انتشار العنف والجريمة

> ليس تبريرا للجرائم وليس دفاعا عن المجرمين، ولكن الأمر تطلب تشخيص الداء لوضع الدواء المناسب، ففي الآونة الأخيرة تصاعدت وتيرة العنف، وتعددت الجرائم والأفعال المخالفة للشرع والقانون والأعراف والأخلاق، لتصبح سمة فارقة، ما بين حقبة ما قبل ثورة الربيع وما بعدها، ما بين حرب الاجتياح وما بعدها.

فبعد أن ساد الانفلات الأمني الذي تبعه انفلات مجتمعي وأخلاقي، وانتشر منطق القوة والعنف، بعد التسريب الممنهج للسلاح، ليصبح في متناول اليد كحبات العلكة، سواء عن طريق البيع، بفتح أسواق لبيع السلاح، أو عن طريق دفع الناس، وخاصة فئة الشباب إلى أماكن التسليح ومخازن السلاح، والتغاضي عن عمليات النهب والسرقة لتلك المخازن، كما حصل في مستودعات جبل حديد.

وتعطيل العمل بالقانون وعدم محاسبة مرتكبي الجرائم، بل وفي أحيان أخرى تكريمهم بمنحهم الرتب والمناصب، للقفز إلى واجهة المجتمع، ليصبحوا ممن يشار إليهم بالبنان، فيكونوا قدوة لكثير من الشباب، للوصول إلى ما وصلوا.

فبعد الانفلات الأمني الذي رافق ثورة الربيع وترك الحبل على الغارب، لنهب وسلب المرافق الحكومية على مرأى ومسمع من الجهات الأمنية والمجتمعية، دون محاسبة منتهكي حرمة المرافق الحكومية، ومن جانب أخر تعامل الأجهزة الأمنية بالعنف مع البعض، وسقوط قتلى وجرحى، وسيل أنهار من الدماء البريئة.

إن من أسباب العنف: الحالة الاقتصادية التي دفعت بالكثير، وخاصة من ضعاف النفوس إلى البحث عما يشبعهم، ولو من حرام، ناهيك عن القلق الذي أصاب كثيرًا من أرباب الأسر، وشغلهم لتوفير لقمة العيش، ما دفعهم للانقطاع فترات طويلة، والبعد عن أسرهم وعدم متابعة أبنائهم ومتابعة سلوكياتهم.

لا يخفى أن العنف وسقوط القتلى والجرحى، وحالة الرعب التي سادت أثناء الحرب المستمرة، وتحول ساحات المعارك والجبهات إلى مصدر للرزق، دفع بالكثير من المواطنين، لاسيما فئة الشباب، للبحث عن مصدر للرزق في ساحات الوغى.

ومن الأسباب تعليق التوظيف الحكومي منذ عقد من السنوات، وانتشار حالة البطالة، التي أثرت على نفسية كثير من الشباب، وأصابتهم بالإحباط والتذمر، والدخول في حالات من الفوضى، للتعبير عن رفضهم للأوضاع الحاصلة، أو دخول بعضهم في حالة من الانطواء، والانغلاق على الذات، وربما الدخول في حالة من الوسوسة القهرية.

لا شك أن عنف الحرب قد انعكس على نفسيات كثير من المواطنين، وتلبسهم بسلوكيات عنف الحرب التي طال أمدها ولم تصبح مبررة.

ومن أسباب العنف عدم الاهتمام بالشباب من قبل الوزارات المختصة، كوزارة الشباب والرياضة، التي حُرموا منها عدا إضافة فئة أعمارهم إلى اسمها.

كما من أسباب العنف أن الجهات المختصة عن مكافحة العنف ومحاسبة مرتكبي العنف غير مؤهلة أخلاقيا وقانونيا، بممارسة الإخلال بالقانون، إلى جانب أسباب كثيرة ومتشعبة. وما ذكر هنا غيض من فيض ليستمر البحث عن الأسباب والمعالجات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى