درس من الطبيعة

> أحيانا الطبيعة تعطينا درساً عميقاً في مفهوم فناء الدنيا .. مثلاً الزلزال الذي حدث في سوريا وتركيا ..

كيف..!!

هرع الجميع إلى خارج منازلهم، نظرت فرأيت قسماً منهم بلا ملابس رسمية ، وآخرون بلا أحذية غالية ومفاتيح السيارة .. نساء تركن مقتنياتهن الثمينة من الذهب واللؤلؤ والأحجار الكريمة، و حافظن فقط على ستر أجسادهن بالشال أو العباءة أو أي غطاء.. رأيت رجال أعمال بيد فاضية، لا دفتر شيكات ولا ملف يضم أوراقهم العقارية .. لمحت علماء ومفكرين ومهندسين وأطباء بلا شهادات ..

رأيت الناس بكل أشكالهم وألوانهم وعقائدهم وطبقاتهم يحتضنون بعضهم البعض وهم يبكون شكراً وامتناناً لله على السلامة ..

نعم..!!

فهمنا أن الله غني عن الشكر والتقدير وإنما تقديره يعني احتواء بعضنا البعض.

رأيت جميع الأثاث الفاخر والبيوت البسيطة تهتز ولكن منظر خوف الغني وحسرته خدش القلوب بينما ابتسامة الفقير وقناعته بسلامة أسرته رسمت على وجوهنا ابتسامة الرضا.

هرب الجميع بأجسادهم الفانية فقط للخارج وعند اللحظات الأولى نسى البعض منهم اسمه وعائلته، زوجته وأبوه وأمه واطفاله، ثم بدأ بعد ذلك يهتف ويبحث عنهم بين الجموع المحتشدة، وآخرون خرجوا معاً ، بعد أن قدم شبابهم كبار السن في المقدمة، وسمعت صوت الأمهات توصين أبنائهن على التواصل مع أفراد العائلة في الخارج ليطمئنوا أنهم بخير ، وتكررن (المساكين في الغربة).

الكل يسعى حين هروبه من تلك الهزة الأرضية التي لم تتجاوز النصف ساعة أن يحمي نفسه ويطمئن على الآخر.

لم أرَ شخصا بينهم يهتم بماركة ملابس أو أحذية الآخر.. بل كان التركيز على خلع الزائد لتغطية الأجساد العارية .. لم أرَ أي غني يقف في المقدمة ولا صاحب شركة يأمر البقية بل الجميع وقفوا معا كيوم النهاية حينما يدفنون معا بدون تمييز أو تعالي.

في هذه الدقائق المعدودة والجميع هارب خوفا من تهاوي السقف على رأسه، كانت أفضل تمثيل للحظة الحشر و يوم الميزان!!

ميزان عشق الناس ووفائهم .. ميزان وعودهم و ادعاءاتهم لبعضهم البعض.

هذه الدقائق المعدودة أوصلتنا جميعا لقاعدة فناء الدنيا وكيف أن الموت واقع لا محالة و حقيقة ستدركها الأنفس. . ولكن العجيب إننا سنرجع لحياتنا الطبيعية بعد انتهاء هذا الحشر ونعود كما كنا في السابق نفس الشخصيات بنفس الملامح والأخلاقيات بمجرد أن يهدأ الزلزال وننسى الدرس والعبرة !!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى