الإرهاب عنوان للسيطرة وزعزعة الأمن والاستقرار

> كانت الدول الاستعمارية توصم كل حركات التحرر بالإرهاب وهذه وجهة نظر تقابلها وجهة نظر أخرى بأن الكفاح المسلح يعتبر إحدى الوسائل لإرغام الدول الاستعمارية على الرحيل وكان ذلك الكفاح معلن وأهدافه واضحة وتجده محمي بحاضنة شعبية.

تاريخ ظهور الإرهاب الجديد يعود إلى حقبة الحرب الأفغانية السوفييتية وبعد رحيل القوات السوفييتية من أفغانستان ونتج عن ذلك فائض مجاهدين خاصة وقد تم استقطابهم من دول عربية وإسلامية وكان أمامهم خيارات عدة منها العودة إلى ديارهم لمواصلة الجهاد أو أن يتوجهوا حيث يؤمرون من قبل من كان وراء تشكيلهم وإعدادهم وتموينهم وكانت اليمن محطة رئيسية لاستقطاب أفواج المجاهدين في أفغانستان وحسب تصريحات عدد منهم بأنه تم استقطابهم في أجهزة الأمن اليمني وبعض وحدات القوات اليمنية ومنحهم رتب وفق لعدد سنوات الجهاد وكان الهدف الجنوب أما البعض الآخر منهم ذهب إلى دول أخرى.

من سوء حظ الجنوب أن تم توقيع اتفاق الوحدة مع نظام صنعاء في نفس الوقت التي تقوم صنعاء باستقبال مجاهدي أفغانستان وضمهم إلى أجهز الدولة الأمنية والعسكرية لمنحهم الصفة الرسمية وكانت البداية لتعرض بعض قيادات وكوادر الجنوب للتصفية الجسدية والتغلغل بين أوساط المجتمع الجنوبي وبناء حاضنة للإرهاب في مناطق محددة من أرض الجنوب لأغراض معروفة وعند غزو الجنوب في عام 94م كان مجاهدي أفغانستان في مقدمة القوات التي احتلت عدن والجنوب.

وكان لا أحد يستطيع أن يفرق بين الأجهزة الرسمية اليمنية وجماعة الإرهاب لأنهما ينفذان ساسة واحدة ومرجعيتهم واحدة وتم بناء عدد من القواعد الثابتة في عدد من المحافظات الجنوبية تتوافق مع استراتيجية صنعاء العسكرية والأمنية لإحكام السيطرة على الجنوب وفي نفس الوقت سهولة توجيهها نحو تنفيذ مهام عسكرية وأمنية تخدم النظام في صنعاء وشاهدنا تسليم عواصم محافظات للعناصر الإرهابية في لحظات انتقال السلطة على سبيل المثال أبين وحضرموت وخاصة بعد التصعيد السلمي للحراك الجنوبي ومطالبته باستعادة الدولة الجنوبية المختطفة.

لم يستهدف الإرهاب أي محافظة شمالية ولا أي عسكري أو سياسي شمالي ولكن كل نشاطه كان موجه ضد الجنوب وكادر الجنوب وذهب ضحية ذلك آلاف الكوادر الوطنية الجنوبية ومع ذلك كانت الدول الإقليمية والدولية تدعم نظام صنعاء وتموله بالميزانيات للمواجهات الوهمية للإرهاب بل بعض الدول قدمت له دعم لوجستي وتدريب ومعدات في غاية الدقة والخطورة الأمر الذي استخدمه نظام صنعاء لمحاربة أبناء الجنوب ومطاردتهم وزجهم في السجون واتهامهم زورًا بالإرهاب فهو يستلم ميزانيات من الخارج والتدريب والمعدات ويقدمها للإرهابيين من جانب ومن جانب آخر ملاحقة الثوار الجنوبيين السلميين وزجهم بالسجون وكانت سياسة مزدوجة سخرها النظام في صنعاء بهدف إحكام السيطرة على الجنوب ويوهم الدول المانحة أنه يحارب الإرهاب وكادت الدول أن تتماهى أهدافها مع أهداف النظام كونه أعطاهم الصلاحية لضرب أي موقع في الجنوب بالطيران المسير أو إطلاق الصواريخ من السفن إلى أي مكان في الجنوب وهو سيعلن أنه وهو الذي يقوم بذلك بهدف مكافحة الإرهاب حسب زعمه وما مجزرة المعجلة إلا شاهد على ذلك.

الآن وبعد زوال نظام صنعاء وبعد حرب مستمرة حتى اليوم نجد أن القاعدة وأخواتها لا زالت تتحرك في الجنوب وتقوم بأعمال إرهابية وقد كانت تتحرك تحت مظلة ما يسمى بالجيش الوطني ولا زال بعضها يحتمي بمعسكراته ولكن الغير مفهوم كيف ظلت القاعدة تتمركز في مناطق وعرة وجبال لا يصلها أحد وفي مناطق قليلة السكان ومنها تنطلق بعملياتها ضد القوات الجنوبية، السؤال ما هو قوام تلك الخلايا الإرهابية ومن يساعدها على التمركز هنا وهناك ومن يؤمن حركتها ومن يقدم لها الدعم اللوجستي والتسليح والحماية المخابراتية؟ كل هذه الأمور لا تستطيع خلايا القاعدة توفيرها بشكل تلقائي إن لم تكن هناك قوى محلية وإقليمية ودولية ترعى مثل هذه الأعمال الإرهابية الموجهة حصريا ضد القوات الجنوبية وضد الكوادر الجنوبية وهنا يأتي السؤال المهم من له مصلحة في تدمير أو استنزاف القوات الجنوبية والكوادر العسكرية الجنوبية؟ وأخيرا من يضمن بأن العالم والإقليم وهو يدعي بأنه يحارب الإرهاب لم يستخدمها كأداة لتغيير الوضع في الجنوب والسيطرة عليه واستغلال ثرواته واستعباده من جديد؟

من الواضح بأن هناك عمل استخباراتي متعدد الأوجه يعمل من أجل تسيير تلك الجماعات الإرهابية وتوجيهها نحو أهداف محددة.

- الجنوب تحمل عملية محاربة الإرهاب كمهمة رئيسية على الأقل من باب الدفاع عن النفس وإثبات الوجود وتوفير مناخ آمن للمواطنين في مناطق تواجد الإرهاب وفي نفس الوقت تصفية تلك المناطق من بؤر الإرهاب على طريق استعادة الدولة الجنوبية لكن لا نجد حماس كافي لا لدى الشرعية ولا بعض الدول الإقليمية ولا الدول الكبرى في محاربة الإرهاب ولماذا نضع هذه الحقيقة؟ لأننا نعرف بأنهم يعرفون مصادر تموين الإرهاب ويستطيعون تجميد منابعه الأساسية لكنهم لم يفعلوا ويتركون القوات الجنوبية تواجه ذلك الشر بشكل منفرد ومع ذلك استطاعت بل أثبتت القوات الجنوبية رغم شحة الامكانيات والقدرات بأنها قادرة على التصدي للإرهاب وهزيمته.

- من المهم تقديم الدعم كإثبات حسن نية من قبل القوى الإقليمية والدولية للقوات الجنوبية في مجال تدريب قوات خاصة جنوبية مع توفير التسليح الكافي والنوعي لمحاربة الإرهاب بما في ذلك تقديم طائرات مسيرة وأجهزة رصد ومعدات السيطرة وغيرها من الأمور اللوجستية حتى تستطيع هذه القوات من هزيمة الإرهاب بأقل التكاليف وفي مدة زمنية قصيرة وفي نفس الوقت عليهم تقع مسؤولية تجفيف منابع تمويل الإرهاب في الدول المجاورة والعالم.

- أما بالنسبة للقيادة السياسية الجنوبية عليها معالجة قضية الإرهاب ليس فقط من خلال المواجهة الأمنية والعسكرية والعمل الاستخباراتي المسبق وحسب ولكن لا بد من كسب ولاء السكان المحليين الذي تتواجد فيه الجماعات الإرهابية عبر تبني خطة تطوير شاملة لتلك المناطق وحل قضاياهم المعيشية وربطهم بالمساعدات التي تقدمها الدولة ومساعدتهم في حل كافة مشكلاتهم في التوظيف والتعليم والصحة وإعادة بناء الإنسان الجديد ليكون مواطنًا صالحًا يحمي وطنه من أية قوى معادية تجلب الفوضى وتزعزع الأمن والاستقرار وتمنع تطور تلك المناطق.

- وننتهز هذه الفرصة لتقديم خالص العزاء باستشهاد كوكبة من قيادات الحزام الأمني في أبين وعلى رأسهم القائد عبداللطيف السيد ورفاقه سائلين المولى أن يتغمدهم بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى