السعودية وإيران.. لا اتفاق بلبنان قبل حل الصراع في اليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار:

> يرى معظم المعلقين أن التوصل إلى اتفاق في لبنان، بما في ذلك إنهاء الجمود في الانتخابات الرئاسية واحتمال انعاش اقتصاده، مرهون بحل الصراع اليمني بين السعودية وإيران.

ذلك ما اتفق معه راني بلوط، محلل المخاطر السياسية والخبير بشؤون الشرق الأوسط، في تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست" (National Interest) الأمريكية.

بلوط أضاف أن محللين لبنانيين يتجادلون بشأن إذا كان الاتفاق السعودي الإيراني سيساعد في تخفيف التوترات المتصاعدة في لبنان ويؤدي إلى انتخاب "رئيس حل وسط" للبلاد ليخلف ميشال عون التي انتهت ولايته بنهاية أكتوبر الماضي.

وبوساطة صينية، وقَّعت السعودية (ذات أغلبية سنية) وإيران (ذات أغلبية شيعية)، في 10 مارس الماضي، اتفاقا لاستئناف علاقتهما الدبلوماسية خلال شهرين، ما ينهي قطيعة استمرت 7 سنوات، منذ أن اقتحم محتجون سفارة المملكة بطهران، بعد أن أعدمت الرياض رجل الدين الشيعي السعودي نمر النمر مع مدانين آخرين، بينهم سُنة، بتهم منها الإرهاب.

وبجانب أزمة انتخاب رئيس جديد للبنان، يعاني البلد من أزمة اقتصادية حادة اعتبرها البنك الدولي واحدة من أسوأ الأزمات منذ خمسينيات القرن التاسع عشر، كما تحكم البلد حكومة تصريف أعمال بسلطات محدودة منذ انتخابات مايو 2022 في ظل خلافات بين القوى السياسية.

بينما يتفق المراقبون والسياسيون على أنه من السابق لأوانه قياس تأثير الاتفاق السعودي الإيراني على الوضع اللبناني، يعتقد البعض أنه قد يخفف التوترات بين الأحزاب السياسية ويعزز بيئة إيجابية للمفاوضات المستدامة، لكن يبقى الحذر هو الشعور السائد، فقد يتبين أن الحوار بين اللبنانيين أكثر صعوبة مما كان متوقعا، وفقا لبلوط.

وتابع: حتى الآن، لم تعلق إيران رسميا على الانعكاسات المحتملة للاتفاق على السياسة اللبنانية، بينما قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إن لبنان يتطلب "تقاربا لبنانيا وليس تقاربا إيرانيا سعوديا"، وعلى السياسيين اللبنانيين إعطاء الأولوية لمصالح لبنان قبل كل شيء.

وبنبرة حذرة، قال الأمين العام لجماعة "حزب الله" اللبنانية (حليفة إيران) حسن نصر الله، في حديث متلفز، إن الاتفاق يعتبر "تطورا مهما"، لكن الجماعة مقتنعة بأنه لا ينبغي أن يأتي على حسابها وإيران لا تفرض مواقفها على الجماعة.

وبالمثل، أبدى معارضو "حزب الله" في لبنان حذرهم بعد إعلان الاتفاق، وبينهم زعيم حزب "القوات اللبنانية" المسيحية المقرب من السعودية سمير جعجع، حيث قال إن الانتخابات الرئاسية يجب أن لا تتأثر بعوامل خارجية، وهي "بيد 128 نائبا برلمانيا مستعدين للتصويت لانتخاب رئيس اليوم قبل الغد".

فيما اعتبر النائب المسيحي السابق والمنتقد القوي لـ"حزب الله" والنفوذ الإيراني في لبنان فارس سعيد أن آثار الصفقة قد تستغرق شهورا للوصول إلى لبنان، مؤكدا أنه على المسيحيين في لبنان الحفاظ على هويتهم العربية، بالنظر إلى ولاء "حزب الله" وحلفائه لإيران.

وبالأساس، ترجع أزمة الانتخابات الرئاسية في لبنان إلى المواجهة السياسية بين جماعة "حزب الله" المدعومة من إيران وحلفائها من جهة والجماعات السنية والمسيحية الموالية للغرب والمدعومة من السعودية من جهة أخرى.

ويتهم معارضون "حزب الله" وحلفاءه بتعطيل انتخاب رئيس جديد عبر التصويت بأوراق بيضاء في الدورة الأولى من كل جلسة برلمانية ثم الانسحاب حتى لا يكتمل نصاب الجلسة الثانية، بينما قال قادة في الجماعة إنهم يريدون "رئيسا لا يطعن المقاومة (يقصدون حزب الله) من الظهر".

ويمتلك "حزب الله" ترسانة أسلحة يقول المعارضون إنه يستخدمها لتعزيز نفوذه داخليا، بينما ترد الجماعة بأن سلاحها مكرس حصرا لمقاومة إسرائيل التي تحتل أراضٍ لبنانية.

وفي السنوات الأخيرة، انسحبت السعودية إلى حد كبير من لبنان، ردا على نفوذ جماعة "حزب الله" المتزايد في السياسة وعلى الدولة اللبنانية ودعمها العسكري للمتمردين الحوثيين في اليمن (الجار الجنوبي للسعودية)، حيث تشارك السعودية في حرب بالوكالة مع إيران، بحسب بلوط.

ومنذ أكثر من 8 سنوات، يعاني اليمن من حرب مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، وقوات جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، والمسيطرة على محافظات بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ سبتمبر2014.

وتابع بلوط أن "الصراع في لبنان هو في الأساس نتيجة لصراع على السلطة بين الجماعات الطائفية المتنافسة على النفوذ السياسي والمزايا الاجتماعية والاقتصادية، وليس نتيجة الصراع الإقليمي فقط".

واستطرد: "ويضاعف من حدة هذا الصراع نظام طائفي لتقاسم السلطة، كان قائما منذ استقلال لبنان عام 1943، وغالبا ما يأتي على حساب دولة قوية، وقد لعبت الطائفية في لبنان باستمرار دورا أساسيا في تشكيل السياسة".

وأضاف أن "إيران والسعودية ليسا الفاعلين الأجانب المهمين الوحيدين في لبنان، حيث تلعب فرنسا والولايات المتحدة بشكل تعاوني دورا أساسيا في السياسة اللبنانية، فلا غنى عن واشنطن في إعادة دمج لبنان في النظام المالي الدولي وسط الانهيار الاقتصادي الوشيك للبلاد".

لكن "في حين أن إيران والسعودية تحتفظان بشكل واضح بمصالحهما في لبنان، يبدو أن اليمن أولوية في الوقت الحالي، بالنظر إلى الصراع بالوكالة في هذا البلد وقربه من السعودية"، وفقا لبلوط.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى