المأساة تدفع شابة لتحقيق أحلامها في مناصرة مرضى الثلاسيميا

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> استطاعت رحاب فؤاد تخطي الصعوبات الاقتصادية والأنيميا الحادة والإنهاك الجسدي الذي تعاني منه منذ تشخيصها باضطرابات الدم الوراثية – قبل أن تكمل عامها الأول.

ولكن معاناة رحاب اليوم هي مصدر قوتها – صامدة وعازمة على تحقيق أهدافها، وتعيش أيامها بإيجابية ولتحقيق هدفٍ مهم.

وبحسب الأمم المتحدة، الثلاسيميا هو المرض الذي جعل رحاب تعيش تجربة منهكة مليئة بالضعف البدني، والإعياء، والنبض المتسارع، وضغوط بدنية ونفسية عديدة أخرى وأدى هذا المرض إلى نقصان الأكسجين في كريات الدم الحمراء، كما أدى إلى معاناتها من ترسب الأصبغة الدموية، أو ما يُعرف بزيادة نسبة الحديد في الدم، الذي قد يتسبب بأضرار كبيرة على أعضاء مختلفة بالجسم وقد يؤدي إلى الوفاة.

تقول رحاب: "حين كنت طفلة، ولوقت طويل، لم أكن أعرف ما الذي بي ولما أنا مريضة، كل ما كنت أعرفه أن جسدي ليس بخير، وأنني كلما أصبت بالتعب يأخذني والديّ للمشفى للفحوصات ولنقل الدم"، وتضيف: "عمري الآن 23 عاما، كما أنني في عامي الجامعي الأول بتخصص نظم معلومات إدارية".

وتتابع في حديثها: "أنا فخر لعائلتي، كما أنني فخورة بنفسي، أستطيع أن أعيش حياتي بشكل طبيعي"، تضيف رحاب بسعادة: "دائما ما تقول لي عائلتي بأنني مصدر فرحتهم وقوتهم – طالما وأنا قوية، فهم أقوياء".


تخطي الصعاب

نقل الدم شهريا يُعد شريان الحياة بالنسبة لرحاب، لكن ليس هناك ضمان لاستمراره، اقتصاد اليمن المتدهور وزيادة التضخم وانقطاع الوقود المتكرر، وقلة المراكز الصحية العاملة تُعد من أكبر الأخطار على أرواح مرضى الثلاسيميا، بحسب بيانات نظام المراقبة لتوفر المواد والخدمات الصحية للعام 2022م.

لكن رحاب مثابرة ومستمرة بعزيمة متقدة، وبدعم مستمر من أسرتها، التي اضطرت للانتقال من إحدى مناطق محافظة تعز الريفية إلى صنعاء – قبل 18 عاما – للوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية لرحاب.

صنعاء هي المدينة التي تعمل فيها الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثية لتضمن أن رحاب قادرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية الجيدة على المدى الطويل في العام 2005م، وفي هذا الصدد تقول: "قمت بالتسجيل في الجمعية اليمنية لمرضى الثلاسيميا والدم الوراثية، فقط حينها، وأنا في الخامسة من عمري، استطعت أن أبدأ حياتي بصورة طبيعية – بصحة جيدة".

وتواصل: "ليس هذا فقط، لكن الجمعية اليمنية كانت دائما تدعمني بالعلاج، الدواء والفحص، كما قدموا لي خدمات الدعم النفسي".



مؤسسة غير ربحية تقود المعركة ببسالة

في العام 2005م، كانت رحاب واحدة من إجمالي 10 مرضى آخرين مسجلين في الجمعية اليمنية، اليوم، أكثر من 5000 مريض يحصلوا على الفحوصات، الأدوية، والعلاج.

"تقوم الجمعية اليمنية بتزويدي وتزويد مختلف المرضى بالدعم النفسي، الصحي، والمادي، هم بكل بساطة عائلتي"، وتضيف رحاب، "دائما ما أذهب إلى هناك عندما أشعر بالتعب – يقوموا دائما برفع معنوياتي!".

وتعمل الجمعية اليمنية على تزويد المرضى بالفحص، الدواء والدعم النفسي دون انقطاع – مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات لكل حالة.

يقول د. مختار إسماعيل، مدير المركز العلاجي لمرضى الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية في الجمعية اليمنية: "لطالما كانت رحاب مناصرة وداعمة لمرضى الثلاسيميا وتكسرات الدم الوراثية، خصوصا الأطفال والشباب، إيجابيتها الدائمة كانت مصدر إلهام للأطفال، كما شجعتهم على تخطي نظرات الآخرين حول وضعهم الصحي وقامت بدعمهم ليعيشوا حياتهم بشكل طبيعي".

تواصل رحاب بتأثر: "جميع الأطباء والعاملين في الجمعية اليمنية يعطوننا الرعاية والمحبة، كما أنهم يعاملوننا جميعا باحترام شديد، يحرصوا دائما على إمداد مخزون الدم ويقوموا بالفحوصات اللازمة لجميع المرضى، وعلى الرغم من جميع الصعوبات التي قد يمروا بها إلا أنهم يقومون بعمل المستحيل لضمان حصولنا على المساعدة التي نحتاج إليها".

الفرق الذي أحدثته الجمعية اليمنية في حياة رحاب لا يمكن تخيله، "بخلاف الأشخاص الذين يعيشون في المناطق النائية والذين لا يمكنهم توفير تكاليف السفر، المرضى في صنعاء يمكنهم الوصول إلى الخدمات بشكل مستمر"، تقول رحاب: "بالإضافة إلى هذا، العديد من الأشخاص لا يتقبلوا مرضى الثلاسيميا، يعتقد العديد منهم أن هذا المرض معدٍ ومضر للآخرين، وغالبا ما يتجاهلوا حقيقة أن مرضى الثلاسيميا هم بشر فوق كل شيء آخر".



من التعرض للتنمر إلى دعم الآخرين

تتذكر رحاب تعرضها للتنمر في طفولتها لأنها كانت أضعف وتصاب بالإرهاق أسرع من غيرها، "كان الأطفال يرفضون اللعب معي"، تقول رحاب، "لكنني وقد كبرت الآن، صادفت العديد من الأشخاص الرائعين الذين يتقبلونني كما أنا".

وتابعت: "قد نصاب بالإرهاق أسرع من غيرنا، وكما أننا أيضا نحتاج للفحوصات والدواء ونقل الدم طول حياتنا، لكن هذا لم يكن خطرا بأي شكل على صحة الآخرين".

تتحدث رحاب بأن أحد أحلامها هو أن تصبح مناصرة وإحدى المؤثرات الإيجابيات للأشخاص الذين يعانون من أمراض الدم الوراثية في اليمن وتقول: "أُشارك دائما في حملات الدعم على التلفاز، في المدارس، الجامعات، المراكز الصحية، وفي المؤسسات الحكومية".

إحدى هذه الحملات تركز على أهمية فحص أمراض وتكسرات الدم الوراثية قبل الزواج للنساء والرجال في اليمن.

كما تؤمن رحاب بأن دورها هي وغيرها من الفتيات في المجتمع اليمني للثلاسيميا يكمن في نشر ورفع الوعي بأهمية فحص ما قبل الزواج كأداة وقائية من أمراض الدم الوراثية – هذه الفحوصات تُعد إجراءً أساسيًا لتحديد ومنع الزيجات بين ذوي الاستعدادات الوراثية لأمراض الدم الوراثية.

وتوصي رحاب في رسالتها عبر الأمم المتحدة: "نحتاج لدعم بعضنا البعض، وأن نقف في وجه جميع الصعوبات، لا يجب أن نسمح لوضعنا الصحي أن يعوق طموحنا بالعيش والدراسة".


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى