الفكر الجديد .. قبول الآخر واحترام حقوق الكل

> لإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر، نقطة انطلاق لمن أراد الإسهام في تحقيق أبسط مقومات العدالة للجميع، ثم الاستفادة من التجارب الإنسانية بشقيها المدمر، كما هو حالنا لتجنبها أو تلك التي نهضت بشعوبها للمكانة المميزة، وليست المثالية التي نحلم بها.

الصراع الحالي بين قطبي القوة، لاسيما (أمريكا والصين) يحتمل حله بتفاهمها للتعايش بدلا عن دمارهما معا، إذا تطور الصراع إلى حرب شاملة، ناهيك عما سيلحق بحلفائهما، بل ولكل دول العالم المترابطة مصالحها. كذلك الحال لصراع الدول الإقليمية في منطقتنا (الشرق الأوسط) التي يتضح أنها استوعبت جانبًا من الحقائق التي أهملتها لعقود، وهي صعوبة إلغاء الآخر، وما نراه من ترميم العلاقة بين دولها، إنما يمثل مقدمة لمنهج جديد سينعكس على تعاونها، بدلا عن الصراع لصالح شعوب المنطقة التي عانت الويلات جراء السياسات المتبعة منذ القرن الماضي.

اليمن الأسوأ وضعا في المنطقة، لن يتعافى بأية تسوية سياسية مستوردة إقليميا أو دوليا، بل ستكون بداية لحروب داخلية تمتد لعقود، طالما أنها محصورة في حدودها، غير مؤثرة على جيرانها التي ضمنت مصالحها، ناهيك عن حماية الممرات الدولية، من قبل الدول التي تحمي التجارة العالمية، ولهذا فالمصلحة اليمنية، لابد أن تكون من مكونات وطنية، لا هم لها إلا مصالح المواطنين وأجيالهم المتعاقبة، وليست المكونات الفاشلة والفاسدة، التي دمرت ماضي وحاضر اليمن، بل وما زالت تمثل حجر عثرة أمام مستقبله.

للأسف الشديد استسلام الغالبية العظمى من المواطنين بشرائحهم المتنوعة للنخب الحاكمة، والممثلة لمراكز القوى العسكرية والقبلية والدينية بمذاهبهم المختلفة، التي لا تمثل أكثر من 1 ٪ من تعداد السكان، وتنهب ثرواته بمسميات عديدة، ثبت كذبها وأصبحت منبوذة بل ومطلوب محاكمتها، على ما اقترفته تجاه أهلها ووطنها .

لهذا استمرار استسلام الغالبية العظمى لهذا الواقع المؤلم، يعنى الموت البطيء ووضع الوطن في الإنعاش، يُغذى بقطرات لبقائه على هذا الحال. ومن أجل إحداث تغيير جوهري يمنحها الحياة كغيرها من الشعوب، لابد من صحوة جادة بفكر مختلف عن الفكر المدمر الموروث.

الفكر الجديد لا يحتاج إلى تكرار للمصطلحات التي استثمرتها النخب الفاشلة، خلال العقود الماضية دون تطبيقها على الواقع، ولذا لابد من صياغة مصطلحات تعكس مصالح المواطنين شمالا وجنوبا، من خلال صياغة مشروع شامل، يقدم حلولًا عادلة لكل القضايا الرئيسية والأساسية، بنظرة مستقبلية.

صياغة المشروع الشامل بالفكر الجديد يتطلب أدواته الوطنية المميزة، التي تنشأ بآلية، تعترف بحقوق تكويناتها الإدارية شمالا وجنوبا، وفي إطار محافظات كل منهما، وكذا التعاون فيما بينها لإرساء الأمن والاستقرار للجميع.

الأدوات الوطنية المميزة لا ينبغي أن تكون مستوردة كما حدث في القرن الماضي، وثبت فشلها ولا التي تشكلت حديثا، ولم تقدم نموذجا واحدا لكونها تحمل نفس الفكر الموروث، ولهذا ساهمنا بأفكار نشرت بصحيفتنا الغراء "الأيام" على شكل مقالات تسهل تحقيق ذلك إذا ما صحت شرائح الغالبية الصامتة من سباتها.

الأدوات الوطنية المنشودة تكون إما في إطار جامع تمثل الثلاثة الاتجاهات (يمين/ وسط/ يسار) أو بشكل مستقل تتنافس على ثلاثة مشاريع لخلق النموذج أولا.

وهنا لابد من وضع أهداف استراتيجية، يتم العمل لتحقيقها ليشكل مثالا حيا للصورة العامة للمنطقة. كما لابد من أهداف متوسطة للتنافس لخلق النموذج، أولا بين الشمال والجنوب أو في إطار أي منهما. وهذا لن يتم إلا إذا تم تحديد الأهداف الحالية والانتقالية، لتأسيس نواة النموذج لبناء عهد جديد.

هذه الأهداف المرحلية يتم صياغتها في إطار خطة عامة وبرامج تنفيذية مزمنة، ويسعى كل طرف لتحقيقها للتنافس لخلق النموذج المنشود لليمن وللمنطقة.

هذا الفكر الجديد سيظل حلما إذا لم تتواصل شرائح المجتمع في إطار المحافظات، لتتشكل نواة أولية تمثل الاتجاهات الثلاثة للمشروع الأولي، في الشمال وفي الجنوب، باعتبارهما مكملين لبعضهما بدلا عن الوضع القائم المبني على تدميرهما معا.

الدعوة نكررها لمن أراد حياة كريمة، أن يسعى لتغيير نفسه إذا أراد تغيير واقعه .

نائب وزير الخارجية السابق*

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى