فقدان الوثائق الدراسية تحرم أطفال اليمن من المدرسة

> تعز«الأيام»:

> ​عائشة.. طفلة لجأت للتعليم بمحو الأمية لتنقذ طموحاتها  

تسببت الحرب في اليمن بحرمان الآلاف من العودة إلى مقاعدهم الدراسية، ويعد بقاء عائشة بعيدًا عن فصلها الدراسي مثالا واحدا للعديد من اليمنيين الذين فقدوا وثائقهم الدراسية، ولم يتمكنوا من الانضمام مجددا إلى المدرسة بسهولة.
غادرت عائشة، 12عاما، مع أسرتها فورا من منزلهم في البريقة بعدن، بعد تعرض المنزل لعدد من القذائف في 2015.

الخروج بسلام والهروب من منطقة الخطر كان حلم جميع أفراد العائلة في ذلك الوقت العصيب.

ما إن تندلع مواجهات مسلحة، وتتعالى أصوات الانفجارات في منطقة مأهولة بالسكان، يصاب المدنيون بالذعر، ويسعون بسرعة إلى الفرار، دون الالتفات لما يمتلكونه في بيوتهم، كانت تلك التجربة التي عاشتها عائشة.
لم تتذكر عائشة وثائقها الدراسية عندما فرت من المنزل، ولم تفكر حينها بالدراسة أو الشهادة.

الهروب من الإصابة والنجاة من الموت كان همها الوحيد، كانت تشعر بأنها محظوظة لأنها لم تتعرض لإصابة أثناء القصف، وبعد وصولها مع أسرتها إلى تعز واستقرارها هناك، بدأت تفكر مجددا في الدراسة والمستقبل.
انطلقت عائشة في البحث عن مدرسة للتسجيل، بهدف مواصلة التعليم، لم يكن الأمر يسيرا، لأنها لم تستطع تقديم وثائقها الدراسية، ولهذا السبب رفضتها عدد من المدارس في تعز.

تقول عائشة في حديثها لـ "المشاهد": "اضطررنا للنزوح من عدن إلى تعز نتيجة القذائف التي طالت منزلنا، وتركنا كل ما نملك بما في ذلك الوثائق المهمة"، وتضيف: "حينها كنا نفكر فقط بكيفية النجاة بأرواحنا، ولم أكن أتوقع أن ذلك سيحرمني من إكمال الدراسة، خصوصا وأنا أعيش الآن برفقة أمي وأختي".

حاولت عائشة التسجيل في أكثر من مدرسة، قريبة من منزلها في حي الجمهوري بتعز، لكنها واجهت الرفض مرارا، لأنه لم يكن بحوزتها وثائق دراسية تثبت استحقاقها التسجيل في الصف السادس الابتدائي.
وتضيف لـ "المشاهد": "كانوا يلزمونني في كل مدرسة أتقدم للتسجيل فيها، بإحضار الوثائق، إلا أنني لم أستطع إحضارها لأن ذلك يتطلب الذهاب إلى عدن، ومتابعة مكتب التربية هناك، وأنا لا أستطع فعل ذلك".

الملايين من الأطفال في اليمن فقدوا الحق في التعليم بسبب الحرب، وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، في تصريح لها في فبراير هذا العام، إن الصراع أعاق حصول 8.1 مليون طفل يمني على التعليم.
ضياع الوثائق الدراسية مشكلة أرقت الكثير من أولياء أمور الطلاب، وهذه صورة من المآسي التي أوجدتها الحرب خلال السنوات الماضية، بحسب محمد الرميم، الصحفي المهتم بالشأن التربوي.

يقول الرميم في حديث لـ "المشاهد": "إن الحرب في اليمن خلفت الكثير من المعاناة والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية في مختلف المناطق، ومن هذه المشاكل فقدان الوثائق الرسمية للطلاب بسبب النزوح أو الدمار الذي تتعرض له منازل المواطنين".
ووفق صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن عدد النازحين في اليمن حتى مطلع هذا العام، تجاوز 4.5 مليون شخص، نتيجة للحرب التي تشهدها البلاد من أكثر من سبع سنوات.

ويشير الرميم إلى أن فقدان الوثائق الدراسية خارج عن إرادة المواطنين، لأن سبب دمار المنازل قد يكون القصف، بخاصة تلك المساكن التي في خطوط النار، أو قد يكون بفعل ضربات جوية.

ويضيف أن بعض مدراء ومديرات المدارس لا يتفهمون مثل هذه العراقيل التي يواجهها أولياء الأمور، ويقترح إعطاء مهلة كافية لأولياء أمور الطلاب حتى يتمكنوا من استخراج بدل فاقد للوثائق المفقودة، ومساعدة الطلاب والطالبات في الالتحاق بالعملية التعليمية، وإيجاد المعالجات المناسبة لهم بما يضمن استمرارية التعليم دون انقطاع.

حلول وضوابط
 يقول نائب وزير التربية والتعليم، علي العباب، في حديث لـ "المشاهد"، إن هناك توثيقا لوثائق التعليم، وتتضمن أربع نسخ تحتوي على بيانات الطلاب الملتحقين بالعملية التعليمية في المدارس.
نائب مدير مكتب التربية والتعليم بمحافظة تعز، عارف الصامت، يقول في حديثه لـ "المشاهد"، إن مشكلة فقدان بعض الطلبة وثائقهم الدراسية، برزت خلال سنوات الحرب، والإشكالية الأخرى تمثلت في عدم قدرة الطلاب على استلام وثائقهم بسبب النزوح القسري من مناطق المواجهات.

لكنه يؤكد أن وزارة التربية ومكاتبها عملت على معالجة تلك الإشكالية من خلال استقبال الطلبة النازحين وتسجيلهم في المدارس القريبة منهم، وإعطاء الأولوية للطالب، وإرسال مذكرة من مكتب التربية إلى المديريات والمدارس، وأخذ التزامات من أولياء أمور الطلبة بإحضار الوثائق مع إعطائهم فرصة، وقد أثمرت هذه الخطوة في إيصال الكثير من وثائق الطلاب.

ويضيف الصامت: "بالنسبة للطلبة الذين فقدت وثائقهم نهائيا، تم استخراج بدل فاقد لمن هم مقيدون في سجلات مكتب التربية، هناك مجموعة قليلة فقط ممن فقدت وثائقهم بشكل نهائي، وهناك تواصل ومتابعة حثيثة من مكتب التربية وإدارة الاختبارات وأولياء الأمور لمعالجة ذلك سواء في مناطق الشرعية أو في مناطق سيطرة الحوثي، مع العلم أن الطلبة مستمرون في دراستهم".

لاتزال عائشة من الطلاب الذين لم يتمكنوا من الحصول على وثائقهم نهائيا، لكنها لم تستسلم وتترك تعليمها، تقول عائشة: "لأني أحب الدراسة التحقت بمركز محو الأمية لأكمل تعليمي هناك، وأحصل على شهادة أستطيع من خلالها إكمال مسيرتي العلمية والانتقال للصف السادس".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى