كشف الستار

> تتضارب الآراء وتبعد وتقترب من ملامسة الواقع والوقوف على حقيقة المشكلة العضال التي طال أمدها، ما بين تعليل لأسباب المشكلة، وإرجاع أسباب المشكلة إلى المواطن الذي انقطع عن أداء الواجب في دفع الفواتير، وإن كان هذا هو أدنى الأسباب أهمية في تراكمات المشكلة، لكن حب التنصل عن المسؤولية وإلقاء الأخطاء على الغير والتعلق بأتفه الأسباب لكل من يتمسك بهذا التعليل، مازال الكثير من القطاع الخاص محلات وشركات و الأحياء السكنية، تؤدي ما عليها من دفع الفواتير المضاعفة، والأسعار الخيالية لقيمة الطاقة المستهلكة، في الوقت الذي لا تحصل فيه على الخدمات المنتظمة من الكهرباء.

إن المشكلة الحقيقية هي ما تعيشه البلاد من فساد وسيطرة عصابة من المفسدين في كثير من مرافق الدولة، ذات الصلة بتوليد وتوصيل ومراقبة وإنتاج الطاقة الكهربائية، أرادت أن تحقق أعلى المكاسب الشخصية وزيادة أرصدتها في بنوك الخارج، على حساب تدهور الأوضاع الخدماتية والإنتاجية، التي تعد الطاقة الكهربائية رافدًا من روافد ها.

إن ما يحصل من تهميش لما يسمى محطة الرئيس التي هي من حق الشعب وحده صانع المنجزات، وعدم الاهتمام بإقامة الشبكة التحويلة ليضر بمولدات المحطة وأجهزتها بتحويلها، مع استمرار تهميشها إلى خردة وإطلاق أيدي العابثين باختلاس بعض المعدات وبيعها لأغراض شخصية، وفي ذات الوقت يمتد الضرر إلى المواطن فيحرم من خيرات مكاسب ثورته التي تعد خدمة الكهرباء مكسبًا من مكاسبها.

من جانب آخر صرف ملايين الدولارات على ترميم محطة توليد المنصورة ذات الطاقة الإنتاجية، التي تصل إلى ثلاثين ميجا، وضياع كثير من تلك الملايين وتسربها إلى جيوب بعض القائمين على عملية الترميم. لكن الأولى والأهم استكمال شبكة ما تسمى محطة الرئيس الذي قد تنتج في مراحلها الأولى مائة وعشرين ميجا، وترتفع إنتاجيتها إلى الخمس مئة ميجا، ناهيك عن الترميم العبثي لمحطة الحسوة التي يعلم القائمون عليها عدم جدوى عمليات الترميم، في إنعاش تلك المحطة العجوز الذي لم تعد تستطيع أن تمد من الطاقة الكهربية سوى خمسة عشر ميجا، وأن ما يحصل لها من ترميم هو استنزاف المخصصات بمبالغ خيالية، لو أنفقت في مصارف أخرى لكانت ذات جدوى وفائدة.

أضف إلى ذلك أن ما حصل من تغيير ديموجرافي التركيبة السكانية، متعمد و ممنهج دون أن يسبقه التخطيط ويتبعه التنفيذ للمشاريع الخدمية، التي تستوعب الحاجات للمدن الجديدة، التي اجتاحت مدينة عدن ولحج وأبين بصورة رسمية أو بطرق عشوائية.

تم تأتي الحلول المستعجلة التي لا جدوى منها غير دخول مستفيد آخر في عملية الفساد المستمرة، وهي شركات الطاقة المستأجرة التي انتشرت واستفحلت كشريك في تدمير الطاقة الكهربائية ومحطات الكهرباء العمومية، فقد وصل حال محطة الحسوة البخارية إلى ما وصل إليه، لتصبح وسيلة لاستمرار العجز في الطاقة وسبيلًا لاستنزاف المال العام تحت مسمى الصيانة.

وإلا ما المبرر لاستئجار سفينة توليد الطاقة بملايين الدولارات لمدة ثلاث سنوات، مع استمرار إمدادها بالمازوت، على حساب ميزانية الدولة في الوقت الذي يمكن فيه إنشاء محطة خلال أقل من ثلاث سنوات، وتخدم البلد والمواطن لسنوات طويلة، لكن من أجل استمرار العبث بالمال العام تأتي الحلول الناقصة والحلول غير الواقعية، من أجل إبقاء الباب مفتوحًا أمام العابثين بالمال العام، وتحت مبررات واهية كالصيانة وإسعاف الأوضاع، ويبقى المواطن في دوامة الانقطاع المستمر للطاقة الكهربائية.

إن ما تتعلل به بعض الجهات من الانقطاع المستمر للكهرباء، وتزايد ساعات الانقطاع ليس هو السبب الوحيد والعامل الرئيسي في عملية التدهور لخدمة الكهرباء، فالسبب الحقيقي والمشكلة الرئيسية هي العجز في محطات التوليد، حيث أن معدلات إنتاج الطاقة تصل إلى ثلاثمائة ميجا، في الوقت الذي تحتاج المدن المستفيدة من إنتاج الطاقة إلى أكثر من ستمئة ميجا.

لهذا كان حريًا بالجهات المسؤولة أن تفصح عن حقيقة العجز في إنتاج الطاقة، لا أن تترك الباب للمنجمين يقدرون الوضع، ولتضع المواطن على الحقيقة المرة حتى لا تنفلت الأوضاع، ويصل الغضب الشعبي إلى ما وصل إليه اليوم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى