مبارك للجنوب

> ظل أمل توحد الجنوبيين منذ حرب 1994 في مكون جامع، له رؤيته بفكر جديد ومشروعه الشامل، الذي يعالج كل القضايا الرئيسية والأساسية، للعقود السبعة الماضية، ويشكل مرجعيته وممثليه للتفاوض مع الآخر، لقضيته العادلة إلا أن عوامل ذاتية وموضوعية حالت دون تحقيق ذلك.

الجنوب بعد 2015 غير الجنوب عام 1994 خاصة بعد سيطرة الحوثيين على كل محافظات الشمال تقريبا. وبتضحية الجنوبيين بدعم التحالف لتحرير محافظات الجنوب الست، وإفشال مشروع إيران في اليمن .كما شكل إعلان عدن قيام المجلس الانتقالي الجنوبي 2017 خطوة هامة وضرورية، الذي نجح في قضايا حساسة، لكنها لم ترق لمستوى تطلعات الجنوبيين لأسباب يعلمها الجميع.

مثلت محاولات قيادة المجلس الانتقالي منذ أكثر من عام بتشكيل لجنة حوار، أفضت إلى اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي من 4 إلى 7 مايو 2023 خطوة أخرى مهمة وضرورية، مثلها مثل إعلان عدن، لإعلان المجلس الانتقالي، بل إنها في الطريق السليم لوحدة جنوبية أوسع، ولاشك أيضا أنها ستكون فرصة لتجاوز الإخفاقات، التى رافقتها لست سنوات تقريبا، وفرصة لتقديم نموذج يفرض احترام الداخل قبل الخارج، والفترة القادمة فرصة لإثبات ذلك.

البيان الختامي ووثائق اللقاء التشاوري الوطني الجنوبي، عكس قناعة المجلس والمكونات والشخصيات الجنوبية المشاركة فيه، الممثل لقاعدة شعبية كبيرة، تحلم باستعادة دولة الجنوب وبناء دولة فيدرالية مدنية جنوبية، ووفقا للقاعدة الديمقراطية سيساهم تحول هذا الإطار الائتلافي إلى حزب سياسي جنوبي للمرحله القادمة، له رؤيته ومشروعه. ويمثل هذا إسهاما من المجلس الانتقالي للتهيئة للمرحلة القادمة القريبة قبل التسوية السياسية كمقدمة لحوار جنوبي أوسع، ليكون للجنوب ممثل واحد سيعكس تطلعات مواطنيه.

تشكل اتجاه استعادة الدولة باللقاء التشاوري الوطني الجنوبي، يفرض على الجنوبيين في إطار مخرجات صنعاء، عقد لقاء تشاوري خاص بهم، طالما لديهم رؤيتهم ومشروعهم الخاص. وبالمقابل هناك جنوبيون ومكونات وشخصيات لا مع هؤلاء ولا هؤلاء، ولهم رؤيتهم ومشروعهم الوسطي. والأهم من هذا هو تجميع الجنوبيين على أساس مشاريع تهم المواطنيين، وليس من أجل السلطة ونهب الثروة كما جرت العاده. هنا سيكون للجنوب ثلاثة أحزاب رئيسية تتنافس بمشاريع تخدم الناس لهدف وطني. إذن نحن بانتظار التعجيل للجنوبيين خارج الانتقالي وحلفائه، لعقد لقاءين تشاوريين ليخرجا بمشروعين آخرين، إضافة إلى مشروع الانتقالي وحلفائه. ومن خلال المشاريع الثلاثة يمكن الدعوة لعقد مؤتمر جنوبي جامع، يناقش المشاريع الثلاثة، ويخرج بمشروع متفق عليه وكذا تشكيل مرحعية فكرية جنوبية ولجنة تفاوض مع الآخر على عدالة قضيتها ووحدة قرارها الوطني. وكذلك لجنة صياغة مسودة مشروع دستور جنوبي يُستفتى عليه مواطنو الجنوب.

الجنوب لكل مواطنيه بغض النظر عن اتجاهاتهم. والبداية انطلقت بوحدة مكونات استعادة الدولة، وتعتبر دافعا للآخرين، وهذا يمثل تغييرا في الفكر الجنوبي لقبول الآخر واحترام إرادة الجنوبيين عبر استفتائهم بتقرير مصيرهم. ويبشر بإنهاء حقبة الفكر الإقصائي الذي دمر الجميع.

مبارك للمجلس الانتقالي خطوته وتشكيله إطارا ائتلافيا، يمكن تحوله لأول حزب سياسي رئيسي. ودعوة الآخرين الاقتداء بالمجلس وإعلان الحزبين الرئيسين الآخرين لهذه المرحلة الحساسة، للتنافس على مشاريعهم التى يختارها المواطنون، وفقا لمصالحهم ومصلحة أجيالهم القادمة بل ومناطقهم.

هناك مبادرات عديدة لوحدة جامعة للجنوبيين، وكان لنا الشرف بمساهمتنا المتواضعة عام 2021 بمقالة في صحيفة الأيام بعنوان مبادرة سياسية يمكن الرجوع إليها بالرابط ...

دروس الماضي تكفي ومعاناتنا المتعاقبة لعقود فوق طاقتنا وما سنورثه لأجيالنا القادمة أسوء، ما لم نصحُ ونستعجل الخطوات المشار إليها أعلاه، ليتم عقد مؤتمر جنوبي جامع، ويخرج برؤية مشتركة مرجعية فكرية جنوبية، ولجنتين إحداهما للتفاوض مع الآخر، والأخرى لصياغة مسودة مشروع دستور جنوبي للمرحلة القادمة يُستفتى عليه شعب الجنوب.

نكرر مبارك للانتقالي والدعوة للبقية، بالإسراع في استيعاب ضرورات المرحلة لمصلحة شعب الجنوب قبل أي تسوية سياسية قادمة، لن تكون إلا مزيدا من الظلم والمعاناة لأجيال قادمة.

* نائب وزير الخارجية السابق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى