عمال النظافة "المهمشين" في اليمن.. تضحية لإسعاد الآخرين

> عبدالكريم عامر

> بينما استقبل جميع المواطنين عيد الأضحى، للاحتفاء بطقوسه المختلفة مع أسرهم وأطفالهم، هناك من لم يجد العيد طريقًا إليهم كالمهمشين، خصوصًا العاملين في مجال النظافة في مختلف المدن اليمنية.

إذ تضحي هذه الفئة العمّالية بالعيد وطقوسه وفرحته، وتحمل كثيرًا من الأعباء والمهام الإضافية في مجال عملهم الشاق، من خلال قيامهم بحملات واسعة لرفع وإزالة المخلفات، من شوارع وأحياء وأسواق المدن اليمنية.

إضافة إلى دورهم الكبير في نظافة الحدائق والمتنزهات، التي يتم تحسين مظهرها من أجل قضاء الأُسَر أوقاتها العيدية في أجواء فرائحية مناسِبة، حيث تأتي جهودهم المبذولة في إطار الحماية الصحية والحد من انتشار الفيروسات والأوبئة والأمراض المختلفة.

عامل النظافة الثلاثيني (سالم الزبيدي)، يقول: "نحن عمال النظافة ليس لدينا إجازة، عيدنا شغل بين الحارات والشوارع؛ لأنّ المخلفات تكون كثيرة في العيد، لو نتركها تتراكم أمام البيوت، ستتجمع حولها فيروسات وحشرات ضارة وخطيرة على الأجواء وصحة الناس".

وينفذ العمال حملات نظافة شاملة لرفع المخلفات من الأسواق التجارية، تبدأ في وقت متأخر من ليلة العيد، باستخدام عدد من المعدات الآلية الخاصة بهذا المجال، لتستمر طوال أيام العيد، والمداومة على ذلك بشكل يومي.

التضحية لأجل الآخرين

تتعدد مظاهر التضحية لدى عمال النظافة من أجل سعادة الآخرين، التي تتجلى في صورة الحرمان من مشاركة أهاليهم وأسرهم طقوس العيد، كذلك مواجهة المخاطر الصحية من جمع المخلفات وأكياس القمامة، وعدم حصولهم على الأجور المجزية لقاء الجهود المضاعفة التي يقومون بها، خصوصًا في الإجازات والمناسبات.

يعمل حسن العزب، وأسرته المكونة من ستة أفراد ذكورًا وإناثًا، ضمن الفرق الميدانية في مجال نظافة أحياء صنعاء، الذي أكّد بقوله: "لا نعرف إجازة ولا عيد، كل أيامنا نشتغل في الشارع، نرفع منها القمامة من الصباح إلى الليل، هذا العمل مصدر دخل لي ولأسرتي. هناك ناس يقدّرون عملنا مدركين أنه لأجل حياتهم، نحصل منهم على مساعدات، رواتبنا قليلة ما تكفينا نعيش بها، نحن في خدمة المواطن".

تتكاتف الكثير من فرق النظافة ميدانيًّا، لأداء مختلف المهام الموزعة فيما بينهم، حيث تتكون من عمال رفع المخلفات والسائقين والمشرفين، ينتشرون في كافة الأحياء والشوارع، لإزالة القمامة ومنع تكدسها، كي يعيش الأهالي في بيئة صحية نظيفة، خالية من الفيروسات والأمراض والأوبئة.

يقول السائق الأربعيني، عبدالله كعانة: "في الأعياد تزداد تحركاتنا كعمال نظافة، نشتغل حوالي 16 ساعة يوميًّا؛ لأن المخلفات تكون كثيرة، ويلزم رفعها باستمرار حتى لا تتكدس وتسبب أمراضًا للناس".

فترة تكدس المخلفات

تعد أيام العيد الفترة الوحيدة على مدار السنة، التي يزداد فيها المستوى الاستهلاكي لدى المواطنين، من سلع غذائية وغيرها من احتياجات بصورة شاملة، ممّا يؤدّي إلى تكدس المخلفات في الأسواق والأماكن التجارية، كما تتراكم النفايات المتفرقة أمام المنازل بشكلٍ لافت.

في السياق، يشدد الباحث المختص في مجال البيئة، عبدالواحد الأرياني، في حديثه، على ضرورة وضع المخلفات داخل أكياس بلاستيكية محكمة الإغلاق، وعدم رميها إلى أرصفة الشوارع، لأنّها تسبب أثارًا بيئية خطيرة، وتشوه المنظر الجمالي للمدينة.

جمال الأماكن لا مظهرهم

تبدو اهتمامات العمال المشاركين في تنفيذ حملة النظافة أيام العيد، تجميل الأماكن المستهدفة وتحسين شكلها، لا العناية بمظهرهم وارتداء ملابس جديدة للمناسبة، إذ يفضلون بقاء المظهر العام للعاصمة جميلًا، على نظافة ملابسهم الشخصية.

المهندس نبيل الخولاني، موظف في الأشغال العامة، يقول، إن عامل النظافة يضحي براحته وصحته، من أجل الآخرين وجمال مظهر الشوارع والأحياء، مؤكدًا أنهم أكثر شريحة عاملة يحرمون أنفسهم وأسرهم من فرحة العيد؛ لذا يجب أن يدرك المجتمع قيمة خدمتهم.

وهكذا يؤدي عمال النظافة دورهم وعملهم بصورة حضارية ومشرفة، خصوصًا أثناء فترة إجازة العيد التي تمثّل لهم، مزيدًا من ضغط العمل والإجهاد، لكيلا يشعر الناس والأطفال والعوائل بأي منغصات تعكر بهجتهم وطقوسهم وفرحتهم بالعيد.

"خيوط".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى