دعوة للمخلصين لوطنهم

> الحقيقة المؤلمة أن الدول بدون استثناء تسعى بكل الطرق القانونية وغيرها، لتحقيق أهدافها حتى وإن كانت تدعي الإنسانية وتمسكها بالحقوق المقرة بالمواثيق الدولية، ناهيك عن استخدامها لآيات في الكتب السماوية. للأسف الشديد هذه هي شريعة الغاب القوي يفتك بالضعيف. وينطبق ذلك للأسف الشديد على المكونات أيًا كان نشاطها.

والحقيقة الغائبة أن الاستسلام لهذه الدول أو المكونات تعني العبودية بأشكال متعددة، مقابل حياة أشبه لمريض في الإنعاش، خاصة وما نشاهده من نهب للثروات الطبيعية وغيرها، وهجرة الكفاءات أو إهمالها، وكذا معاناة الملايين للحياة اليومية، كل ذلك لكي يتسلط الفاسد الفاشل فقط، لكونه عضوًا في إحدى تلك المكونات أو مدعومًا خارجيا، لتنفيذ مصلحة، حتى وإن كانت لقتل أهله أو دمار وطنه.

وبين الحقيقتين المؤلمة والغائبة، يكمن نور الفرج الذي جربته شعوب لم تقبل الذل لها ولا لأجيالها، ليس بالشتم والألفاظ البذيئة، التي لا تغير من الواقع شيئًا، بل إن ذلك يسيئ لها أمام الشعوب الحرة، ولا بانتظارها معجزة من السماء من خلال الدعاء فقط، بدون عمل ذلك أن زمن المعجزات قد ولى. وإنما لاستيعابها مكامن قوتها المهملة ومعرفة مكامن الضعف لدى عدوها أيًا كان.

قوة أي شعب ليس بكميات الأسلحة ولا بكثافة سكانها، والأمثلة كثيرة ولكن بمدى صواب مشروعها الشامل المعبر عن حلمها، والذي يصيغه المخلصون لوطنهم، ويقره ممثلوه بآلية، تعكس كل تنوعها .ولكي ينجح ويستمر لابد من التفاف قواعد شعبية من شرائحها المختلفة، وتفاعلها لإنجاحه بمساهماتها البناءة، ودفاعها عنه بكل قوتها السلمية، المعبرة عن حضارتها الإنسانية .هنا فقط سيعترف الغازي الخارجي والفاسد الفاشل المحلي أن ميزان العدالة عاد لمصلحة الشعب الواعي لحقوقه.

ورغم قوة وإمكانيات الخارج إلا أنها الأضعف على الأرض، إذا ضعفت أدواتها المحلية، من خلال كشف فسادها المهول، وفشلها الذريع للرأي العام المحلي أولا، ثم للعالم أجمع. وهذا يمثل أحد أهم مكامن ضعفها إذا أحسن الإعداد الجيد. وليس التهريج دون ما يثبت صحة ذلك.

فقوة الشعب لمشروعه وضعف العدو بفضح ممارساته، تبدأ المهمة للمخلصين بصياغة أفكار المشروع الشامل، الذي يضع حلولًا عادلة لكل القضايا الرئيسية والأساسية، التي أهملت وأدت لتعاظم الكوارث إلى ما وصلنا إليه. فهل يتحرك المخلصون ذوو الفكر الإنساني، من خلال تواصلهم المباشر والذي يعد الخطوة الأولى، لتغيير جوهري لعهد جديد أفضل من كل سابقيه.

كل النشاطات المتناثرة إنما هي ردود فعل لن تقدم شيئا، ما لم يكن وفقا لرؤية واضحة، لها خطتها وبرامج عمل لتنفيذها.

الدعوة للمخلصين رجالا ونساء، لهذا الشعب الأبي، أينما كانوا، لكي يسهموا في إعطاء امل لحياة حرة عادلة وكريمة للجميع .

ومناشدة للدول التي لها مصلحة في بلادنا، تغيير النظرة والتعامل وفقا للمصالح المتبادلة، لأننا في زمن تغيرت فيها القواعد وما يحدث في أفريقيا اليوم مؤشر على ذلك.

كذلك دعوة للمكونات التي ساهمت في نهب ودمار الوطن، الأفضل لها التوبة، من خلال دعم التوجه الجديد، وقبول حكم شعبها عليها، أفضل من إصرارها على المضي بنهجها المدمر، لأن الخاتمة ستكون قاسية جدا.

* نائب وزير الخارجية السابق

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى