعب جداً" تحقيقها، في المقابل يمكن لمجموع النواب تقديم مقترحات ومشاريع قوانين لكن يبقى للرئيس الأولوية في ذلك، بحسب وكالة "فرانس برس".

وينص القانون الانتخابي الجديد على الاقتراع الفردي ويحل محل انتخاب القوائم، ما يضعف مشاركة الأحزاب السياسية في الانتخابات، ما نتج عن ذلك ترشح شخصيات غير معروفة غالبيتها بدون انتماءات سياسية، وفقاً لـ"فرانس برس".

ويحتاج الفرد للترشح لنيل مقعد في البرلمان، أن يجمع 400 تزكية تكون مناصفة بين النساء والرجال، ومصحوبة بالتواقيع المؤيدة، إضافة إلى أن يكون ربعها ( 100 تزكية) من الشباب دون سن الـ35.

أما التقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية، فشهد تغييرات جذرية كذلك ضمن القانون الجديد، حيث أضيفت "المعتمديات" وعددها (277) كتقسيم جديد، بعد أن كانت "الولايات" الأكبر جغرافياً من "المعتمديات"، هي التقسيم المعمول به منذ عام 2014. وهي خطوة اعتبرها الرئيس التونسي "مهمة، لتقريب الناخب من ممثليه في البرلمان الجديد".

وأفضى التقسيم الجديد، إلى اعتماد 151 معتمدية كدوائر انتخابية من أصل 277، فيما اعتُمدت 10 دوائر انتخابية في الخارج، توزع على 10 مقاعد في البرلمان.

الخبير القانوني التونسي أحمد حمدان قال إن، "القانون الانتخابي الجديد لم يراع تقسيم الدوائر الانتخابية بشكل متزن ومتسق مع كل الجهات في تونس، إذ أن هناك 10 دوائر يمكن لفرد واحد الترشح فيها، ويحتاج لصوت واحد كي يمر إلى البرلمان".

"رقابة الناخبين"

وبشأن تمويل الحملات الانتخابية، نص القانون الجديد على أن تنطلق الحملات في 25 نوفمبر، وتتواصل حتى 15 من ديسمبر، في حين يكون 16 ديسمبر، هو يوم الصمت الانتخابي.

وبما أن هذا الاستحقاق قائم على الاقتراع على الأفراد، يمنع القانون الانتخابي الجديد على الأحزاب السياسية القيام بحملات دعائية أثناء الفترة المخصصة لتلك الحملات.

وتحكم الحملات الانتخابية مبادئ عامة، أبرزها مبدأ حياد الإدارة، ودور العبادة، والشفافية، وتكافؤ الفرص بين المترشحين.

وينص الفصل 75 من القانون الانتخابي الجديد على أن "تمويل الحملة الانتخابية ينحصر في التمويل الذاتي والتمويل الخاص دون سواهما". كما يمنع القانون على الأحزاب تمويل مرشحيها مباشرة.

ويتوقع مراقبون أن يشكل هذا القانون، صعوبة على المترشحين، وسيمنح حظوظاً أكبر للأوفر مالاً، وقد يؤثر على جودة الحملات الانتخابية وانتشارها، وحتى قيمتها.

ورسّخ القانون الانتخابي الجديد في تونس مبدأ "رقابة الناخبين"، إذ أصبح بإمكان الناخب سحب ثقته من ممثله في البرلمان، طبقاً للفصل 39 من القانون الجديد. إلا أن مراقبين يرون أن هذا النظام الجديد، قد يفرز برلماناً غير مستقر يصعب إيجاد أغلبية منسجمة فيه، ويقلص من حرية النواب. كما أن النائب لن يكون ممثلاً للشعب بأسره، بل خاضعاً للناخبين المباشرين له وتحت أمرهم.

"برلمان بلا صلاحيات"

ورأى المحامي والخبير القانوني التونسي أحمد حمدان،  أن "سلطة الرئيس ستكون واضحة بشكل كبير في البرلمان الجديد، سواء في النصوص الدستورية، أو في عمليات المصادقة على مشاريع قوانين، وهو ما سيلغي الدور الرقابي للمجلس النيابي في حال قُدمت لائحة ضد قرارات الحكومة أو الرئيس.

وأشار حمدان إلى أن "انتخاب غرفتين داخل البرلمان الجديد، لن يؤثر في تغيير سياسته أو طبيعته القانونية الجديدة، لأنه سيكون مفرغاً من الصلاحيات التشريعية، سواء احتوى على غرفة أو اثنتين لتنظيم عمله".

وأضاف أن "النظام الانتخابي الجديد كان عليه أن يحلّ الثغرات القانونية الذي احتواها بمزيد من التوضيحات، خاصة عندما يتم مقارنته بالنظام الانتخابي السابق الذي احتوى أيضاً على بعض الثغرات".

أما المحلل السياسي والقانوني صلاح الدين الجورشي، أشار إلى أن "وضعية البرلمان الجديد ستكون فريدة من نوعها مقارنة بالبرلمانات الأخرى، إذ أنه لن يكون قادراً على وضع السياسات وتقويمها، لأن أعضاءه سيكون حدود اهتمامهم ضمن المشاريع المحلية، دون التطرق للقضايا الوطنية الحساسة".

ويعتقد الجورشي، أن البرلمان الجديد "سيخضع لإمكانية سحب الثقة منه في حال ارتكب خطأ، وهو ما سيفتح الباب لإمكانية تجريد نوابه من أي سلطة فعلية".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى