​اليزابيث ومستشفى الجمهورية

>
عام 1954م قامت جلالة الملكة اليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا العظمى بأول زيارة تقوم بها منذ اعتلائها للعرش قبل عامين إلى عدن التي كانت أول مدينة تزورها.. وخلال زيارتها القصيرة الخاطفة وضعت بيديها الكريمتين حجر الأساس لبناء أول وأكبر مستشفى في المنطقة العربية برمتها في خورمكسر، على مساحة كبيرة قاحلة جرداء، وتواكب البناء-كعادة البريطانيين- مع تشجير كامل للمنطقة المحيطة بذلك الصرح الطبي الصحي الكبير.

نقش اسم جلالة الملكة اليزابيث الثانية على حجر الأساس الموجود حتى الآن طبعا في أساس البناء الضخم، وتم تزويده حال اكتمال إنجازه بأحدث الأجهزة والمعدات الطبية - وقتها - وأفضل الكفاءات الطبية في العالم من مختلف الجنسيات.

وشملت خدمات المستشفى عدن والجنوب العربي كله، وحتى بعض الاحتياجات اليمنية المطلوبة.. وكذلك إمارات الخليج العربي المتصالحة-كما كانت تسمى- ولزمن غير قليل كانت خدمات تلك المستشفى تغطي الاحتياجات، وتغني عن سؤال أي لئيم أو السفر للخارج طلبا للعون.


مرت سنوات متلاحقة على خدمات المستشفى وتقليص كفاءته.. وعرضت حكومة المملكة المتحدة مواصلة دعم خدمات المستشفى، ليتمكن من العمل بكامل كفاءته كالعهد به يوم افتتاحه.. شريطة أن يستمر محتفظا باسمه الأصلي يوم بني"مستشفى الملكة اليزابيث الثانية" لكن العرض رفض بحماقة قل نظيرها من قبل الحكومة التي جاءت بها المقادير- وبمساعدة بريطانية خفية- عقب الاستقلال..

ومرت على المستشفى سنين سمنت بداخله خلالها القطط وشاركت المرضى أسرتهم، وتصالحت القطط مع الفئران في ألعاب كالغميضة، والعسكر والحرامية، ونقت فيه الغربان ونعقت البوم حتى قارب على الهلاك.

في مستهل الثمانينيات 1980م وفي فترة حكم الرئيس الاستثنائي علي ناصر محـمد، قام بالاتفاق مع الفرنسيين على تأهيل المستشفى ليقدم خدماته اللازمة مثلما كان.. وقد أعيدت بالفعل أعمال إحياء المستشفى ليلعب دوره السابق كأحسن ما يكون.. وقد كان.

لكن مكر التاريخ كان لنا بالمرصاد.. وأعيد الاعتبار للقطط والفئران والغربان والبوم لتواصل مسيرتها الكبرى.

والآن.. هاهو المستشفى العريق يحتضر.. ويواصل الاحتضار.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى