رحلة ابن بطوطة في عدن

> العاشرة صباحا بتوقيت مدينة عدن وقفت في كريتر أمام البنك الأهلي منتظر باص إلى الشيخ عثمان، تأملت البنوك البريطانية فوجدتها شامخة تدير أنشطة الناس بانضباط ومسؤولية، الطريق مزدحم بالباصات وشباب يصرخون" شيخ، معلا، خور، ياالله ماشين.

تذكرت السراج الأحمر والأخضر الذي كان السائقون يقفون له احتراما وإجلالا لمدينة عشقت الانضباط وابتكرت النظام والقانون.

فعرفت أن ذلك قد صار أثرا قديما لم يعد أحد يعطيه اهتماما.

وبعد مداهفة وعصيد صعدت باص صغير وجلست بالخلف حتى امتلأ وتحركنا ووصلنا جولة مستشفى عدن ووجدنا شباب يجمعون رسوم الباصات وبجانبهم طقم وجنود فأخذو الرسوم من السائق وانطلقنا.

نظرت يمينا وشاهدت عدن مول ذلك السوق والمعلم الكبير الذي كان أهالي عدن يذهبون إليه للتسوق أو قضاء ساعة برود هربا من صيف وكهرباء معطلة فتجد السيارات والعائلات والأجانب والأطفال فرحين بالتجول والتبضع.

رأيت بجانبه شباب يحرسونه وهو مغلقا خاربا حزينا كأنه اشتاق للحياة والحركة وأصوات الأطفال وزائرون ومدينه تضخ بالحياة كونه يقع في مدخل مدينة كريتر.

نظرت يسار فوجدت المحكمة بنفس المبنى الصغير القديم وحوله عساكر ومواطنين ونساء يحملون ملفات قضاياهم..

وانطلقنا ووقفنا بجولة العاقل أمام نقطة تفتيش وطابور طويل وأحد الجنود يراقب الباص ثم قال تفضلوا انطلقوا..

التفت يمينا فشاهدت فندق ميركيور محطم مخرب كالأطلال فتذكرت حينما كان يقطنه السواح والوفود وأمامهم مطعم زبيدة التي تحولت لثكنة عسكرية.

مددت النظر فشاهدت مجمع العرب الكبير للتسوق وهو حطام مخرب.. تذكرت أيامه ولياليه على البحر والحياة والعائلات يتسوقون ويذهبون الساحل وهو محاط بالأضواء ومسجد كنا نذهب للصلاة حين رجوعنا من الساحل والأمواج وهواء نقي.

تحركنا فنظرت يسارا فوجدت برزخ المياه وخزانات الإنجليز ومبنى قديم على بابه جنود وأمامه معسكر.

وصلنا جولة فندق عدن فرأيت سينما ريجل ديار خاربة والفندق الكبير منكوس مخرب شاكيا الزمن والدهر فتذكرت أمسيات السواح والرياضيون والزائرون يملأونه وأناس يسبحون بالمسبح وأناس يلعبون تنس وأناس يفترشون الجولة ومدينة تشع بالحياة

انطلقنا بطريق الجسر أو ما يسمى( طريق الملك سلمان ) فرأيته خرابا ومرقَّعا وعلى يساري نقطة عسكريه وجنود يفتشون القادمين من الشيخ.

على يميني شاهدت مطار عدن الدولي ووصول طائرة لاشك قادمة من مصر العروبة فلمحت جنودا يفترشون عشه وكراتين وقطعا بلاستيكية وترابية حول المطار.

يسارا شاهدت الميناء العالمي الكبير فأخرجت يدي ملوحا ومبتسما فانتبه الركاب وتمتم البعض قائلين الحاج مقرح مجنون.

مشينا فوقفنا أمام طابور طويل للتفتيش في نقطة عسكرية ليخبرونا بحادث تصادم فرجعنا للطريق الآخر الترابي، كله حجارة ومطبات فاخترقنا البحر والمحيط ثم طريق المنطقة الحرة وتعصورنا بين دهاليز وأشجار ورمال وصحارٍ وكثبان حتى وصلنا جولة كالتكس.

نزلت هنا فوجدنا طقما وشباب يجبرون السائقين على الذهاب للفرزة وعشرات الباصات وشباب يصرخون "بريقا، الشعب، إنماء، بئر أحمد".

فمشيت خطوات مرهقا ورأيت طفلا أسمر، معه جاري جمل فوقها جونية فطلعت معه تعبيرة ومن حينها قررت أشتري جمل للتنقل ليتناسب وإيقاع الحياه في عدن.

سألت الطفل عن الجونية فقال هذه علب فاضية أجمعها وأبيعها ، قلت بكم تبيعها قال بـ 500 ريال علشان أتغدي أي حاجة، ثم طأطأ بوجهه خجولا.

فقلت له "اسمع بعطيك ألف ريال 500 أجرة و500 مقابل تسمح لي التمدد على الجونية لأني تعبان ومدوخ من أطول رحله في التاريخ".

ضحك وقال "لا..لا ياعم باخذك بطريقي بلاش فأصريت ومنحته كل ما معي وتمددت ولمحت في عينيه حزن وبؤس وألم وشتات فكرهت العالم والدولة والتحالف والسياسة والنخب والناس أجمعين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى