الحصبة تفتك بأطفال اليمن

> «الأيام» الأناضول:

>
 في قطاع صحي منهك من جرّاء تداعيات حرب اندلعت قبل نحو تسعة أعوام، يواصل اليمن مواجهة مرض الحصبة الذي أودى بحياة مئات الأطفال في خلال أشهر فقط.

وشهد عام 2023 حتى الآن ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن الحصبة، الأمر الذي دفع السلطات الحكومية إلى إطلاق حملة تحصين واسعة ضد المرض في 13 محافظة، بدعم من منظمتَي الصحة العالمية والأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي).

والحملة التي انطلقت في 23 سبتمبر الجاري لتزويد العدد الأكبر من الأطفال باللقاحات، امتدّت على ستة أيام، واستهدفت أكثر من مليون و267 ألف طفل تراوح أعمارهم ما بين ستّة أشهر وخمسة أعوام.

والحصبة مرض فيروسي شديد العدوى ينتشر بسهولة في الأماكن المكتظة بالسكان، ويؤثّر في الغالب على الأطفال دون الخامسة، بحسب منظمة أطباء بلا حدود. ويُعَدّ هذا المرض خطرًا خصوصًا على الأشخاص الذين يعانون في الأساس من مشكلات صحية، وعلى الرغم من أنّه قد يكون مميتًا، فإنّ الوقاية منه ممكنة من خلال اللقاحات.
  • صراع مع الأمراض
عبد الله إسماعيل يسكن في مدينة تعز (جنوب غرب)، الواقعة تحت سلطة الحكومة، يقول لوكالة الأناضول: "أولادي يتعرّضون لإصابات متكرّرة بأمراض مثل الحصبة والطفح الجلدي وسوء التغذية"، ويشير إلى أنّ أحدهم "لم يفقد حياته (من جرّاء إصابة بالحصبة) في ظلّ الوضع الصحي المتدهور، وهذا ما أسعدنا على الرغم من الهمّ الذي عشناه في أثناء مرضه".

ويرى إسماعيل أنّ "الوضعَين المعيشي والصحي المتدهورَين في كلّ أنحاء اليمن انعكسا سلبًا على الواقع الصحي لمختلف شرائح المجتمع، خصوصًا الأطفال".

ويؤكد الطبيب محمد الجلال من تعز انتشار الحصبة بصورة كبيرة، قائلًا إنّ "الوضع صار كارثيًا نظرًا لازدياد الإصابات". يضيف متحدثًا لوكالة الأناضول أنّ من أبرز أسباب انتشار الحصبة هو عدم تحصين أطفال كثيرين، معيدًا ذلك إلى "شائعات" رضخت لها أسر كثيرة بسبب "الجهل الصحي".

ويشير الجلال أيضًا إلى أنّ "للقاحات آثارًا جانبية مؤقّتة مثل الألم والحمّى، الأمر الذي يدفع آباء وأمهات إلى العزوف عن تحصين أطفالهم خوفًا من هذه الأعراض، على الرغم من أنّها طبيعية ولا تسبّب أيّ مخاطر صحية".

ويوضح الجلال أنّه "كلما ازداد عدد الأطفال الذين لا يتلقّون اللقاح، يسهل نشوء شبكات عدوى بين غير المحصّنين، الأمر الذي يؤدّي إلى انتشار المرض"، ويصف الوضع بأنّه "معقّد"، داعيًا السكان إلى الانتباه والوعي لحماية أطفالهم من الأمراض، بما فيها الحصبة.
  • عزوف عن التحصين
وفي بلد يواجه إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، يستمرّ مرض الحصبة في الانتشار، وسط مساعٍ محلية وأممية للحدّ منه وسط الواقع الصحي المتدهور.

يقول نائب مدير الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في تعز تيسير السامعي إنّ "مرض الحصبة يواصل الانتشار في المحافظة، خصوصًا في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين". يضيف متحدثًا لوكالة الأناضول أنّه "منذ مطلع العام الجاري، رُصدت 48 وفاة بين الأطفال في تعز من جرّاء إصابتهم بالحصبة، بالإضافة إلى تسجيل أكثر من ألفَي إصابة، من بين مئات الوفيات وآلاف الإصابات على مستوى اليمن".

ويلفت السامعي إلى أنّ أبرز أسباب انتشار الحصبة هو "الجهل بأهمية التحصين"، الأمر الذي يجعل أسرًا كثيرة تعزف عن تزويد أطفالها باللقاحات خشية تعرّضهم لأعراض جانبية طبيعية. من هنا، يحثّ السامعي الأسر على تحصين أطفالها في المراكز الطبية ضدّ الحصبة، "حفاظا على حياتهم".
  • مئات الوفيات  
في نهاية أغسطس الماضي، كشفت منظمة الصحة العالمية أنّه "منذ يناير حتى نهاية يوليو من عام 2023، بلغ عدد الحالات المشتبه في إصابتها بالحصبة والحصبة الألمانية في اليمن نحو 34 ألفًا و300 حالة، من بينها 413 وفاة"، مقارنة بـ27 ألف إصابة و220 وفاة في عام 2022.

وأعربت عن قلقها من زيادة الحالات هذا العام، وعزت الأمر إلى التدهور الاقتصادي وانخفاض الدخل والنزوح والظروف المعيشية والاكتظاظ في المخيمات، إلى جانب نظام صحي مرهق وانخفاض معدلات التحصين، في ظلّ انعدام القدرة على الوصول إلى عدد كبير من الأطفال في خلال حملات التحصين الروتيني.

من جهتها، أفادت منظمة أطباء بلا حدود، في تقرير أصدرته في أغسطس الماضي، بأنّه "على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، ارتفع بصورة كبيرة عدد الأطفال المصابين بالحصبة، والذين أُدخلوا إلى المستشفيات التي تدعمها المنظمة في اليمن".

وأوضحت أنّه "في النصف الأول من عام 2023 فقط، سجّلت فرقنا ارتفاعًا في عدد مرضى الحصبة بلغ ثلاثة أضعاف ما كان في عام 2022 بأكمله، إذ تمّ استقبال وعلاج أربعة آلاف مصاب بالحصبة في مختلف أنحاء البلاد".

وشدّدت منظمة أطباء بلا حدود على أنّ "ما يزيد الأمر سوءًا هو عدم توفّر حملات تحصين، ومحدودية مرافق الرعاية الصحية العامة التي تعمل بفعالية وميسورة الكلفة، الأمر الذي يجبر الناس على السفر إلى أماكن أبعد للحصول على العلاج اللازم".
وبسبب تداعيات الصراع، يعاني القطاع الصحي في اليمن من تدهور كبير ومن نقص حاد في المعدات الطبية والأدوية، الأمر الذي يؤدّي إلى انتشار الأوبئة والأمراض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى