أكذوبة الوطن

> ما أن تقوم صباحا حتى تذهب في رحلة يومية متعبة وشاقة، تخرج من منزلك فتشاهد أمامك عدن وشوارعها تعج بالضجيج والزحام فترى خمسين ألف باص تحوم في المدينة والناس أشتاتا منهكين، من سهر الليلة الماضية بسبب خروج الكهرباء في عشرين نزهة يومية..

تقف تبحث عن باص للذهاب للعمل فيقف أمامك عشرون باص وعشرون دلال هذا يسحبك من القميص وهذا يناديك ويجري خلفك غاضبا قائلا هيا لكن بلا دلع كريتر تواهي شيخ معلا..

تقف متعبا ثم تجد نفسك فوق الباص الذي يعود للوراء ويصرخ السائق باق نفر وبانمشي فتبقى واقفا في مكانك..

تمر أمامك الوجوه مرهقه هائمة في هذا النمط المعيشي الجديد الخالي من الوطن ومن أي رعاية للمواطن..

يمتلئ الباص ويتحرك بعد شق الأنفس ثم يقف في طابور طويل حيث عشرات النقاط من التفتيش

تنظر لساعتك وقد مرت ساعة وانت في معركة الباصات..

يرن هاتفك ليخبروك بإحضار طماط وبطاط وصيد ورز ودقيق وزيت يتطلب توفير ثلاثين ألف ريال..

تتفقد جيبك كم من المال لديك؟ فلا تجد إلا أجرة الباص ذهابا وإيابا..

تشعر بالتعب والحزن ثم تصل العمل فلا وجود للراتب ولا توجد سيولة في البنك

تجلس بمكتبك وتقوم بمهامك وتعمل مشتت الذهن..

تعود ظهرا للمنزل فتقابل نفس المشاهد ومدينة تصرخ مخنوقة من الزحام وطرقات مكسرة ومطبات ومسلحين بالطرقات وباعة يصرخون عبر الميكرفونات بصوت عال عصير بررررد بررررد بطاط تفاح موز أربعة كيلو بألفين هبط سعره هبط وابلاشاااه

يقف الباص في إحدى الجولات ومن النافذة يلتم عليك الأفارقة والنازحون والمشردون والمتسولون والصومال والعجزة والأطفال هذا يقول أنا بلا قراع وذاك طفل يقول أبي مات وأنا جائع وامرأه تقول حتى مائة ريال الله يحفظك ..

وشابة منقبة تمد يدها وتقوم بحركات غير مهذبة..

تشعر بالانهيار وأنت بين هذه المعيشة الكئيبة فتذهب شاردا وإذا بأطقم وشاصات وعساكر يوقفون الحركه لأن مسؤول في التحالف وقائد عسكري سيمران في الطريق.

يمر الموكب ويتحرك الباص طالع نازل وصراخ ثم تصل منزلك ميت من الهلاك ثم تجد الكهرباء مقطوع والماء مقطوع والاتصالات مقطوع والغاز كمل مفجوع.

تذهب غرفتك فترتمي لتستريح ثم تمر على وسائل التواصل فتقرأ أخبارا بأن الدولة التناصفية والبرلمانيين والثائرين والوطنيين مسافرين إلى طوكيو لحضور المؤتمر العالمي لصناعة السفن الفضائية حيث وجب استفادة الدول النامية من خبرات الدول الكبرى ..

يتداول المغردون الوطنيون أهداف المؤتمر وبأنها خطوة رائعة لبناء الوطن والتحرير والسيادة يتبعه كلمات الساسة الذي يطالبون المجتمع الدولي بتصنيف الحوثي بالإرهابي..

يغادر المجتمعون إلى فنادقهم ويغردون في تويتر قائلين:

"لا يستطيع أحد أن يكسر أو يضعف قوة هذا الشعب الجبار الصامد الذي لن يقبل الطغاة والمحتلين فالشعوب هي صانعة الاوطان..

المجد للوطن .. المجد للمواطن.. المجد للشعب".

أعمالنا تُعلي وتَخفض شأننا

وحسابُنا بالحق يوم الغاشية

حور، وأنهار، قصور عالية

وجهنمٌ تُصلى، ونارٌ حامية

فاختر لنفسك ما تُحب وتبتغي

ما دام يومُك والليالي باقية

وغداً مصيرك لا تراجع بعده

إما جنان الخلد وإما الهاوية..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى