تفاصيل مخطط إخواني لإضعاف الجنوب بصراعات مناطقية وقبلية

> حامد فتحي:

>
  • حزب الإصلاح يوظف الرئاسة في مواجهة الجنوبيين
> يشترك الإخوان المسلمون مع جماعة الحوثي في كثير من المبادئ والأفكار، ضمن أيديولوجيا الإسلام السياسي. يعمل كلاهما على السيطرة على السلطة والانفراد بها، حتى وإن تحدثا عن الشراكة والمدنية والديمقراطية. وتنفرد اليمن بوجود هاتين الجماعتين كقوتين فاعلتين في المشهد، ما يزيد من تعقيد الأزمة على المستويات كافة، سواء على المستوى العام ومستوى المناطق المحررة.

وفي سبيل تحقيق هدف امتلاك السلطة، يوظف الحوثيون والإخوان النزعات القبلية؛ الأول يستخدم عامل الهاشمية والتمايز القبلي باسم الدين، والثاني يوظف عامل القبيلة في المحافظات الجنوبية لمواجهة خصمه اللدود المجلس الانتقالي الجنوبي.

بلا شك هناك ملاحظات عديدة على المجلس الانتقالي الجنوبي، لكن هذا الجسم السياسي يحظى بإجماع كبير من أبناء الجنوب، الذين كانت لهم دولة مستقلة حتى حرب عام 1994 التي فرضت عليهم وحدة لم يقبلوا بها يوما.
  • الإخوان والجنوب
مسيرة طويلة من الصدام بين الجنوبيين والإخوان المسلمين الممثلين في ذراعهم السياسية حزب التجمع اليمني للإصلاح منذ العام 2017، حين تأسس المجلس الانتقالي الجنوبي الكيان المعبر عن الجنوبيين والقضية الجنوبية.

كان الإخوان بعد طردهم من صنعاء على يد الحوثيين وخسارة مراكزهم في المحافظات اليمنية الشمالية، يخططون لاتخاذ المحافظات الجنوبية قاعدةً لهم، لكنهم اصطدموا بالموقف الجنوبي الشعبي الرافض لوجودهم.

ويعتبر الإخوان شركاء حزب المؤتمر الشعبي العام في السلطة منذ العام 1991، وشركاء في الوضع الذي وصلت إليه البلاد اليوم من سيطرة جماعة الحوثي على السلطة في معظم جغرافيا اليمن الشمالي، وتحويل البلاد إلى أسوأ كارثة إنسانية في القرن الحادي والعشرين.

يقول رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء في حضرموت، سعيد بكران، إنّ هناك تجربة بين الإخوان والجنوبيين في اليمن، في شراكة العام 1990 التي انتهت إلى حرب وخيانة واستباحة لكل المعايير والشراكة، وانتهت بالاستئثار بالحكم والعبث بالنسيج الاجتماعي في الجنوب وإعادة إحياء القوانين التي تشجع على الرجعية، وإلغاء القوانين التي كانت مكتسبات لشعب الجنوب.

وأضاف لـ"حفريات" بأن الإخوان عملوا على تحويل المجتمع المتمدن في الجنوب إلى بيئات قبلية، وتحويل المدن إلى مراكز للتطرف والإرهاب. وذكر بأنّه في العام 2011 كشف الإخوان عن حقيقة نواياهم تجاه الجنوب حين سلموا مدينة المكلا عاصمة حضرموت إلى تنظيم القاعدة بشكل مسرحي.

ومن خلال النفوذ الكبير للإخوان المسلمين في مؤسسة الرئاسة حتى إنشاء مجلس القيادة في أبريل 2022، جرى توظيف الشرعية في مواجهة الجنوبيين، وممثلهم الأبرز المجلس الانتقالي الجنوبي، ووقعت صدامات عسكرية مسلحة بين الطرفين في شبوة وأبين ومن قبل العاصمة عدن حتى توقيع اتفاق الرياض لعام 2019.

وخلال أكثر من 8 أعوام على الانقلاب الحوثي أخفق الإخوان المسلمون بصفتهم القيادة الأبرز في الشرعية والجهة المهيمنة على القوات العسكرية في تحرير المحافظات الشمالية من الحوثيين، وفقدوا أراضي جديدة لصالحهم، كان آخرها مديريات في شمال شبوة سُلمت إلى الحوثيين دون قتال في عهد المحافظ الإخواني محمد صالح بن عديو. بينما كانت الإنجازات العسكرية التي تحققت من نصيب القوات العسكرية التي لا تخضع للإخوان المسلمين، مثل تحقيق المقاومة الشعبية الجنوبية ثم تشكيلات القوات المسلحة الجنوبية انتصارات كبيرة في شبوة، ونجاحها في الصمود وصد العدوان الحوثي على الضالع، وكذلك نجاح القوات المشتركة في الساحل الغربي بقيادة طارق صالح.
  • فقدان النفوذ
ومع خسارة الإخوان المسلمين لنفوذهم في معظم محافظات الجنوب، نشطوا في محافظة حضرموت التي تعتبر انطلاقة القضية الجنوبية. ومنذ فقدان الإخوان لجزء كبير من نفوذهم السياسي مع تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، سعوا إلى الحفاظ على مناطق وجودهم في المحافظات الشرقية في الجنوب، وهي محافظتي حضرموت والمهرة.

ومنذ عام يشتد الحراك الإخواني في حضرموت، تحت راية العديد من المشاريع السياسية التي ترمي إلى فصل حضرموت عن الجنوب. وفي سبيل ذلك يستغل الإخوان وتر القبلية في المحافظة والوجود العسكري الداعم، المتمثل في المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، يقول نائب رئيس لجنة الدراسات والبحوث والتدريب بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، عمر باجردانة، بأنّ التأييد الشعبي في حضرموت للقضية الجنوبية ليس بجديد، حيث حضرموت هي منطلق الحركة الشعبية الجنوبية، التي شهدت سقوط أول شهيدين في مسيرة الحراك الجنوبي، ومنها انطلق الزخم الشعبي الثوري للقضية الجنوبية. وتابع لـ"حفريات" بأنّ هذا الزخم والتأييد نابع من مسيرة وتراكمات نضالية وبطولات وملاحم سطرها شعب حضرموت منذ العام 1994، الذي شهد احتلال الجنوب.

وشهدت حضرموت في ذكرى يوم الأرض في 7 يوليو حراكا شعبيا تأييدا للمجلس الانتقالي الجنوبي والقضية الجنوبية، وتصديا لمخططات الإخوان الرامية إلى فصل المحافظة عن الجنوب، عبر العديد من المخططات، والتي كان منها إنشاء مجلس حضرموت الوطني في 20 يونيو الماضي.

ولمواجهة مخططات الإخوان في حضرموت، اختار المجلس الانتقالي الجنوبي مدينة المكلا عاصمة المحافظة كمقر لانعقاد الجمعية الوطنية بعد عقد اللقاء التشاوري الجنوبي في عدن. يقول باجردانة، بأنّ التطورات التي حققها الانتقالي من خلال عقد الجمعية الوطنية في المكلا، بحضور كافة قيادات الانتقالي، والترحيب الدولي والإقليمي بخطوات الانتقالي، ومنها مشاركة رئيس المجلس في فعالية سياسية في بريطانيا، إلى جانب الإنجازات العسكرية للانتقالي، كلها عوامل ضاغطة على الإخوان المسلمين وتسرع من أفولهم. وأفاد بأنّه لهذا يقفزون إلى مربع حضرموت ويحاولون اللعب من خلاله عبر خلط الأوراق والإبقاء على أنفسهم أطول فترة ممكنة.
  • طريق مسدود مع الإخوان
وحول أهداف الإصلاح من الجنوب، يقول نائب رئيس لجنة الدراسات والبحوث والتدريب بالجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، عمر باجردانة، بأنّها عديدة، ومنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأضاف من خلال اللعب بورقة حضرموت يسعون إلى بترها عن مشروع دولة الجنوب، وقطع الطريق على الانتقالي في كامل المحافظات الشرقية التي تضم حضرموت والمهرة.

في سبيل تحقيق ذلك، أوضح باجردانة، أنّ الإخوان يثيرون القبائل ويفرخون مكونات في الساحل والوادي موالية لهم، من أجل العودة من الباب الخلفي لتعويض خسارتهم المدوية في صنعاء.

ويُطرح سؤال حول علاقة الإخوان المسلمين من الجنوبيين بالقضية الجنوبية، في ظل واقع يمني جديد يتشكل، تعتبر القضية الجنوبية أحد الأعمدة الأساسية فيه. وإجابةً عن ذلك، يقول رئيس مؤسسة دار المعارف للبحوث والإحصاء في حضرموت، سعيد بكران، بأنّ الحوار يمكن أن يجتذب عدد من الجهات التي يستخدمها الإخوان المسلمون من القبليين وغيرهم، ممن لا يتبعون الجماعة فكرياً لكن تربطهم بها علاقات ومصالح.

ولفت إلى أنّ الحوار مع الإخوان سينتهي إلى طريق مسدود، ولا يمكن أن يصل الى أي نتيجة، سواء حول مستقبل حضرموت أو مستقبل الجنوب أو الشمال أو مأرب أو أي قضية؛ لأن تنظيم الإخوان يرى أنّ مسألة الشراكة مع أي طرف آخر في السلطة والثروة مرفوضة من حيث المبدأ، وحتى لو قبل بمبدأ الشراكة تحت ضغوط معينة سيقبل بها شكلياً كالعادة، ويتأمر حتى ينتهي الأمر إلى هزيمة الشريك وتهميشه.

بدوره يؤكد عمر باجردانة، على أنّ الإصلاحيين الجنوبيين هم مواطنون، لا يُنكر أحدٌ عليهم ذلك، ولهم كافة الحقوق، ولكن طالما بقي ولائهم لتنظيم الإخوان لا يمكن أنّ يكون لهم دور في استعادة الدولة الجنوبية أو تولي وظائف فيها، كون انتمائهم في حد ذاته مضاد للهدف الجنوبي العام.

* صحفي مصري
"حفريات"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى