السلام المعقد في اليمن

> خميس بن عبيد القطيطي:

> رغم حالة التفاؤل التي أعقبت اتفاق بكين بين الرياض وطهران ومدى تأثيرها الإيجابي على ملفات أخرى في المنطقة وخصوصًا الملف اليمني الذي يستكمل سنواته العجاف منذ ثورة 2011م حتى هذه اللحظة، انطلقت الجهود العمانية مجددًا بزيارة الوفد العماني إلى صنعاء التي وصفها المراقبون أنها فرصة سانحة للسلام في اليمن بعد صراع دام استمر عشر سنوات خلف أزمة انسانية متفاقمة في اليمن الشقيق.

الوساطة العمانية كان ينظر إليها المراقبين بشيء من التفاؤل نظرًا لما تحظى به سلطنة عمان من ثقة واحترام من قبل جميع الأطراف باعتبارها نافذة إنسانية ورئة كان يتنفس من خلالها أبناء اليمن طوال السنوات الماضية، كما قامت بأدوار إنسانية جليلة خلال هذه الأزمة، لكن يبدو أن تزمت الخطاب السياسي اليمني وتعقيدات المشهد السياسي ربما ينسف كل الجهود المبذولة من أجل السلام، والعالم ما زال يترقب حتى اللحظة ما ستسفر عنه هذه الوساطة العمانية التي ارتكزت على وقف شامل لإطلاق النار في اليمن وهدنة ما زالت صامدة بمتابعة عمانية مستمرة لكن للأسف الشديد حتى الآن لم يحدث شيء على أرض الواقع فلا العملية الإنسانية مضت قدمًا للأمام لتخفيف المعاناة عن أبناء الشعب اليمني ولا الوساطة وصلت إلى نقطة التوافق للبناء عليها، وللأسف يبرز في المشهد اليمني خطابًا سياسيًا متزمتًا وتعقيدات تمثل العنوان الأبرز في الأزمة.

ما رشح عن زيارة الوفد العماني لم يعلن حتى الآن على أمل إيجاد بصيص من الأمل في سبيل إنجاح هذه الوساطة، ومع كلمات الإشادة بالجهود العمانية إلا أن بعض الإشارات الواردة من اليمن غير مطمئنة بعد توارد بعض التصريحات المتزمتة بأن ما لم يتم الحصول عليه بالحرب لن يتحقق بالسلام وهو خطاب حاد للأسف يصدر من مختلف الفرقاء في الأزمة اليمنية، وهذه المواقف المتزمتة قد تعيد الأزمة إلى مربعها الأول، فهل تنجح السلطنة في اختراق هذا الجمود وإنهاء الأزمة في اليمن؟

ولا شك أن الواقع اليمني يشكله أكثر من 30 مليون مواطن يمني وعدد من القوى السياسية لا يمكن فيه إقصاء أحد أو تجاهل بقية أطراف المعادلة اليمنية، والظروف الدولية الراهنة كلها تقتضي الانصياع لصوت العقل والحكمة لإنهاء هذه المأساة الانسانية التي يعيشها اليمن، وبالتالي فإن تقديم التنازلات اليوم يعتبر تنازلات الشجعان من أجل اليمن وهي تنازلات من موقع قوة إن تمت.

اليوم من هذا المنبر ندعو جميع الاشقاء في اليمن إلى تحكيم الأمانة الوطنية والمسؤولية الشرعية والدينية والإنسانية لتقديم ما يمكن تقديمه من أجل اليمن لإتمام هذه الجهود وإنهاء المأساة التي تعصف باليمن، فلا بد من قبول الآخر وتخفيف حدة الخطاب وتقديم التنازل من أجل الوطن، نرجو عدم افشال هذه الجهود والوساطة بمواقف متزمتة، وهذا الشعب الصابر يستحق من نخبه السياسية تخفيف المعاناة عنه وتحسين ظروفه المعيشية وهذا لن يحدث الا بإدراك هذه المسؤولية التي تضعكم أمام الله والوطن والشعب، لذا نأمل اغتنام فرص السلام التي قد لا تتكرر.

"رأي اليوم" العمانية

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى