> «الأيام» العرب:
تفاوتت ردود فعل شخصيات حقوقية حول الاتجاه نحو فتح الباب مرة أخرى لعودة
المنظمات الأجنبية للعمل في البلاد، بعد أن قاربت المحكمة على غلق قضية
التمويل الأجنبي نهائيا، والتي اتهمت فيها العشرات من المنظمات، ورفع
القرارات المتعلقة بالمنع من السفر أو الوضع على قوائم الانتظار أو التحفظ
على الأموال.
ورأى حقوقيون أن هذا التطور ينطوي على فتح صفحة جديدة من الحكومة في التعامل مع المنظمات الحقوقية ورفع القيود المفروضة عليها، بينما رأى آخرون أنه جاء بعد أن استنفد أغراضه ويرمي إلى تبييض وجه الحكومة في واحد من الملفات الشائكة.
وقررت محكمة استئناف القاهرة، الثلاثاء، حفظ التحقيق مع 75 منظمة من إجمالي 85، فيما أكدت وزارة العدل أن هذا الإجراء يترتب عليه إلغاء جميع قرارات المنع من السفر أو الوضع على قوائم ترقب الوصول في المطارات والموانئ أو التحفظ على الأموال، أما باقي المنظمات العشر فبعضها قيد التحقيق، والبعض الآخر على وشك الانتهاء منه.
وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب” أن غلق قضية المنظمات الأجنبية كان مطلبا ملحا من ممثلي المجتمع المدني وهيئات حقوقية مشاركة في الحوار الوطني قبيل فتح باب النقاش حول المحور الخاص بملف حقوق الإنسان الشهر المقبل، بحيث لا يشكل استمرار فتح هذه القضية عائقا أمام مشاركة أكبر عدد ممكن من ممثلي المجتمع المدني والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
وقالت المصادر ذاتها إن المنظمات الأجنبية العشر التي لا تزال قيد التحقيق سيتم حسم أمرها قبل انطلاق جلسات الحوار الوطني المرتبطة بملف حقوق الإنسان، ومن المحتمل حفظ التحقيق معها لتغلق الحكومة ملف التمويل الأجنبي بشكل كامل وتفتح صفحة جديدة مع قيادات حقوق الإنسان في البلاد.
ومهدت القاهرة لهذه الخطوة بالإفراج عن عدد كبير من النشطاء السياسيين الذين ارتبطت أسماؤهم بالتمويل الأجنبي، وسمحت لبعضهم بالسفر خارج البلاد، بينهم باتريك زكي ومحمد الباقر وعمرو إمام وهيثم محمدين، في محاولة لترضية المعارضة وتأكيد أن مشاركتها في الحوار الوطني مجدية. وتسبب استمرار فتح قضية التمويل الأجنبي منذ عام 2011 في أن يظل تعامل الحكومة المصرية مع المنظمات الحقوقية من منظور أمني صارم، طالما أنها متهمة بمحاولة ضرب الاستقرار والتأثير في الحياة السياسية بشكل سلبي.
وتدرك الحكومة أنها ستواجه منغصات سياسية وحقوقية عندما يُفتح النقاش في جلسات الحوار الوطني حول أوضاع حقوق الإنسان، وبدء تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة، وهي التي تتهم منظمات حقوقية في قضية مفتوحة منذ 12 عاما.
وأكد نجاد البرعي المحامي الحقوقي والخبير في ملف حقوق الإنسان وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني أن اقتراب غلق قضية التمويل الأجنبي نقلة مهمة في ملف حقوق الإنسان، وهناك نية واضحة لدى النظام لإنهاء القضية قبل انطلاق جلسات الملف الحقوقي بالحوار الوطني، ما يتيح مشاركة أكبر عدد من المؤسسات الحقوقية عند فتح باب النقاش قريبا، ودون هذه الخطوة كانت الحكومة ستعاني من ازدواجية موقفها.
ويوحي هذه التحرك بوجود رغبة جادة لغلق الثغرة التي تستثمرها جهات غربية ومنظمات أجنبية وقوى معارضة للضغط على الحكومة بشأن العمل الأهلي، بالتزامن مع جملة تحديات اقتصادية واجتماعية وبدء إجراءات تحديد موعد الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تكون بعض المنظمات الأجنبية شريكة في رقابتها رمزيا.
وما يلفت الانتباه أن الحكم الصادر بشأن تبرئة المنظمات الأجنبية خالف اتهامات سوّقت لها دوائر مصرية سابقا، حول تلقي هذه المنظمات تمويلات مشبوهة، ويشي التطور الجديد بالاعتراف بأن مؤسسات العمل الأهلي تقوم بدور محوري في التنمية ويفترض التعامل معها على هذا الأساس، وليس بحساسية مفرطة في ظل حاجة الحكومة إلى المجتمع المدني ليشارك في إنقاذ شق من الوضع الاقتصادي المتأزم.
ويقول مراقبون إن القاهرة أدركت أن استمرار تقييد حرية المنظمات الحقوقية يجلب المزيد من الخلافات بالتزامن مع زيادة التحديات التي تواجهها الحكومة، وطالما أن هناك قانونا للجمعيات الأهلية توافقت عليه المنظمات المحلية والأجنبية فيجب أن يكون هو الفيصل في العلاقة، لأن استمرار قضية التمويل الأجنبي مفتوحة بلا حسم بالإدانة أو التبرئة سوف يظل نقطة سوداء في ملف مصر الحقوقي.
واستبعد هؤلاء المراقبون الربط بين هذا التحرك ووجود ضغوط خارجية لإنهاء ملف المنظمات الأجنبية، لأن الحكم الصادر بتبرئة 75 منظمة جاء مفاجئا وفي غياب أي تصعيد حقوقي ضد مصر، ولا يعدو الأمر سوى تنسيق بين الحكومة والقضاء لحسم هذا الملف، بالغلق والتبرئة أو الإدانة المثبتة.
وأكد البرعي الذي هو أيضا محامي المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، لـ”العرب”، أن الحكومة المصرية لا تتحرك في ملف المنظمات الأجنبية بناء على ضغوط خارجية، وكل مواقفها مستقلة، لكنها مطالبة بغلق منافذ المنغصات التي تطاردها، بحيث يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورا غير سياسي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر وتنفيذ الخطط الوطنية في هذا الشأن.
وتم تداول قضية التمويل الأجنبي بعد ثورة 25 يناير 2011 وواجه العشرات من الحقوقيين والصحافيين والعاملين في منظمات أهلية محلية وأجنبية اتهامات بالحصول على تمويلات لأغراض سياسية والتحريض على أعمال عنف وتأليب الرأي العام ضد المجلس العسكري الحاكم وقتها، وتم غلق القضية على فترات، الأولى كانت عام 2018 بتبرئة 45 شخصا ومنظمة، والثانية منذ عامين بتبرئة 45 حقوقيا ومنظمة، وهذه المرة الثالثة التي تتم فيها تبرئة 75 منظمة دفعة واحدة.
وأصدرت بعض الدول والمنظمات الحقوقية تقارير انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في مصر وشكّلت حرجا للحكومة أحيانا، وترتّب عليها اتخاذ قرارات وإصدار توصيات بتجميد بعض المساعدات المقدمة لها، وهو ما لم تعد راغبة في تكراره طالما أن ثمة قنوات شرعية ونصوصا قانونية تمثل الفيصل في علاقتها بالمؤسسات الحقوقية.
ويبدو أن الحكومة رأت أن إعادة الملايين من الدولارات التي توقفت بسبب قضية التمويل الأجنبي وكانت مخصصة لمجالات تنموية بفعل انسحاب منظمات حقوقية لن تتحقق إلا بغلق القضية وتوصيل إشارة إيجابية لإقناعها بالعمل مرة أخرى وفق القانون وليس الحسابات السياسية.
وتدعم دوائر رسمية التوجه الخاص بأن تكون هناك مبادرات لفتح المجال أمام المجتمع المدني لممارسة نشاطه التنموي والمجتمعي ليشارك الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية، شريطة الالتزام بثوابت الأمن القومي والقانون. وينقص مرونة الحكومة في خلافها مع المنظمات الأهلية أن تميز بين العمل الحقوقي والتآمر والتخريب والعمل لحساب تنظيمات مثل الإخوان لها أهداف سياسية مريبة.
وتتمسك القاهرة بعدم السماح بانحراف المنظمات الأهلية عن مسارها أو تكون أشبه بأحزاب سياسية تمارس دور المعارضة والرقابة على الحريات، ولن تمانع الحكومة أن تكون علاقتها بالمجتمع المدني قائمة على إشراكها في الجانب التنموي، فيما تصر حكومات غربية على أن يكون محور عمل بعض المنظمات الحقوقية سياسيا.
ورأى حقوقيون أن هذا التطور ينطوي على فتح صفحة جديدة من الحكومة في التعامل مع المنظمات الحقوقية ورفع القيود المفروضة عليها، بينما رأى آخرون أنه جاء بعد أن استنفد أغراضه ويرمي إلى تبييض وجه الحكومة في واحد من الملفات الشائكة.
وقررت محكمة استئناف القاهرة، الثلاثاء، حفظ التحقيق مع 75 منظمة من إجمالي 85، فيما أكدت وزارة العدل أن هذا الإجراء يترتب عليه إلغاء جميع قرارات المنع من السفر أو الوضع على قوائم ترقب الوصول في المطارات والموانئ أو التحفظ على الأموال، أما باقي المنظمات العشر فبعضها قيد التحقيق، والبعض الآخر على وشك الانتهاء منه.
وكشفت مصادر سياسية لـ”العرب” أن غلق قضية المنظمات الأجنبية كان مطلبا ملحا من ممثلي المجتمع المدني وهيئات حقوقية مشاركة في الحوار الوطني قبيل فتح باب النقاش حول المحور الخاص بملف حقوق الإنسان الشهر المقبل، بحيث لا يشكل استمرار فتح هذه القضية عائقا أمام مشاركة أكبر عدد ممكن من ممثلي المجتمع المدني والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان.
وقالت المصادر ذاتها إن المنظمات الأجنبية العشر التي لا تزال قيد التحقيق سيتم حسم أمرها قبل انطلاق جلسات الحوار الوطني المرتبطة بملف حقوق الإنسان، ومن المحتمل حفظ التحقيق معها لتغلق الحكومة ملف التمويل الأجنبي بشكل كامل وتفتح صفحة جديدة مع قيادات حقوق الإنسان في البلاد.
ومهدت القاهرة لهذه الخطوة بالإفراج عن عدد كبير من النشطاء السياسيين الذين ارتبطت أسماؤهم بالتمويل الأجنبي، وسمحت لبعضهم بالسفر خارج البلاد، بينهم باتريك زكي ومحمد الباقر وعمرو إمام وهيثم محمدين، في محاولة لترضية المعارضة وتأكيد أن مشاركتها في الحوار الوطني مجدية. وتسبب استمرار فتح قضية التمويل الأجنبي منذ عام 2011 في أن يظل تعامل الحكومة المصرية مع المنظمات الحقوقية من منظور أمني صارم، طالما أنها متهمة بمحاولة ضرب الاستقرار والتأثير في الحياة السياسية بشكل سلبي.
وتدرك الحكومة أنها ستواجه منغصات سياسية وحقوقية عندما يُفتح النقاش في جلسات الحوار الوطني حول أوضاع حقوق الإنسان، وبدء تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التي أعلنت عنها الدولة، وهي التي تتهم منظمات حقوقية في قضية مفتوحة منذ 12 عاما.
وأكد نجاد البرعي المحامي الحقوقي والخبير في ملف حقوق الإنسان وعضو مجلس أمناء الحوار الوطني أن اقتراب غلق قضية التمويل الأجنبي نقلة مهمة في ملف حقوق الإنسان، وهناك نية واضحة لدى النظام لإنهاء القضية قبل انطلاق جلسات الملف الحقوقي بالحوار الوطني، ما يتيح مشاركة أكبر عدد من المؤسسات الحقوقية عند فتح باب النقاش قريبا، ودون هذه الخطوة كانت الحكومة ستعاني من ازدواجية موقفها.
ويوحي هذه التحرك بوجود رغبة جادة لغلق الثغرة التي تستثمرها جهات غربية ومنظمات أجنبية وقوى معارضة للضغط على الحكومة بشأن العمل الأهلي، بالتزامن مع جملة تحديات اقتصادية واجتماعية وبدء إجراءات تحديد موعد الانتخابات الرئاسية التي من المفترض أن تكون بعض المنظمات الأجنبية شريكة في رقابتها رمزيا.
وما يلفت الانتباه أن الحكم الصادر بشأن تبرئة المنظمات الأجنبية خالف اتهامات سوّقت لها دوائر مصرية سابقا، حول تلقي هذه المنظمات تمويلات مشبوهة، ويشي التطور الجديد بالاعتراف بأن مؤسسات العمل الأهلي تقوم بدور محوري في التنمية ويفترض التعامل معها على هذا الأساس، وليس بحساسية مفرطة في ظل حاجة الحكومة إلى المجتمع المدني ليشارك في إنقاذ شق من الوضع الاقتصادي المتأزم.
ويقول مراقبون إن القاهرة أدركت أن استمرار تقييد حرية المنظمات الحقوقية يجلب المزيد من الخلافات بالتزامن مع زيادة التحديات التي تواجهها الحكومة، وطالما أن هناك قانونا للجمعيات الأهلية توافقت عليه المنظمات المحلية والأجنبية فيجب أن يكون هو الفيصل في العلاقة، لأن استمرار قضية التمويل الأجنبي مفتوحة بلا حسم بالإدانة أو التبرئة سوف يظل نقطة سوداء في ملف مصر الحقوقي.
واستبعد هؤلاء المراقبون الربط بين هذا التحرك ووجود ضغوط خارجية لإنهاء ملف المنظمات الأجنبية، لأن الحكم الصادر بتبرئة 75 منظمة جاء مفاجئا وفي غياب أي تصعيد حقوقي ضد مصر، ولا يعدو الأمر سوى تنسيق بين الحكومة والقضاء لحسم هذا الملف، بالغلق والتبرئة أو الإدانة المثبتة.
وأكد البرعي الذي هو أيضا محامي المتهمين في قضية التمويل الأجنبي، لـ”العرب”، أن الحكومة المصرية لا تتحرك في ملف المنظمات الأجنبية بناء على ضغوط خارجية، وكل مواقفها مستقلة، لكنها مطالبة بغلق منافذ المنغصات التي تطاردها، بحيث يمكن لمنظمات المجتمع المدني أن تلعب دورا غير سياسي لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر وتنفيذ الخطط الوطنية في هذا الشأن.
وتم تداول قضية التمويل الأجنبي بعد ثورة 25 يناير 2011 وواجه العشرات من الحقوقيين والصحافيين والعاملين في منظمات أهلية محلية وأجنبية اتهامات بالحصول على تمويلات لأغراض سياسية والتحريض على أعمال عنف وتأليب الرأي العام ضد المجلس العسكري الحاكم وقتها، وتم غلق القضية على فترات، الأولى كانت عام 2018 بتبرئة 45 شخصا ومنظمة، والثانية منذ عامين بتبرئة 45 حقوقيا ومنظمة، وهذه المرة الثالثة التي تتم فيها تبرئة 75 منظمة دفعة واحدة.
وأصدرت بعض الدول والمنظمات الحقوقية تقارير انتقدت أوضاع حقوق الإنسان في مصر وشكّلت حرجا للحكومة أحيانا، وترتّب عليها اتخاذ قرارات وإصدار توصيات بتجميد بعض المساعدات المقدمة لها، وهو ما لم تعد راغبة في تكراره طالما أن ثمة قنوات شرعية ونصوصا قانونية تمثل الفيصل في علاقتها بالمؤسسات الحقوقية.
ويبدو أن الحكومة رأت أن إعادة الملايين من الدولارات التي توقفت بسبب قضية التمويل الأجنبي وكانت مخصصة لمجالات تنموية بفعل انسحاب منظمات حقوقية لن تتحقق إلا بغلق القضية وتوصيل إشارة إيجابية لإقناعها بالعمل مرة أخرى وفق القانون وليس الحسابات السياسية.
وتدعم دوائر رسمية التوجه الخاص بأن تكون هناك مبادرات لفتح المجال أمام المجتمع المدني لممارسة نشاطه التنموي والمجتمعي ليشارك الحكومة في مواجهة التحديات الاقتصادية، شريطة الالتزام بثوابت الأمن القومي والقانون. وينقص مرونة الحكومة في خلافها مع المنظمات الأهلية أن تميز بين العمل الحقوقي والتآمر والتخريب والعمل لحساب تنظيمات مثل الإخوان لها أهداف سياسية مريبة.
وتتمسك القاهرة بعدم السماح بانحراف المنظمات الأهلية عن مسارها أو تكون أشبه بأحزاب سياسية تمارس دور المعارضة والرقابة على الحريات، ولن تمانع الحكومة أن تكون علاقتها بالمجتمع المدني قائمة على إشراكها في الجانب التنموي، فيما تصر حكومات غربية على أن يكون محور عمل بعض المنظمات الحقوقية سياسيا.