قصص الأنبياء

>
"خطيب الأنبياء" شعيب عليه السلام

بدأت دعوة شعيب -عليه السلام- بعد لوط بفترة قصيرة من الزمن، ومن الأدلة التي جاءت في سوره هود ، قال تعالى: ((وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ ۚ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ)) (89).

* نسب نبي الله شعيب

هو شعيب بن مدين بن سام بن نوح بن إدريس المصري بن شيث بن آدم عليه السلام، وهو ابن عم نبي الله لوط عليه السلام.

* قصة نبي الله شعيب عليه السلام

القوم الذي أرسل الله لهم نبيه شعيب عليه السلام هم أهل مدين ، حيث عاش سيدنا شعيب عليه السلام في قرية صغيرة تسمى مدين ،الواقعة على أطراف الشام، بالقرب من بحيرة قوم لوط التي يقال إنها كانت في الأردن، وكانت هذه القرية تتميز بمناخها الرائع بالإضافة إلى الحياة الزراعية المزدهرة، كما كان عليه السلام يحب هذه القرية كثيرا ولكن أهلها كانوا يعبدون الأوثان والأصنام، فقد كان أهل مدين يرون بأن هذه الأصنام هي التي ترزقهم و تبارك لهم في حياتهم، أصاب الحزن قلب سيدنا شعيب عليه السلام لما رأى قومه على هذا الحال، لم تكن هذه هي المأساة الوحيدة التي كانت في قوم مدين، فقد كان قوم شعيب يغشون في معاملاتهم الشرائية ويسرقون من اموال الناس بالباطل ، حيث كانوا يطففون في الميزان، وقد كان شعيب عليه السلام يحثهم عن التوقف عن ارتكاب هذه الأمور.

كان معروف عن سيدنا شعيب عليه السلام أنه خطيب بليغ، وتجدر الإشارة إلى أن مدين هي إحدى القرى التابعة لقرى قوم لوط، وقد سميت مدين بهذا الاسم نسبة لبني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل عليه السلام، وقد كان معروف عن أهل مدين الفساد و الطغيان في الأرض، ومن حيث الزمان فزمن أهل مدين قريب من زمن سيدنا إبراهيم و سيدنا لوط عليهما السلام، و قد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم دعوة شعيب عليه السلام لقومه، قال تعالى : (( كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ* إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ* فَاتَّقُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُونِ* وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ))، و نجد هنا أن الله ذكر أصحاب الأيكة ولم يذكر أهل مدين، فأصحاب الأيكة هم أنفسهم قوم سيدنا شعيب عليه السلام.

على الرغم من ذلك كان هناك اختلاف بين العلماء حول ما إذا كان أصحاب الأيكة هم أنفسهم أهل مدين، فالبعض يرى أن أهل الأيكة هم أنفسهم أهل مدين، و البعض الآخر يرى بأن مدين و الأيكة أمّتان مختلفتان، ولكن الأمتين بعث الله لهما نبيه شعيب عليه السلام، و لكن في النهاية اجتمع قوم سيدنا شعيب عليه السلام عليه فقام الله بإهلاكهم جميعا، أرسل الله تعالى سيدنا شعيب عليه السلام لكي يدعو قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، فقد كان عليه السلام ينهاهم عن المعاصي و المحرمات التي يقومون بها، وأمرهم بترك عبادة الأصنام و الأوثان، التي ما هي إلا حجارة لا تنفع ولاتضر، كما أمرهم بالحذر وعدم الغش في المعاملات التجارية، هنا انقسم قوم شعيب إلى قسمين، فهناك من آمن برسالة شعيب عليه السلام وهناك من كذّبه.

أغلب الذين آمنوا برسالة النبي شعيب عليه السلام كان الضعفاء من قومه، أما الطغاة و الجبابرة فقد كذّبوه ولم يستمعوا له على الإطلاق، قال تعالى في القرآن الكريم : (( يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ))، فضلا عن أن من كفر برسالة شعيب عليه السلام كان يتعمد إيذاء من آمن بالرسالة، بل وصل الأمر إلى تهديد شعيبا عليه السلام ومن آمن من قومه بالترحيل أو القتل، لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن من كفر من قومه اتهمو سيدنا شعيب عليه السلام بالسحر، على الرغم من المحاولات العديدة لنبي الله شعيب عليه السلام لمحاولة جعل قومه يؤمنون بالله ويتبعون الطريق الصحيح إلا أنهم استمروا في عنادهم، كما استمروا في ظلمهم للناس في التجارة، وإكثارأموالهم بطريقة محرمة، وفي يوم من الأيام حل الظلام، و بدأت الأرض تهتز لدرجة أن المدينة بأكملها بدأت تتدمر، خرج من آمن بالله عز وجل من المدينة بسلام و أمان.

وهنا قال لهم سيدنا شعيب عليه السلام ما ورد في كتابه الله في الآية الكريمة : (( قالَ يا قَومِ لَقَد أَبلَغتُكُم رِسالاتِ رَبّي وَنَصَحتُ لَكُم فَكَيفَ آسى عَلى قَومٍ كافِرينَ ))، ومن شدة كفر قوم شعيب برسالته طلبوا أن يرسل الله تعالى عليهم كسفا من السماء، قال تعالى : (( وَإِذ قالُوا اللَّـهُمَّ إِن كانَ هـذا هُوَ الحَقَّ مِن عِندِكَ فَأَمطِر عَلَينا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائتِنا بِعَذابٍ أَليمٍ ))، وهنا كان عذاب هؤلاء القوم تماما كما طلبوا، حيث أرسل الله عز وجل عليهم 7 أيام من الحر الشديد الذي لا يُطاق، وبعدها أرسل لهم عز وجل غيمة، وظن القوم أن هذه الغيمة ستمطر عليهم مطرا فيتخلصوا بذلك من هذا الحر الشديد، وكانوا يستظلون بهذه الغيمة، إلا أن الله عز وجل جعل الغيمة تمطر عليهم حجارة من نار فقامت بإهلاكهم جميعا، و قد ورد عن ابن عباس أنه قال: (( فَذَلِكَ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ، إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ))، فقد كان القوم الكافرين يظنون بأن هذه السحابة هي نهاية عذابهم و أنها هي الملجأ الذي ينتظرون اللجوء إليه، إلا أن الله فاجأهم و أهلكهم جزاء لكفرهم و عنادهم، قال تعالى في كتابه الكريم: (( فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ )).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى