​السعادة في الظلام

> د. محمد الحريري

>
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أحسن تقويم وأدق تعقيد وجاء العلم ليكشف تلك الحقائق والأسرار المذهلة التي تدل على عظمة المولى سبحانه وتعالى القائل "سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " فصلت.

كما وضع الحق سبحانه وتعالى منهج متكامل لتنظيم حياة الناس، وفي باب تنظيم النوم تم ذكر الليل في العديد من الآيات القرآنية منها:
"فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا" الأنعام
"هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا"   يونس
"وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا" النبأ

ومعنى الآيات أن المولى سبحانه وتعالى قد جعل الليل لكم غشاء يغشاكم سواده، وتغطيكم ظلمته، كما يغطي الثوب لابسه لتسكنوا فيه عن التصرّف لما كنتم تتصرّفون له نهارا.

 ومن سنة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يكره النوم قبل العشاء والحديث بعده، أي بعد العشاء دلالة على التبكير في النوم بعد العشاء.

هذا الإعجاز النبوي قد أكده العلم المعاصر الذي بين أوجه الإعجاز في النوم المبكر في الظلام حيث يرتبط هذا الإعجاز بهرمون يسمى هرمون الميلاتونين والذي يفرز من الغدة الصنوبرية.

وقد أطلق على هذا الهرمون أيضا بهرمون الظلام، كونه لا يفرز إلا في الظلام، حيث يتحكم الضوء المسلط على شبكية العين في كمية إفراز هذا الهرمون، وكذلك يعرف بهرمون السعادة كون إفراز هذا الهرمون مرتبط بسعادة الحياة.

إن الأبحاث الحديثة تؤكد على إمكانية تأثير هذا الهرمون على جميع الخلايا كونها تملك مستقبلات خاصة للهرمون كما أبهر العلماء تلك الوظائف الحيوية التي يؤديها في الجسم كونه يعمل كساعة بيولوجية منظمة لعدد من العمليات الحيوية المعقدة في الجسم و في تنظيم الاستقلاب ومنع تكوين الجذور الحرة والأكسدة داخل الخلايا التي تؤدي إلى الضرر البالغ و تكون سبب في ظهور كثير من الأمراض كما أن لهذا الهرمون فعالية في توفير الطاقة في الجسم وتعزيز عمل الجهاز العصبي والمناعي كما وجد أن هذا الهرمون يستطيع أن يؤخر من علامات الشيخوخة وهشاشة العظام ويحمي بإذن الله من الأمراض السرطانية، الجدير ذكره أن هذا الهرمون يحسن من جودة النوم ويستخدم كعقار لتحسين النوم والأرق والكثير من الفوائد الأخرى.

هرمون الظلام يفرز بعد العشاء بين الساعة 7-8 مساءً ويستمر إلى قبل الفجر تقريبا الساعة الثانية بعد منصف الليل قبل أن يتدرج بالتناقص.

يبقى في الأخير السؤال:
من الذي أخبر الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم بسر النوم المبكر؟
الإجابة وبدون تردد أنه ما ينطق عن الهوى.

إن السهر الغير المبرر أو النوم في غرف غير مظلمة قد تفقدنا كل تلك الفوائد الرائعة لهرمون السعادة بل ممكن أن تكون سبب لظهور الأمراض، فلنتبع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام في النوم المبكر والكافي والمقدر بين 7-8 ساعات يوميا لتسعد الحياة بإذن الله سبحانه وتعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى