لكمة في ظهر الانتقالي

> مع إن جميع الشواهد والقرائن إلى الآن تدل بأنه لا ولن ينصاع الانتقالي لوجهة نظر السعودية ولن يسمح لأي طرف دولي استهباله واستنقاص القضية الجنوبية، وكما هذا هو المؤكد والبين لكن ما مدى قدرته على المناورة في ظل معاناة يعانيها الناس فاقت صبر الجبال؟ فثمان سنوات يصفها بعض المعاصرين بأنّها تجاوزت في مآسيها بكثير عما ارتكبته بريطانيا خلال 129 عاما من الاحتلال.

يقينًا منّا بقرب تحقيق الهدف كابرنا فلم نقبل بنصيحة أحد، وكل من حاول نُصحنا من يومها اعتبرناه فاقدًا للأهلية، رويدًا رويدًا بدأنا نكتشف بأن حساباتنا كانت خاطئة والوضع من حولنا غدا لا يسر الناظرين، لكن ومع هذا كلّه ما باليد حيلة فكأنّما صِرنا حجرًا أصما فاقدًا للحركة نثور من الداخل ولا نستطيع دفع الضرر عنَا بشيء سوى الدعاء والتضرّع إلى الله عزّ وجل أن يهدينا سبيل الرشاد ويلهمنا الصبر والجَلَد.

وقد بلغت الفضيحة حد تلويث الهواء وتسميم البشر والطير والحيوان بما جعلنا نشعر ونحس بمرارة الهزيمة وهول المصيبة التي أصابتنا، لنعود نحنّ للماضي نقلب صفحاته، ننبش فيه وفي أحوال أهله، فلعل ما نسترجعه من ذكرياته الحلوة تهدئ بنا حزنًا وتؤنس لنا وحشة... مقاطع فيديو لا تحصى ولا تعد صار يتداولها ناشطون وإعلاميون على النت؛ إذ تستحضر حقبة مليئة بالخير والمسرات عاشها جيل ما قبل وحدة 90م.

صحف ومواقع إخبارية، كتاب قديرون ومن بعد الملاينة والمداهنة زمنا غدوا ينحون بأقلامهم في نحر السعودية يتوعدونها بالثأر آجلًا أم عاجلًا؛ بل وهناك من ذهب يدعو لحرب صريحة مع الشمال وكأنه لا يوجد حرب من أصلها، متناسين أن نحن من أصبحنا بعد طرد الحوثيين نمسك بزمام المبادرة وفي لحظة غامرة بالنصر كفّنا الضمير وحنّطنا المسؤولية فتحوّلنا بعد لطف جبابرة نصرع بالوكالة أنفسنا بأنفسنا.

خابت أمانينا ونزعت ثقتنا، ما لم نتوقعه يوم انجرارنا لمقاومة الحوثيين بقوة، بأنه سيرسم بهم طريق جدًا طريف وسيجازى طرف ساند ووقف موقف شهامة العربي الأصيل مجازاة لا تبعث على السرور.

وماذا بعد بيد الانتقالي من أوراق سيلعبها ويصمد بها إزاء كل ما يجري من تحديات؟ أهي قوة عسكرية ضاربة؟ اعتقد ليس هذا فمن الطبيعي أن مُنشأها فاهم بها جيدا وبالتأكيد عامل حسابه لأي طارئ.

حاضنة شعبية برقم محترم في هذه لا جزم؛ إذ هي تقع في دائرة الشك، فالإعلام لعب لعبته، وثمان سنوات من الاصطفاف بوجه الحوثيين استغل فيها هفوات كثيرة، فمسخ فيها أخلاقيات وقلّد فيها شخصيات عديدة تؤمن بقضيتها محسوبة على الانتقالي دروع الفساد وكل أنواع الموبقات.

إذن بين هذا وذاك يبقى التفويض الممنوح من قبل الشعب نهار 4 مايو 2017م هو الورقة الرابحة التي لم تهزّها قوة إلى الآن ومازالت تمنحه ديناميكية الحركة داخليًا وخارجيًا، والدليل على ذلك إن يكن هذا هو بالفعل مصدر ثباته فما بال السفير أل جابر من بعد تجريب عدد من الطرق والوسائل وثبوت تعثّرها دأب على إنشاء وتفريخ هويات زائفةً؟ أليس هذا إلا محاولة من المحاولات وخطة من الخطط تهدف لإرغام الجنوبيين على المثول والانصياع لوجهة نظر الآخرين؟.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى