​هذا الحبيب يامحب

> خوفه عليه الصلاة و السلام

كان أشد الناس خوفا من الله، ومن شدة خوفه كان يبكي في صلاته، وعند سماعه للقرآن الكريم، وكان إذا رأى آية من آيات الله الكونية (هبوب الرياح، حدوث رعد وبرق، وشدة المطر) ظهر الخوف من الله على وجهه وحركاته كالمضطرب الوجل.

عن عبدالله بن مسعود قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرأ عليَّ» قال: قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: «إني أشتهي أن أسمعه من غيري» قال: فقرأت النساء، حتى إذا بلغت ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ قال لي: «كفَّ، أو أمسك» فرأيت عينيه تذرفان”. وكيف لا، وهو الذي قال: “عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله”.

فأشدُّ ما خافه النَّبي صلى اللَّه عليه وسلَّم على أُمَّتِه من الاعتقادات وقوعها في الرِّياء بتزيين العباداتِ للآخرين، فقال: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرِكُ الأَصْغَرُ، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَصْغَرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الرِّيَاءُ» (رواه أحمد)، بل خافه عليهم أكثر من خوفه عليهم من المسيح الدَّجال، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفَ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مَنَ المَسِيحِ الدَّجَالِ؟ قَالُوا: بَلَى، فَقَالَ: الشِّرْكُ الخَفِيُّ؛ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» (رواه أحمد).

قد خشي عليه الصَّلاة والسَّلام على أُمَّته ما يُضاد ذلك من العنت والمشقة بأن تُزاد عليهم الفرائض فيعجِزوا عنها، أو أن تَكثُرَ عليهم الأوامر فيُقصِّروا فيها، فراجع ربَّهُ ليلة الإسراء والمعراج لَمَّا فُرِضت الصَّلاة خمسين، وسأَله التَّخفيف لأُمَّته حتى صارت خمس صلوات (متفق عليه).
وكان يَدَعُ بعض الأعمال مخافة أن تفرض عليهم، قالت عائشة رضي اللَّه عنها: «إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيَدَعُ العَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ خَشْيَةَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ» (متفق عليه).

وخشي النَّبِيُّ عليه الصَّلاة والسَّلام على أُمَّتِهِ ما يُنَفِّرها عن الإٍسلام، فترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم بعد فتح مكة، وقال: «مَخَافَةَ أَنْ تَنْفِرَ قُلُوبُهُمْ» (متفق عليه).

وأخبر النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم أنَّ الفتن كثيرةٌ كمواقع القطر، ومنها كبارٌ، ومنها فتن تَمُوج كموج البحر، وقد خشي عليه الصَّلاة والسَّلام على أُمته الوقوع فيها والتَّأثر بها فقال: «إِنَّ مِمَّا أَخْشَى عَلَيْكُمْ: ‌شَهَوَاتِ ‌الغَيِّ ‌فِي ‌بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ، وَمُضِلَّاتِ الفِتَنِ» (رواه أحمد)، وكان عليه الصَّلاة والسَّلام يتعوذ باللَّه منها في صلاته، يقول: «وَأَعُوذُ ‌بِكَ ‌مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ» (متفق عليه).

 خشي عليه الصَّلاة والسَّلام على أُمَّته من الدجال، فقال: «غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي عَلَيْكُمْ! إِنْ يَخْرُجُ وَأَنَا فِيْكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وَإِنْ يَخْرُجُ وَلَسْتُ فِيْكُمْ فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتِي عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» (رواه مسلم).

والعلماءُ الرَّبانيون ورثةُ الأنبياء، يَخشون ربهم ويُبَيِّنون للنَّاس دينَهم، وقد خاف النَّبي صلى اللَّه عليه وسلم ممن يُزيِّن الباطل ويكتم الحق، قال عليه الصلاة والسَّلام: «أَخْوَفُ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ: الأَئِمَّةُ المُضِلُّونَ» (رواه أحمد).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى