يمنيون دخلوا ألمانيا بعد رحلة قاسية عانوا خلالها السرقة والضرب

> محمد الخطيب

> في رحلة البحث عن حلم الهجرة أو وطن بديل يجد الشباب اليمنيون أنفسهم، وقد دفعتهم الظروف المعيشية بعد سنوات من البطالة وأخطار العيش في ظل الصراع الدائر بالبلاد، إلى خوض رحلات مميتة عبر البحار أو المعابر الحدودية البرية التي تقابلها إجراءات أمنية مشددة للحد من محاولات الهجرة غير الشرعية.

على غير العادة، وفي الوقت الذي تعثرت فيه أحلام العشرات من الشباب اليمني، هناك قصص كفاح نجح أصحابها في تحقيق حلم الهجرة بعد رحلة عناء طويلة كادت تكلفهم حياتهم على أمل الحصول على حق اللجوء والعيش بسلام.

أحد الشباب اليمنيين المهاجرين الذين وصلوا بعد معاناة إلى ألمانيا، تحدث إلى "اندبندنت عربية" عن حصوله على "تسهيلات من الحكومة الألمانية تتضمن حق الدراسة والسكن والتنقل وإمكانية الحصول على فرص للعمل"، بعد رحلة خطرة مليئة بالأحداث أثناء محاولاته لعبور المثلث الحدودي البري (الروسي – البيلاروسي - البولندي).


بين تعز وألمانيا

استقر عبدالله العثماني في ألمانيا بعد مغادرته مدينة تعز نوفمبر عام 2021، واليوم يقول "إن ظروفا كثيرة من بينها الحرب أجبرته على مغادرة وطنه بحثا عن مكان أفضل للعيش".

وأضاف العثماني (28 سنة) "كان الهم الأول والأخير هو الخروج من اليمن، لقد أصبح العيش فيه موتا، لم يعد هناك أمل لتحقيق الأحلام والحياة الكريمة، لقد أحدثت الحرب تحولات اجتماعية سلبية على صعيد العلاقات الإنسانية وأصبح قانون الغاب هو السائد والمتحكم في المشهد".

ويتذكر بقوله "وصلت إلى حالة نفسية هيستيرية حتى النوم لا أستطيع إلا بعد تناول أقراص مهدئة، خذلني الأصدقاء كثيرا، لقد شعرت بمرارة الانكسار والهزيمة، حينئذ قررت الهجرة من اليمن إلى أوروبا، على أمل إنقاذ نفسي وتدارك ما تبقى من عمري وبداية حياة جديدة".

رحلة العذاب

غادر الشاب العثماني وهو أب لطفلين محمد وعبدالرحمن اليمن في رحلة لا يزال يتذكر مرارتها، و"لم يخطر في بالي يوما من الأيام أني سأودع قريتي الجميلة في ريف تعز، كانت الوجهة الأولى هي القاهرة، ومن العاصمة المصرية قدمت طلبا للسفر إلى روسيا وبعد خمسة أشهر جاءت الموافقة، وبرفقة بعض الأصدقاء غادرنا إلى مطار سوتشي الدولي الروسي".

ويتذكر قائلا "كان الخوف والقلق يعترينا فعديد من الزائرين اشتبهت شرطة المطار فيهم، ليتضح بعد التحقيق أنهم قدموا من أجل الهجرة إلى أوروبا، وأعادتهم إلى الدول التي قدموا منها"، بعد ضمان الوصول إلى الأراضي الروسية انتقل العثماني إلى موسكو ومنها إلى العاصمة البيلاروسية مينسك.

برفقة أصدقائه وبعض المهاجرين اتفق العثماني مع أحد المهربين لأخذهم صوب الحدود البيلاروسية - البولندية لضمان الوصول إلى الحدود الألمانية، وفي الغابات الحدودية يقول "اعترضتنا عصابة مسلحة، وتحت تهديد السلاح أخذت كل شيء كان بحوزتنا من مال وهواتف وجوازات، وتركت لنا هاتفا واحدا كي نعرف طريق العودة إلى مينسك".

وأضاف "لم أستسلم وعدت مرة ثانية برفقة مجموعة من المهاجرين الصوماليين، وأثناء وصولنا إلى السياج البيلاروسي طاردنا الجنود البيلاروس، وتشتتنا جميعا إلى أماكن مختلفة، وتهت تلك الليلة في الغابة وكنت أسمع أصوات الحيوانات، وكان الخوف من كل جانب، لم أتوقع أنني سأنجو".

ومع بزوغ ضوء الفجر ذهبت إلى السياج البيلاروسي وسلمت نفسي، ورجوت الجنود المكلفين بالحراسة أن أعود إلى العاصمة مينسك، كان الإنترنت مقطوعة في الغابة، ولم نستطع التواصل مع أحد، ذهب بي الجنود إلى مكان فيه تغطية كي أستطيع التواصل مع أهلي بناءً على طلبي، وتواصلت بعدها مع أحد المهربين وعدت إلى مينسك".

في المحاولة الثالثة، يقول العثماني "ضربنا حرس الحدود البيلاروسي ضربا مبرحا وهددونا بالسجن لمدة عام إن عدنا، قبل أن ينفونا إلى الحدود البولندية، وفي الغابة مشينا على الأقدام مسيرة يومين، وبعدها تواصلنا مع أحد المهربين، وبعد مطاردة الشرطة للسيارة التي كنا فيها، استطعنا الوصول إلى الحدود الألمانية، وهناك سلمنا أنفسنا للشرطة الألمانية وطلبنا حق اللجوء".

بعد اللجوء

يعيش عبدالله العثماني اليوم في مدينة إردينغ الألمانية، ويتمنى أن ينجح في لم شمل عائلته، لكنه يتحدث بلغة تفاؤل وإعجاب قائلا "ألمانيا جميلة جدا بشعبها ونظامها وحدائقها ومبانيها وشوارعها النظيفة، والعيش فيها يجعلك تشعر بالأمن والأمان وضمان المستقبل، وفرص الدراسة والعمل كثيرة".

أضاف "أصدقائي الألمان طيبون ونظاميون يقابلونك بابتسامة عريضة، يحبون مساعدة الآخرين ولا يميزون بين مهاجر أسود أو أبيض، أتذكر أنني تهت في شوارع ألمانيا مرات عدة، وكنت لا أستطيع تحدث اللغة الألمانية، فكانوا لا يتركونني وحيدا حتى تمكنت من العودة إلى المكان الذي أعيش فيه".

قانون الهجرة الجديد

تشير الإحصاءات الحكومية الألمانية الجديدة إلى أنها استقبلت نحو 15.3 مليون مهاجر، وولد ما يقرب من أربعة ملايين آخرين لأبوين مهاجرين، وبسبب حاجة برلين إلى اليد العاملة الجيدة وضعت الحكومة الألمانية قوانين لتسهيل تشغيل اللاجئين.

ويشمل القانون مسارات تضمن توفير مزيد من المرونة من ضمنها تمكين أي مهاجر حاصل على شهادة علمية معترف بها في ألمانيا من العمل على أراضيها، إضافة إلى تسهيل الهجرة لأصحاب الخبرة والمؤهلات في وطنهم الأصلي. وأخيراً استحداث "نظام الفرص" الذي يركز على الأشخاص الذين ليس لديهم عقد عمل في ألمانيا ويطمحون إلى الانتقال إليها.

"اندبندنت عربية"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى