​أنا ومعلمتي وعدن

> لا أريد أن يقنعني جاهل منافق وكذاب بمواثيق وعهود وأخلاق أهل السياسة ومشاريع (الإنسان والبناء).
لم أعد أستسيق هذه الخزعبلات والأخلاق الضالة خلف كل صنوف السقوط والتدمير نهارا جهارا وتحول الأرض إلى شيء نكرة لا يقبل إلا تشريعات الرذيلة والخراب الذي تم التشريع له كنظم ومبادى أساسية لاستمرار الحياة.
لا أستطيع أن أعيش إلا إنسانا راشدا في مجتمع منضبط يعترف بالعقل ويحترمه ويتألم من الفوضى العارمة التي طالت كل شيء وفاقت كل حدود العقل والدين والقيم.

أريد أن أكون إنسانا حيا بقلب ومشاعر وبصر وبصيرة رافضا للتدمير مؤمنا ببواعث الصواب والخير والقيمة الإنسانية للحياة، وأعرف أن أفرّق بين النهوض من السقوط الإنساني الشامل.

تبا للربيع الثوري والحريات، تبا للتغيير والأوطان والأحزاب والنخب، تبا لمجلس الأمن وحقوق الإنسان والمنظمات الدولية والداعمين ومجالس الأمم العالمية والأوربية والإسلامية والعربية والقارية، تبا للبند السابع والعاشر والهدن والاتفاقيات والمؤتمرات، تبا لهم جميعا إن كانت حياة مدينتي وأرضى ومواطن طفولتي وأهلي وناسي وجيراني قد صارت مجرد عبث وسخرية والناس منذ الصباح حتى المساء يلهثون بعد رغيف ودبة غاز وساعتي نوم.

من وسط زحام مدينة عدن وشتاتها وضجيجها ومؤسساتها المحطمة، ومن بين ذلك النهج المعيشي الجديد المأزوم عندما كنت عابرا، رأيت امرأه تقف في إحدى الحوافي بجانب بيتها وفي يدها روشتة طبية وبجوارها مروحة ميز ودبة غاز عرفت أنها أستاذة تربوية قديرة علمتنا في الثانوية، بدت متعبة ضعيفة البصر
تتكئ على عصا، فتقدمت وحييتها: أهلا أستاذة أنا أحد تلاميذك، كيف أحوالك؟ ولماذا تقفين هكذا وكأنك مسافرة؟

فرحت وابتسمت ابتسامة ممزوجة بالحزن والأسى، وقالت أهلا بتلميذي إنني أقف هنا ولا أعرف إلى أين اتجه، قسما لقد تعبت.. اسمع حبيبي هل تخبرني ما الذي يحدث؟ وأين أنا وأين الناس، وأين أصلح هذه المروحة وأحضر دبة غاز؟ وكيف أحضر هذا الدواء؟ ثم أجهشت بالبكاء.
أوجعتني ووقفت مذهولا لا أستطيع الحركة، فأخذت منها الروشتة الطبية وأخبرتها بأني سأعمل ما أستطيع واصطحبت أيضا المروحة إلى أحد الأصدقاء لإصلاحها، ثم أخبرتها أنني سأعود لاحقا.

مشيت وكدت أصرخ بأعلى صوتي وسط الشارع وسيقول الناس إنني مجنون لولا ستر الله بمرور سيارة أحد الأصدقاء أعرفه ويعرفني جيدا فكان يضحك ويقول: لي خاف الله شحبت أناديك أيش قدك مقرح؟ واستعدت أنفاسي وقلت له خذ هذه الروشتة والمروحة وسلمها لهذا البيت، فابتسم وقال حاضر.
أصابني الصداع وأخذني صديقي للمحطة وركبت الباص إلى البيت منهك ثم ارتميت ونمت.
تبا لبرامج ومشاريع تسحق الناس سحقا مميتا.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى