​قضية شعب الجنوب خط أحمر

>
كان الحوثيون دائما ما يصرحون في كل مناسبة خلال هذه الحرب، أنهم لن يتفاوضوا مع الشرعية أو أي طرف آخر من أطراف الصراع الداخلي، وأنهم مستعدون فقط، للتفاوض مع المملكةالعربيةالسعودية إذا أرادت هي ذلك ووفق شروطهم. وكان موقفهم هذا ينم عن معرفة بأبعاد هذه الحرب

وتأثيراتها داخليا وإقليميا ودوليا على المملكة المنخرطة في الأزمة اليمنية والغارقة في مستنقعها، الذي لم تكن تتوقع أنه بهذه الضحالة وهذا ناتج عن تصورات وحسابات خاطئة من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن 99 % من أوراق ومفاتيح حل الأزمة اليمنية تكمن بيد الشقيقة الكبرى. إنطلاقا من كونها قائدة التحالف العربي وهي من يتحمل النصيب الأكبر من تكلفة ونفقات هذه الحرب، فيما الآخرون ليسوا سوى مجرد تابعين لها توزع عليهم المهام، وترسم لكل منهم دوره لينفذوا ماتطلبه منهم حيث لا يستطيع أحد منهم الخروج من عباءتها، ويرجع ذلك إلى طبيعة الإمكانيات

المادية الكبيرة، التي تمتلكها الشقيقة الكبرى بالإضافة إلى نفوذها على محيطها الإقليمي وكذلك مكانتها على مستوى المجتمع الدولي. كل ذلك يؤهلها لأن تلعب دورا كبير في حل الأزمة اليمنية والخروج منها بأي ثمن. وقد ارتأت بعد ثماني سنوات من حربها مع الحوثيين، لم تتمكن خلالها من إحراز نصر ولو صغيرا يحفظ لها ماء الوجه، بينما كان الحوثيون يزدادون قوة يوما عن يوم وسنة بعد أخرى. ارتأت أنه لا مفر لها من الدخول في مفاوضات سلام معهم والرضوخ لمطالبهم وشروطهم، مقابل وقف هجماتهم التي يشنونها على المملكة. وقد كان للحوثيين في بداية مرحلة

المفاوضات ما أرادوه، وهو التفاوض مباشرة أو عبر الوسيط العماني، واعتبار الآخرين مجرد كومبارس في هذه الحرب. رغم أن الجنوبيين كان لهم الدور الكبير في وقف تمدد قوات الحوثيين في المناطق الجنوبية، ودحرهم منها وإعادة تموضعم في المناطق الشمالية التي أتوا منها. كما كان للجنوبيين دور في حماية الحد الجنوبي للمملكة، فيما كانت هناك خيانات وتخاذل واضح في هذه الحرب للقوات العسكرية الشمالية المسماة بجيش الشرعية أو الجيش الوطني، إلى الحد الذي وصل بهم إلى تسليم المناطق التي تم تحريرها من قبل القوات الجنوبية للحوثيين بكل سلاسة.

وشيء طبيعي أن يجلس الفرقاء المتحاربون بعد كل حرب إلى مائدة المفاوضات سواء كانوا منتصرين أو مهزومين، ليوقعوا اتفاقا بينهم يرسم نهاية للحرب. ولكن الشيء غير الطبيعي  وغير المنطقي، أن يفرض أحد أطراف السلام سواء كانت المملكة أو الحوثيون مطالبهم أو رؤيتهم على الجنوبيين، فيما يخص قضيتهم العادلة والتي هي ليست نتاج هذه الحرب وهي منفصلة تماما عنها، ولها حيثياتها وظروفها وأبعادها وتاريخها الذي يعود إلى مابعد حرب صيف 94 الظالمة .. لذا لا يجب إدراجها ضمن اتفاق السلام الجاري، بين كل من المملكة وإيران راعي الحوثيين والأطراف الشمالية الأخرى، فالجنوبيون في حل من أي اتفاق يبرم بينهم، لأنهم لن يتنازلوا عن حقهم في استعادة دولتهم قيد أنملة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى