أنا الأرض وكلهم عابرون

> أنا الزمان والمكان وأقدم العصور حيث العطور والزهور.

أنا المدن والأسواق العتيقة وطواحين الملح وقلاع التاريخ وأسواق البز والحلوى الصوري.

أنا البحار الدافئة ومياه البرية جاءت إلي الطيور والبجع والبط وحمامات السلام، عبر المحيطات والجبال وعلى أجنحتهن عناوين الإنسان والحب والمشاعر وجبر الخواطر ومواثيق وعهود الإنسان.

أنا عاصمة الإنسان التي جاءها يوما العابرون وأسسو فيها البنك والمدرسة والمشفى والمصافي وخزانات المياه.

أنا المتحف الكبير لكل مناهج الفكر الاشتراكي والرأسمالي والقومي والثوري والقبلي والربيعي والعسكري والقبلي والديمقراطي والعربي والبعثي والإسلامي.

كل عناوين الكتب والسلطة من هنا مرت.

أنا قلعة الأفراح والأعياد.

وأنا ديار الحزن وشلالات الدموع.

أنا من خرجت يوما بثوبي الوردي الساحر وعلى عنقي حبات الفل والياسمين ومن حولي الأهل والأحباب ننشد أغنيات العيد.

وأنا أيضا من خرجت للأرصفة بثوب أسود ممزق، تفوح منه رائحة الغربة والشتات كمتسولة تبحث عن عابر سبيل يرشدني من أنا وأين أنا؟

أنا من اهدوني بحارا من النفط وبروج الإعمار ومنصات الطاقة، والرخاء وعواصف الأمل، ووضعوها في مفخخ ليطيحوا بي ويمزقوني أشلاء متناثرة، وأهدروا دمي بالطرقات.

وأنا الذي أهديتهم بساتين المحبة والصدق والسلام، واحتضنتهم في أيام حالكات بائسات جائعات، وقاسمتهم شراييني ودمي، وكنت لهم الدار والوطن والمأوى.

سبعة عقود..

سنين وأيام..

وأنا لهم ومعهم أرض الله في الأرض وقلبا سليما يخفق بعظمة الإنسان لا يعشق مؤامرة ولا كراهية.

صباح العيد أنا من اغتسلت طفلة بالبراءة وصفاء الروح، وهرولت للشوارع أتنطط وأقفز في كل زاوية وركن ومقهى ودار.

فرأيت الأمم تحتشد في ساحة العيد يهللون ويصفقون ويرقصون ..

أنا دهرا من عرفت الهواء والهوية وأهل البيت والمكان..

لكنني هذه المرة وقفت مرتبكة، وقلبي يوخزني وجعا من هول الضبابية، فرأيت العاشقين والمحبين والعابرين والثائرين والجمهوريين والحاقدين والصادقين والكاذبين والطامعين جميعهم يرفعون لي أغنيات الوفاء والسلام ..

فأطلقت العنان لبصري فوجدت الظلام والأحزان، وأرض خاربة كالأطلال، فلم أفهم من هؤلاء، من أنا وأين أنا، ثم عدت واختبأت فوق سفوح الجبال، لعل الله يأتيني بفجر جديد بلا ضبابية يعرفني وأعرفه...

وكل يدور على البقاء مؤملا..

وعلى الفناء تديره الأيام

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى