حضرموت تصنع المستحيل في زمن الحرب

> دلالات عظيمة يحملها العرض العسكري المهيب الذي شهده نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء الركن فرج البحسني، الثلاثاء الماضي لخريجي الدفعة الأولى لكلية الشرطة حضرموت وتتجلى عظمتها في الحدث التاريخي الذي يؤكد أن حضرموت صانعة التاريخ على مر العصور وفي زمن الحروب.

استطاع شعب حضرموت منذُ القدم أن يصنع له تاريخا وحضارة عريقة ويحجز له مكانة عظيمة بين الشعوب والأمم، ومن حق أبنائه الفخر والاعتزاز والتباهي بتاريخ أجدادهم الذي يبرهن أن في زمن الحرب الذي ينهار فيه الوطن ومؤسساته، لا يزال شعباً صانعاً للمستحيلات.

بفضل الله ثم تضحيات منتسبي النخبة الحضرمية ورجال القبائل وشجاعة القائد اللواء البحسني ومساندة ودعم الأشقاء في الإمارات والسعودية ودول التحالف سطروا أروع الملاحم البطولية في 24 أبريل 2016م وتحرير مدن ساحل حضرموت من تنظيم القاعدة الإرهابي في فترة لا تزيد عن 12 ساعة.

برزت بعد النصر وتحرير مدن الساحل حاجة حضرموت الملحة لبناء منظومة أمنية على أسس علمية حديثة للحفاظ على النصر والبدء بمعركة تثبيت الأمن فيها، وكان من أولوياتها تأهيل الكادر الشرطوي والأمني الذي تفتقره حضرموت والمحافظات المجاورة بسبب حرمان أبنائها من الالتحاق بكلية الشرطة في الفترة السابقة.

أفرزت نتائج الحرب نفس النقص في الصف القيادي الأدنى في الجيش والأمن في عموم محافظات الجنوب، مما استدعى سرعة إملائه بكادر مؤهل، وصدر بهذا الشأن توجيه رئاسي لنقل الكليات العسكرية بما فيها الشرطة إلى عدن وافتتاح كلية حضرموت لسد النقص الذي كان أعلى مستوى له في حضرموت والمهرة وسقطرى.

للأسف فشل الجنوبيون في افتتاح كلية الشرطة بعدن ولم يستكمل الوزير الحالي الجهود الكبيرة التي بذلها وزير الداخلية السابق م. أحمد الميسري، إذ لا يوجد تفسير مقنع لهذا الفشل غير أنه يساهم في إبقاء الأمن ضعيفاً هشاً في المناطق المحررة، وربما يتكرر الفشل إذا نجحت المحاولات المستمرة منذُ سنة لتعطيل كلية حضرموت.

أخطر المحاولات كانت عرقلة تخرج أول دفعة من الكلية (نظام سنتين بعد الثانوية العامة)، ولولا تصدي نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اللواء فرج البحسني للمحاولة وإتمام تخرج الدفعة، لكانت كلية الشرطة حضرموت قد أغلقت أبوابها ولحقت بأخواتها المعطلة في عدن، فلماذا يتم استهداف حضرموت؟

مهما تكُن الدوافع لاتخاذ إجراء إحالة مدير كلية الشرطة حضرموت للمجلس التأديبي، وبغض النظر عن صحته وقانونيته من عدمه، فلطالما لم تصدر الوزارة توضيحاً بهذا الشأن فلن يُفسر من قبل العامة إلا بخطوة معرقلة أمام تخرج أول دفعة من الكلية ينتظرها أبناء حضرموت بفرح بعد صبراً طويل.

تكمن أهمية تخرج هذه الدفعة في رفد إدارات الأمن بكادر مؤهل لسد النقص من القادة الضباط في حضرموت والمهرة وسقطرى، بالإضافة إلى كونها تعالج نفس المشكلة التي بررت بها الوزارة من قبل تجاوز القانون، وترقية مئات الجنود والصف في بقية المحافظات الجنوبية رغم الاجحاف بالمقارنة بين الحالتين.

أمام هذه الحقائق كان الواجب أن يشارك الوزير ومحافظ حضرموت وبقية المسؤولين الكلية والخريجين هذا الإنجاز والفرحة، بدلاً من وضع أنفسهم في موقف لا يليق بهم وهنا أتساءل من المستفيد من تعطيل كلية الشرطة حضرموت؟ وهل هناك من يريد نقل تجربة تعطيل عمل الكليات العسكرية من عدن إلى حضرموت؟

عادة ما تكشف المواقف عن خطورة دوافعها وأهدافها وتميط اللثام عن وجوه من يتبناها وتسقط أقنعتهم الزائفة، وتظهر الخطر الخفي من ورائها، وتشير مواقف بعض المسؤولين من حفل تخرج الدفعة الأولى لكلية الشرطة حضرموت والخطر الأكبر الذي يستهدف حضرموت والمصيبة إلى أنه بمشاركة بعض أبنائها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى