ادفع بالتي هي أحسن

> من الأحجيات العجيبة أن نستدل على طريقة نوليها منزلة النصيحة فلا هي بالنصيحة والموعظة الحسنة ولا هي بالأمر بل ميلا إلى الإكراه فيها إلى حد الفجاجة في القول والفجور إلى مخالفة اللفظ وعدا بالعدوانية وصولا إلى ما لا يسعني ذكره.

وكصحفي ليست مهمتي أن أعتلي المنبر لألقي خطبة الجمعة في نواقض الوضوء وعدة المطلقة الصغيرة ومن لم تحض منهن والآيسة وكذلك جواز خروج الأرملة من بيتها بعد وفاة بعلها وعندي من المهام والواجبات ما تثقل كاهلي ولا تعينني في التدخل في شأن لا قبل لي به ولا يمت لصفتي بصلة.

في الوقت الذي درجت فيه خطبة الجمعة على أمور أصبحت من البديهيات التي تحمل نفس القالب التنويري في جهد يصب في دوامة التكرار المعد سلفا يتعامل معها بعض خطباء المساجد وكأنما هي مادة صلبة غير قابلة للتشكل والتنوع والانصهار في واقع الحال المزري ومحاكاته سعيا للإصلاح من باب أن الدين النصيحة.

وفي مجتمعات درجت على النفاق أكثر من حرصها على ثوابت الأخلاق واحترام القوانين أقلها الالتزام بالأخلاق العامة هي وحدها الأحوج إلى النصيحة والتأهيل والتهذيب لربما وجدهم خطيب الجمعة يصلون في أول الصفوف في الوقت الذي لن أجد منهم من يقرأ الصحيفة أكثر من اهتمامه بحل الكلمات المتقاطعة إن وجد.

كل دوائرنا الإيرادية في عدن تحديدا فيها من اللصوص ومن يستغلون حوائج الناس للضغط عليهم إما بالرشوة لتمرير مصالحهم الخاصة وإما بأن تدفع لكل من له علاقة بحاجتك ما يطلبه وأتحداك أن تطلب سند رسمي بما دفعته يثبت أن المبلغ ذهب إلى خزينة الدولة وما عليك سوى أن تدفع بالتي هي أحسن وإلا.

نخر الخلل فينا حتى النخاع ولا زلنا نكابر بإدعاء المظلومية في الوقت الذي نمارس فيه ظلم بعضنا البعض بل ونستقوي على بعضنا بكل صفاقة وكل منا يدعي أنه شريف مكة!

أنا مؤمن برسالة خطيب الجمعة وقدسية منبر المسجد أكثر من إيماني برسالتي الصحفية الموجهة لمن يقرأ وربما يعي ما يقرأ من باب العلم بالشيء ليس إلا.

الرسالة الرقمية لوحدها لا تكفي بأن تردع سائق الدباب الذي يقف وسط الشارع ليعطل السير، ولا لذاك الذي عكس الشارع ليتجنب الزحمة، ولا هي رادعة لكل من افترش الشارع العام وسخره لطلبة الله ولا لذاك الذي يرتشي من أجل تخزينة قات حتى لا يمس راتب العيال وأم العيال.

لذا ما أحوجنا إلى خطباء المساجد لعلهم يغيرون من واقع الحال بالنصيحة والموعظة الحسنة.

والله المستعان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى