لماذا تزايد اهتمام الدبلوماسية الخليجية بمؤتمر ميونيخ للأمن؟

> "الأيام" الخليج أونلاين

> ​تواصل دول الخليج استغلال مؤتمر ميونيخ السنوي للأمن من أجل تعزيز دورها الدبلوماسي إقليمياً وعالمياً، وهو أمر يقول خبراء إنه يزيد فرص المنطقة في طرح قضايا العرب الكبرى والمشاركة في حل الأزمات العالمية الكبرى.

وانطلق مؤتمر ميونيخ للأمن يوم 17 فبراير 2023، بحضور  عدد من زعماء العالم وكبار السياسيين والعسكريين من العديد من الدول، وشكّل المشهد الأمني الأوروبي في ضوء حرب روسيا على أوكرانيا محور محادثاته.

ويستضيف التجمع السنوي رفيع المستوى الذي يستمر حتى يوم 19 فبراير 2023، ويركز على الدفاع والدبلوماسية ويقام في بافاريا بجنوبي ألمانيا، ممثلين من 96 دولة مختلفة، لبحث المخاوف الدفاعية الرئيسية. 

وتم استبعاد قادة روسيا وإيران وممثلي حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني المتطرف من المؤتمر، عكس السنوات السابقة. وشارك في المؤتمر 40 رئيس دولة ورئيس حكومة، إضافة إلى قرابة 100 وزير.

ويتناول المؤتمر هذا العام قضايا دولية كبيرة أخرى، لا سيما العلاقات بين الغرب والصين، إضافة إلى قضايا مثل إمدادات الطاقة وأسعار المواد الغذائية.

  • حرب أوكرانيا والطاقة والمناخ

تدور نسخة العام الجاري، بشكل أساسي، على التداعيات العالمية بعيدة المدى للحرب الروسية ضد أوكرانيا على قضايا مثل إمدادات الطاقة وأسعار المواد الغذائية وأزمة المناخ.

وخلال اليوم الأول من المؤتمر، بحث وزراء خارجية دول خليجية مع آخرين أوروبيين ومسؤولين عرب وإقليميين، العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها، خاصة في مجال الطاقة والاستثمار، فضلاً عن التطورات الإقليمية والدولية.

ولعبت دور الخليج دوراً لتهدئة الأجواء بين الخصوم الكبار خلال العام الأول من الحرب، حيث توسطت السعودية والإمارات في صفقات تبادل أسرى بين موسكو وكييف، وتبادل سجناء بين موسكو وواشنطن.

كما نأت دول المجلس بنفسها عن الانخراط في التجاذبات الدائرة على قدم وساق بين الولايات والصين وروسيا، وتمسكت بالحياد ودعت لحل الخلافات سياسياً وعدم تسييس الطاقة؛ حتى لا تتسع رقعة التداعيات.

وكان العام الماضي عاماً دبلوماسياً مميزاً على مستوى منطقة الخليج، حيث عقد قادة الدول الست قمة مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في مدينة جدة السعودية منتصف يوليو الماضي، وأخرى مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، بالعاصمة السعودية الرياض في ديسمبر التالي.

وعكست القمتان رغبة الخليجيين في إعادة التموضع بين القوى الكبرى بما يعزز حضورهم في الدبلوماسية العالمية وعدم الانجرار إلى صراعات عسكرية أو حروب اقتصادية باردة، فضلاً عن مواصلة الدوحة ومسقط محاولاتهما لإحياء الاتفاق النووي بين واشنطن وطهران، لنزع فتيل التوتر بالمنطقة.

لم يعد دور الدبلوماسية الخليجية بعد الحرب الروسية الأوكرانية كما كان قبلها أبداً ويبدو أنه لن يعود، حيث أصبحت الدول الكبرى تضع نصب أعينها مواقف كبار مصدري النفط والغاز عالمياً وهي تمضي قدماً في حروبها الباردة والساخنة.

وفي ظل الانخراط المتزايد لإيران في الحرب الأوكرانية ومع إصرار الإيرانيين على دعم موسكو بمزيد من الطائرات المسيرة لضرب أهداف أوكرانية، كما يقول الغرب، فإن الحضور الخليجي يحظى بأهمية كبيرة.

فقد أكد بيان خليجي أمريكي مشترك هذا الأسبوع، ضرورة عودة طهران للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإحياء الدبلوماسية لحل الخلاف القائم بشأن برنامجها النووي الذي "تجاوز حدود المدنية"، وفق البيان.

  • تأكيد للعلاقات وبحث للمخاوف المشتركة

المحلل والأكاديمي الكويتي د. عايد المناع، قال لـ"الخليج أونلاين، إن النسخة الأخيرة من المؤتمر وإن ركزت على الحرب الروسية الأوكرانية والخلاف الصربي الكوسوفي، فإن حضور دول الخليج أمر إيجابي؛ لإحياء قضايا العرب الأساسية في المحفل الغربي مثل قضية فلسطين.

إلى جانب ذلك، يقول المناع، إن الحضور الخليجي ليس روتينياً وإنما وفق ترتيبات تعكس العلاقات الوثيقة بينها وبين الغرب، خصوصاً الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن هذا الحضور جاء في ظل تنامي مخاوف دول المنطقة من ممارسات إيران، التي لم تحضر المؤتمر هذا العام.

ويعتقد المناع أن الحضور الخليجي في مؤتمر ميونيخ يعود بالدرجة الأولى إلى رغبة الولايات المتحدة تحديداً في مناقشة المخاطر العسكرية والمناخية التي تخيم على المنطقة، التي تمثل شريان الطاقة الأهم للعالم.

كما أن التركيز على حتمية قيام الدولة الفلسطينية وردع التطرف الإسرائيلي ولو من خلال إسماع القوى الكبرى الصوت العربي سيكون له مردود وعلى المدى الطويل بالنظر إلى أهمية الدور الخليجي في قضايا عالمية كبرى، كما يقول المحلل الكويتي.

ويضيف المناع: "حضورنا مهم، وإسماع صوتنا ومناقشة مخاوفنا الخاصة والمشتركة في هذه المحافل مهم أيضاً، ومحاولة التعلم من طريقة تفكير وتعامل الدول الكبرى مع الأزمات أمر لا بد منه".

وتابع: "قد لمسنا عدم الرضى الأمريكي والغربي عن الممارسات الإسرائيلية الأخيرة المتعلقة توسيع الاستيطان الإسرائيلي، فضلاً عن السماح لرئيس وزراء فلطسين، محمد اشتية، بعرض قضية بلاده أمام الفعالية الأمنية العالمية بكل وضوح".

ويرى المناع أن خططاً خليجية طموحة من نوعية مبادرة الشرق الأوسط الأخضر السعودية أعطت دول المنطقة زخماً وجعلتها حاضرة في عديد من خطط مواجهة المناخ عالمياً، وهذا ينعكس على قضايا أخرى، حسب قوله.

  • لقاءات موسعة

كان اليوم الأول حافلاً باللقاءات الخليجية، حيث التقى وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مع نظيره المالطي إيان بورغ، وناقش معه أموراً بينها التعاون في مجالي الطاقة والاستثمار.

كما التقى الوزير القطري وزيرة خارجية النرويج أنيكين هويتفيلد، وبحث معها سبل استمرار تعاون الجانبين لتعزيز الاستقرار في الصومال وفلسطين وأفغانستان.

وشارك وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في جلسة نقاش حول أمن الطاقة، بجانب شخصيات رفيعة المستوى، وممثلي الحكومات، وأكاديميين، ومؤسسات مجتمع مدني.

وأكدت الخارجية السعودية أن اللقاء ركز على سبل التعاون من أجل تحقيق استقرار أسواق الطاقة العالمية، وأهمية الاستمرار في التواصل الفعال لمواجهة التحديات المستقبلية، في ظل التحولات الجيوسياسية التي يشهدها العالم.

والتقى وزير الخارجية السعودي أيضاً رئيس الحكومة الفلسطينية محمد اشتية، واستعرض معه تطورات الجهود التي تبذلها الجامعة العربية لإحياء عملية السلام.

كما عقد "بن فرحان" لقاءين منفصلين مع نظيريه المالطي يإيان بورغ، والجورجي إيليا داركياشفيلي، وبحث مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، تطورات الأزمة الروسية - الأوكرانية، والجهود الدولية الرامية إلى حلها سياسياً.

وفي سياق اللقاءات الخليجية على هامش المؤتمر، بحث وزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم العبد الله، مع رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، التطورات الراهنة للقضية الفلسطينية، والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقدس المحتلة ولقرارات الشرعية الدولية.

كما التقى الوزير الكويتي مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، وبحث معه توثيق العلاقات بين البلدين.

والتقى الوزير الكويتي أيضاً عضو البرلمان الألماني ووزير الدولة في وزارة خارجية ألمانيا الاتحادية توبياس ليندنر، وبحث معه التحديات الأمنية على الساحتين الإقليمية والدولية، ومن ضمنها التطورات الراهنة للأزمة الأوكرانية والأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط ومستجدات الأحداث في اليمن وسوريا وإيران.

كما بحث الشيخ سالم العبد الله مع نظيره الباكستاني بيلاوال بوتو زارداري، التحديات الأمنية إقليمياً ودولياً، ومن ضمنها التطورات الراهنة في أفغانستان.

ويعد مؤتمر ميونيخ للأمن الأشهر من نوعه على صعيد مؤتمرات السياسة والأمن في العالم. ويشارك في دورته السنوية زعماء عالميون، بينهم عديد من المسؤولين العرب. ومن أهداف هذا المؤتمر المساهمة في حل النزاعات بالطرق السلمية.

وتعود انطلاقة مؤتمر ميونيخ للأمن والتعاون إلى عام 1963 تحت عنوان "اجتماع العلوم العسكرية الدولي". وقد أصبح المؤتمر منصة فريدة من نوعها على مستوى العالم؛ لمناقشة السياسات الأمنية في إطار عشرات الجلسات بمشاركة من أعلى القيادات على مستوى العالم.

ويعقد المؤتمر في شهر فبراير من كل سنة بمدينة ميونيخ الألمانية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى